الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشفافية.. وإغلاق الحكومة!

5 يناير 2015 23:18
في عام 2014، أطلق مفكرون كبار تصريحاً مفاجئاً يفيد بأن الأسلوب الذي تم اعتماده لإعادة فتح الدوائر الحكومية والطريقة المتبعة لتحقيق شفافية الأداء التشريعي، يستحقان الشجب والإدانة لأنهما يقفان الآن وراء الإغلاق غير المنظور للحكومة. ونحن، باعتبارنا من دعاة الشفافية في العمل الحكومي والتشريعي، لم يحدث أبداً أن باركنا إعادة فتح الدوائر الحكومية وفق الطريقة التي تم اتباعها. وعلى التوازي مع الجدل الدائر حول تسريب تقرير التعذيب من ملفات وكالة المخابرات المركزية الأميركية، اتضح أن هذه الوكالة اقترحت منع موظفيها وعملائها بشكل كامل من استخدام البريد الإلكتروني، وإتلاف كافة الأدلة والوثائق الخطيرة التي تتعلق بأدائها الخارج عن القانون. وهذا دليل قوي على أن تحقيق الشفافية الفعّالة لا يمكن أن يتم من دون كفاح مرير. وقد سبق للمحلل المتخصص بسياسات الحكومة «جاسون جروميت» أن زعم أن الشفافية هي بحد ذاتها التي تقوّض الأسس التي قامت عليها ديموقراطيتنا في أميركا. وأشار إلى أن حل مشكلة إغلاق الحكومة بات يتطلب الآن إعادة النظر في طريقة ممارسة الشفافية وأسلوب تطبيق الإصلاحات المتعلقة بالمحاسبة المالية لها. وما من أحد على الإطلاق يمكنه أن يزعم الآن أن الكونجرس هو في حالة إغلاق حقيقية، إلا أن «قانون حرية تناقل المعلومات» بالإضافة إلى معظم الإجراءات الإصلاحية التي أعقبت «فضيحة ووترجيت» لا يبدو أنها تطبّق فعلياً على الكونجرس، ولا يوجد ثمة قانون يحظر النقاش الخاص «غير العلني» بين النواب والشيوخ. ويعتقد «جروميت» أن القواعد المعتمدة في ممارسة الشفافية هي التي قوّضت الأسس والقواعد التي يقوم عليها الحوار البنّاء ضمن الجهاز التنفيذي أيضاً وليس التشريعي فحسب. وفيما يبدو بوضوح أن معظم القوانين التي تم تشريعها بعد فضيحة «ووترجيت» تحتاج إلى تحديث، ولكنها ليست هي التي تعطل عمل الحكومة، ولا تقف وراء منع المسؤولين الحكوميين من إطلاق الحوارات البناءة. وفي عام 2013، تم تسجيل 81752 عملية نقاش داخل الكونجرس فيما كانت المعلومات المتعلقة بالكيان التنفيذي للدولة محجوبة عن الصحفيين وعامة الناس. وهذا يعني بكلمة أخرى، أن المشكلة تكمن في أن «الكثير جداً» وليس «القليل» من القرارات كان يتم اتخاذها بشكل سرّي. ويرى الخبيران «دافيد فروم» و«جوناثان روش» أن الكاميرات المنصوبة في قاعات وأروقة الكونجرس أصبحت جزءاً من المشكلة، إلا أن حقيقة الأمر هي أن تلك الكاميرات تم زرعها في مجلس الشيوخ عام 1979، وتلك التي توجد في مجلس النواب تم زرعها إلى عام 1986 من دون أن تتسبب جميعاً في تأثيرات سلبية على مستوى الإنتاجية التشريعية. وقد يكون هذا صحيحاً، إلا أن «الإنتاجية التشريعية» لم تهبط إلى حضيضها إلا في عام 2011 عندما راح أعضاء «جماعة حفلة الشاي» يلوحون بقبعاتهم البيضاء. وهذا يعني أنه لا يمكن أن تلقي اللوم كله على طريقة ممارسة الشفافية. وتتفق آراء أكاديميين ومنظّرين كبار من أمثال «فرانسيس فوكوياما» على أن السياسيين يحتاجون أيضاً إلى الخصوصية والتحفظ والحذر والعمل في الكواليس حتى يتمكنوا من إنجاز الأعمال الحكومية المنوطة بهم. ويطالب منتقدون آخرون من أمثال «روش» بالعودة إلى أيام الغرف العابقة في دخان السجائر من أجل دفع عجلات الحكومة إلى الدوران. إننا لسنا شديدي التعصب للشفافية. ولا يجوز أن يكون كل ما تفعله الحكومة أو الكونجرس مكشوفاً على العيان، بل يجب توفير المكان المتسع أيضاً لإطلاق الحوارات والنقاشات الخاصة. وهذا يعني أن المشكلة لا تكمن في غياب الشفافية، بل في أن البيئة السياسية المريضة أصبحت تعاقب كل أولئك الذين يحاولون التعاون فيما بينهم لأداء العمل بطريقة سليمة. ولو أن الأمر يتعلق بالمحاسبة المالية للحكومة، فسيكون من المصلحة الملحّة للأمة أن نسمح لوسائل الإعلام والمجموعات والوكالات غير الربحية وعامة الناس بالاطلاع على طبيعة عمل أصحاب القرار وتحليل الإجراءات التي يتخذونها بهذا الشأن. وبدلاً من إلقاء اللوم على الشفافية لتبرير المشاكل التي نواجهها اليوم، علينا أن ننظر بإمعان إلى عوامل أخرى مثل دور الأحزاب السياسية والقيادة التي تسيّر شؤون الكونجرس والصحافة والمواقع الاجتماعية. وكل هذه الجهات عانت أشد المعاناة من إغلاق الحكومة. جاري باسن، ودانييلا برايان، ونورمان آيسن * محللون سياسيون أميركيون ينشر بترتيب خاص مع خدمة «بلومبيرج نيوز سرفيس وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©