الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لغة المعارك الخاسرة

لغة المعارك الخاسرة
12 مايو 2009 02:03
يحق للعربي التمتع بلذة التذمر والشكوى من العديد من الأشياء والممارسات والظروف التي نقلته قسراً من وسط دفتر التاريخ الى هامشه، لا بل انه مهدد بالطرد المبرح من الهامشي ايضا...(حتى الهامش صرنا عالة عليه)... ويحق للعربي رثاء نفسه كما يريد، وهجاء الآخرين كما يشتهي... ويحق له ويحق له ويحق له.. لكن لا يحق للعربي على الإطلاق ان يشكو من قصور لغته عن التعبير وملاحقة العصر والزمان والمكان، ومقدوس الباذنجان. سواء اعترف العربي ام لا يعترف، فهو يحظى بلغة قريبة من الاكتمال. إنها لغة رائعة... اذا احببت فإنك تستطيع ان تعبر عن حبك من (قلب ورب)، وإذا كرهت تستطيع ان تعبر عن كرهك من قلب ورب، واذا رثيت أحداً تستطيع ان تعبر عن تفجعك ومدى حزنك من قلب ورب... وكذلك يحصل ان هجوت او مدحت او تشببت او تفاخرت...!! قلنا التفاخر؟! انها الاروع بلا منازع، في هذا المجال خص نص. وأعجب كيف لا تستعيرها شعوب العالم في اقاصي المعمورة للتفاخر والتباهي وممارسة العجرفة واظهار المنافس الحامضة..الإ اذا كانوا لا يأبهون بالتفاخر كما نأبه نحن، وهذا عيب.. عليهم وليس علينا، وفيهم وليس فينا. أما الأعداء... فإنَّ لغتنا العربية تفش غلّـنا بهم، وتسمح لنا بتهزيئهم، ومسح الأرض بهم، ولعن سنسفيل أبو اللي عقبهم، دون أن يستطيعوا رد المسبة والشتيمة، فلغتهم لا تسعفهم في هذا المجال. ولا شك اننا نستخدم الكثير من التشبيهات الضمنية ولغة السوف وأخواتها، و(لا بد) وبنات عمها، حتى ننكد عليهم عيشتهم، ونحرمهم من لذة فوزهم علينا واحتلال اراضينا دون أن نفعل شيئا. لا طبعا لا ننسى للغة العربية فضل ان جعلتنا نملأ البحر سفينا، في ذات الوقت ندوخ فيه عندما ننظر في كباية الشاي، كما اتاحت للرضيع العربي (ابو البامبرز ما غيره) ان (تخر) له الجبابر ساجدينا... ونحن أنظر الناس عودا وكمنجة... وافصح الناس لساناً ومخاً ونخاعات...الخ الخ ...الخ فاليسا. انها لغة كاملة مكملة، ونحن نجيد استغلالها واستنباط التعابير والصور البيانية والألفاظ البديعية التي(لا تخر منها المية) ولا شوربة الهيطلية ... ونبتكر كل فترة مجموعات من المصفوفات اللغوية التي تتناسب وطبيعة المرحلة، وتعطينا القدرة الدائمة على تحقير الأعداء.... والأصدقاء، ان أردنا. لغتنا رائعة وعبقرية، لكننا نعاني معها من مشكلة واحدة وبسيطة... وهي انها لغة مكتملة اكثر مما ينبغي، لدرجة اننا نستطيع ان نقول كل ما نريد قوله في الحب والحرب والسلم وفي جميع الأوضاع.. بعدها نكتفي ولا نشعر بالحاجة الى القيام بأي فعل حقيقي، لدحر الأعداء.. فنحن نشعر اننا قد دحرناهم وهزمناهم في مجال اللغة ولا داعي للتنكيل بهم. هذه مشكلتنا البسيطة مع لغتنا... فهل لها حل؟ يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©