الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أم علي تاجرة منزلية زبائنها الأطفال

أم علي تاجرة منزلية زبائنها الأطفال
18 فبراير 2011 21:20
(الشارقة) - منذ أن كانت صغيرة تلعب بقرب أمها، اعتادت أن تحفظ بحواسها طعم المأكولات والحلوى، وتسمع أصوات صويحبات الطفولة، وتشم رائحة الطهي والعطور والبخور الذي يعبق في المكان، وتنتظر كل يوم مفاجآت جديدة يأتي بها الغد، ولذلك هي تحب كل ما له علاقة بالماضي، فقط كانت محبة ووفية لطفولتها وصديقاتها، ولذلك كانت كلما تكبر تجد أن ذاكرتها تضيء جمرات الشوق والمحبة، إلى ذلك الزمن الذي ربما يحن كل بالغ أن يتوقف العمر عنده ولا يكبر. خديجة التي يعرفها كل أهالي الحمرية بالشارقة، تكنّى بأم علي وقد كبرت خديجة وأصبحت أماً لكل صغار الحي، وليس لأطفالها فقط. اعتادت «أم علي» دخول وخروج الأطفال الى منزلها لشراء الحلوى، والعصائر والمشروبات اللذيذة، وقد توجهت الى هذا النوع من التجارة حتى لا تفقد تلك الصور التي بنت لها مكان في وجدناها. تقول «أم علي» إنها كانت تسعد وهي صغيرة بالتوجه وحيدة أو مع صديقات الطفولة لشراء الحلوى وكان مشهد تلاقي الأطفال في الخروج والدخول للشراء، يتكرر في أحيان كثيرة في بعض الأيام عند الظهر، لأن الأهالي لم يكونوا ليسمحوا لأبنائهم في الخروج عند القايلة أو القيولة. لكن بعد صلاة العصر كانت الأمهات يجلسن في أماكن خارج البيوت في مجموعات، وكل الفتيات والصبية يخرجون جميعاً للعب، ولذلك كان هناك شبه تنافس على عملية الشراء، وبقيت تلك الذكريات حية وعبقة برائحة حلويات الأطفال القديمة، مثل الصبيعات والشاكليت والبرميت وهي أنواع من الملبس والتوفي. قديماً وفي كل منطقة كانت توجد سيدات مختصصات في بيع النخي والفول السوداني واليقط، كما كانت هناك سيدات يصنعن مايعرف ب «كل وأسكت» وهي نوع من الكراميل المحروق، وبعد ذلك دخل العلك بنكهات لم تعد موجودة اليوم، وأيضاً كانت هناك ميزة للشاكليت والبرميت وهو الروائح الذيذة. لهذا عندما بدأت النساء مشاريع صغيرة كأسر منتجة توجهت خديجة لتجارة حلوى الأطفال والمشروبات، الى جانب بعض المشروبات الشعبية وهي عبارة عن مياه مقطرة لأعشاب كانت معروفة منذ قديم الزمان مثل المردقوش والزموتا، إلى جانب رقائق البطاطا والذرة التي يحبها الأطفال، وتعد وجبة سريعة وهم خارج المنزل. شاركت أم علي في عدة مهرجانات خلال مناسبات مختلفة، وفي كل مشاركة كانت تجد الأطفال يحيطون بها خلال فترة المعرض أو الفعاليات، ولكن في الأيام الممطرة ربما كل المشاركين يتركون المكان بسبب عدم وجود زوار، وفي الأيام العاصفة بالأتربة والشديدة البرودة لا يأتي الكثير من الأطفال، خوفاً عليهم من من التقاط لفحة برد. تحلم أم علي أن يكون هناك المزيد من المهرجانات والمعارض، وفي ذات الوقت أن يكون المكان مناسباً، ويوفر الحماية للمشاركين والزوار الذين يأتون لقضاء وقت ممتع، ورغم أن بعض الأيام لا تبيع خلالها أم علي شيئا من الحلوى لأن أحبابها من الأطفال لا يأتون، إلا أنها تحاول أن يكون لها في بعض المشاركات مكان لعرض المنتجات التراثية، سواء المنسوجات أو الفخاريات أو المنتجات السعفية وهي ليست للبيع وإنما للعرض. طلبت خديجة تأسيس وبناء محال ثابتة وخاصة بالسيدات من الأسر المنتجة، خاصة من لديهن أسر يعملن على إعالتها، أو هن بأنفسهن ليس لديهن عائل ولذلك فإن مساعدتها لتعيل نفسها شرف لها وحماية من جور الزمن، حين لا تجد المرأة أحدا يمد اليها يد العون. قالت أم علي إن عمل أية سيدة يساهم في دعم اقتصاد الدولة، ولذلك ليس بكثير أن يتم منح السيدات محال بأسعار رمزية جداً، لأن ذلك يجعلها تتمكن من توفير مبالغ تستغلها في شراء البضاعة أو إنتاجها، وكل مشاركة اليوم ربما لا تؤتي الربح المنتظر، لكنها مشاركات تعمل على تعريف المتسوق على الأسرة المنتجة. ذكرت أن الكثير من الأمهات أتيحت لهن الفرص التشجيعية للإنتاج، وذلك أدى إلى أن تعيش الأسرة من خلال التجارة الصغيرة، والناتج كان يستخدم في الإنفاق على الأبناء خلال مراحل تعليمهم، دون الحاجة إلى أحد لأن المبالغ التي تمنح من الشؤون الاجتماعية لا تفي في هذا الزمن بكل المتطلبات، فالغلاء يستحوذ على معظم الدخل، ولا يتبقى مايذكر للإدخار، تطالب الأمهات والسيدات بالدعم الذي يعين على العيش بكرامة، وأن تكون هناك سيطرة على الأسعار. رغم كل ذلك تعيش أم علي بانتظار صوت الأطفال الذين يبحثون عنها في المعارض والمهرجانات، وتنتظر دخولهم عليها حين تكون مشاركة في منطقتها بالحمرية بالشارقة، وهي تحرص على مزج المكون الحديث مع التراثي لترضي الأذواق، وتجد أن الآباء والأمهات أيضا زبائن دائمون، يأتون للبحث عن الحلوى والمشروبات ليقدموها هدايا تشجيعية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©