الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

«صوت الإنسانية».. العزلة والأنانية في زمن التقنيات الحديثة

«صوت الإنسانية».. العزلة والأنانية في زمن التقنيات الحديثة
6 مارس 2018 00:25
السيد حسن (الفجيرة) كل شيء في حياتنا أصبح بارداً، حتى الحب في القلوب، أضحى قطعة ثلج في الفؤاد، وعندما يكون كل شيء متاحاً وبكبسة زر، هنا تضيع المشاعر وتبرد وتتجمد، وفي الحب، لا بد من أشواق تولد في أحضان البين، حنين يصعد ويهبط، ومن الفراق يولد الشوق والتشوق، وتعلو قيمة الحب والمحبوب. ضاعت تلك المشاعر النبيلة في زحمة التقنيات الحديثة بكل ألوانها، إذ يمكنك أن ترى حبيبتك بكبسة زر في هاتفك، ويمكنك أن تخاطبها وتراها على مدار الساعة بفضل التكنولوجيا الجديدة، وقد أضاعت داخلنا القيمة والمعنى، وأزاحت الستار عن عصر بارد المشاعر، عصر فيه شعرت الأسر بالتشتت والوحدة، حتى لو كانوا جميعاً يجلسون في غرفة واحدة. هذا هو المغزى الرئيس لنص مونودراما «صوت الإنسانية» لدولة منغوليا، من تأليف جين كوكتو وإخراج مورولدي ميياغمار، وأداء الممثلة دوريديريم أويونزول. والذي عرض في ختام عروض مهرجان الفجيرة الدولي للفنون، ضمن الفعاليات المسرحية للمونودراما. العمل.. نص إنساني يخص الجميع، لا يتوقف على بقعة محددة من الأرض، ولا يخص شخصية بعينها، إنها مشكلة البشر الحالية والمستمرة، تلك الانعزالية التي فرضت على البشر من التقنيات الحديثة، والتي خلقت منها هياكل عظمية تمشي على أديم الأرض بلا هدي. وعلى الرغم من شمول الفكرة في النص، فإن المؤلف طرحها بشكل شخصي، لسيدة اختزلت حياتها في التواصل عبر قنوات التواصل الاجتماعي، فضاع منها خلسة هذا الحب وتلك المشاعر الجياشة مع حبيبها، وحالها حال الكثير من البشر. هي تنعي مشاعرها، بينما في الحقيقة تنعي المشاعر البشرية بكاملها، وقد أدت تلك العزلة والانفرادية الموحشة بالكثيرين إلى الانتحار، فلا شيء يملكونه من أحاسيس ومشاعر تجعلهم يتمسكون بالدنيا وبالآخرين. النص في حد ذاته جيد، ويلعب على تلك المسافة الموجودة لدى أغلبية البشر، فلا أحد ناجٍ من تلك المعضلة، الكل يقع فيها، والكل مشغول بهاتفه وموقعه عن الآخر، حياة مليئة بالضجيج وإن كانت قد بدت باردة وماسخة إلى حد البغض. المخرج اشتغل على تلك المشاعر الإنسانية، وقد استغل كافة المساحات في فضاء المسرح، سيما مساحة الوجه وتعبيراته وإرهاصاته وأناته، مساحات الفرح والحزن، الأمل واليأس، النور المشرق، والظلام الحالك الظلمة، الحب والكره، القرب والبعد، الفتور والاشتياق. مفردات غاية في الإنسانية، بدت على وجه مؤدية العرض، فشعرنا بها تقترب من شغاف القلوب، تسعى حثيثاً لإيصال نبضها وآلامها وفكرتها، وقد شعرت أنني أمام فارتر للأديب والمفكر الألماني جوته في روايته الشهيرة «آلام فارتر» وإن اختلفت الفكرة في تقنيتها الحديثة. عموماً.. العمل نص رائع لمخرج مبدع وأداء أكثر من رائع لفنانة تعلم علم اليقين أنها تجسد شخصية مونودرامية في نص مونودرامي متقن الصنع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©