الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الطب «الأمومي» علاج سريع وغريزي دون أضرار جانبية

الطب «الأمومي» علاج سريع وغريزي دون أضرار جانبية
18 فبراير 2011 21:20
النساء ممرضات بالفطرة، هكذا تشاء لهن الظروف لتدفعهن إلى تطبيب الجروح والإصابات البسيطة العاجلة التي لا تستلزم تدخلا طبيا، بل إن بعضهن بلغت بهن الجرأة إلى أكثر من ذلك فأصبحن يزاولن بعض المهام التي يمارسها الأطباء، دون الحاجة إلى أخذ دورات في التمريض أو دراسة الطب أو حتى إكمال تعليمهن المدرسي. (أبوظبي) - تتخذ أمهات من بعض المواد المنزلية أدوات أولية لعلاج بعض الجروح والرضوض والإصابات المفاجئة التي تحدث لأبنائهن، وكذلك للمساهمة في علاج بعض الأمراض التي تتكرر أعراضها خلال العام الواحد، كالإصابة بالرشح والانفلونزا والحمى، من خلال الاستعانة بما يوجد لديها في المطبخ من أعشاب ومشروبات ومأكولات، أو بعض الأدوات البسيطة المخبأة في الأدراج. وتختلف هذه المواد الأولية باختلاف مدن الوطن العربي الكبير، بحسب البيئة والعادات والتقاليد التي تسكن هذه المنطقة أو تلك، وقد تتشابه إلى حدّ بعيد، كما توضح المعلومات الواردة في هذا التحقيق، غير أنها تصبّ كلها لصالح ذات الهدف، وهو وجود هذا الطب أو تلك الطريقة من الاستطباب لدى غالبية النساء ولا سيما العربيات، والتي تم توارثها من الجدات إلى الأمهات ومن المؤكد أنها سوف تنتقل إلى بناتهن فيما بعد. طب غريزي تؤكد المواطنة أم محمد، وهي أم ستينية، أنها تكونت لديها خبرات عميقة في مجال الطب “الأمومي” أو الشعبي اكتسبته من خلال حياتها الحافلة بإنجاب الأبناء- يبلغ عددهم 7-وتربيتهم، ففي هذه الفترة تعلّمت هذه المرأة أن ليس كل ما يؤلم الابن يحتاج إلى تدخل الطبيب، وأن المطبخ على وجه الخصوص يحتوي على صيدلية كاملة يمكن لها أن تعالج أصعب الأمراض. تضيف أم محمد، ومن الطرق التي كنا نستخدمها فيما مضى في علاج الكدمات والرضوض، وهي إصابات شائعة لدى الأولاد من جراء اللعب الكثير، هي استخدام الكركم مع الملح والماء، وخلطها جيدا ثم تسخينها على النار، ووضعها في كمّادة ولفّها على المكان المصاب، ما يؤدي إلى تخفيف الإصابة وشفاء “الرضّة” بصورة سريعة. إلى ذلك، تواصل بالقول، إن استخدام الأعشاب ما يزال شائعا لدى نسبة كبيرة من الأمهات إذ يفضلنه على العقاقير والأدوية الطبية، ومثال ذلك استخدام أعشاب كالكمون واليانسون وغيرها في علاج المغص لا سيما لدى الأطفال، فيما يستخدم زيت الزيتون في علاج العديد من الأمراض الجلدية ورفع “البلاعيم” في حال احتقانها، كذلك ثمة اعتماد كبير على استخدام التمر ليس كغذاء وحسب، وإنما كعلاج للعديد من الوعكات والإصابات التي يمكن تخفيفها بفرك الضربات به بعد تسخينه. “صُرر” الأعشاب من جهتها تورد، فاطمة محمد يوسف، بعض الطرق التي تعلمتها من بيئتها الفلسطينية في تطبيب أبنائها الثمانية أثناء طفولتهم، قائلة: “لم أولد ممرضة ولست طبيبة، لكن تجربتي في الحياة ومع الأبناء علّمتني اللجوء إلى طرق شعبية للاستطباب وعلاج العديد من الأمراض والأعراض بسرعة دون اللجوء إلى عيادات الأطباء، فكنت بعد الولادة أقوم بعمل “صُرر” من الأعشاب، كالشومر واليانسون والمحلب والسكر الفضي، ألفّها في “شاش” طبي وأجعل طفلي يلعقها، وهذه الطريقة تساعد الطفل على التخلّص من الغازات وتشفيه من المغص الذي يرافق المواليد الجدد، أما لعلاج المغص عند الكبار فكنت أغلي نبتة الميرمية الموجودة في مطبخنا على الدوام، فهي من جهة منكهة لمشروب الشاي ومن جهة أخرى علاج ناجع للمغص ومحرّض جيد على “الطلق” والولادة الطبيعية بالنسبة للنساء، وفيما يتعلق بزيت الزيتون، وهو موجود بكثرة في بيئة بلاد الشام، فكنت أستخدمه في علاج العديد من الأمراض سواء عن طريق الشرب أو عن طريق الدهن، ومن أشهر الوصفات في استخدامه وضعه مع الملح على مكان الرضوض والإصابات مباشرة بعد تلقيها، إذ تحول دون ترك أثر على المكان المصاب”. بدورها قالت لطيفة حسن، إنه على الرغم من تواجد الطب الحديث في بلدها اليمن وتوفر المستحضرات الطبية المصنعة هناك، إلا أن العلاج الشعبي يعتبر من الظواهر العريقة والمنتشرة بكثرة في البلاد إذ يحقق نتائج سريعة دون أن يخلّف آثارا جانبية مع إمكانية الحصول عليه بسهولة، ما يجعله الخيار الأول للأم في تطبيب وعلاج أبنائها في الحالات البسيطة. وأضافت لطيفة إن العسل اليمني الشهير، هو أولى الوصفات التي نلجأ إليها وأكثرها شيوعا على الإطلاق، إذ يستخدم في علاج الكثير من الإصابات كالمغص والصداع والصداع النصفي “الشقيقة” وكذلك كمقوي عام للجسم وأيضا للدم، فضلا عن استخدام أعشاب موجودة في البيئة اليمنية مثل السدر الذي يستخدم في العلاجات البدنية والتجميلية أيضا كعلاج البشرة من آثار الحب وإيقاف تساقط الشعر، وفي العلاج من العين والحسد وهي أمراض لا يعترف بها الطب الحديث، لكن واقع الحال يؤكد وجودها كحقيقة واقعة. لافتة إلى أنها تقوم باستخدام هذه الوصفات لأبنائها وتعلمّها في نفس الوقت لبناتها المقبلات على الزواج. عدم وجود طبيب ومن جهة أخرى فقد أشارت أسماء نواف، وهي أم لأربعة أبناء، إلى صعوبة اصطحاب الأطفال إلى الطبيب في كلّ وقت، وذلك لكثرة الأمراض التي يصابون بها، وكذلك بسبب الحاجة لذلك في أوقات لا يكون فيها الطبيب متوفرا وخاصة في منتصف الليل، حيث ترتفع درجات حرارة الأطفال عنها يكون من الأفضل سرعة التصرف داخل البيت لحين توفر الطبيب. وتضيف أسماء: “تعلّمت من والدتي عدة طرق وأساليب لعلاج الإصابات دون اللّجوء إلى عيادات الأطباء، كمداواة الجروح وخاصة الرأس، وذلك بوضع مسحوق القهوة على مكان الجرح الأمر الذي يسرّع في علاجه، وكذلك استخدام معجون الأسنان في علاج الحروق بوضعه على مكان الحرق مباشرة”. العلاج بطريق عشوائية له مخاطر كثيرة يلقى هذا الطب الأمومي أو الغريزي الذي يولد مع المرأة بمجرد ولادتها لأول طفل، ترحيبا وتشجيعا من قبل “العطارين” أو بائعي الأعشاب كونه يساهم في رواج تجارتهم ويحقق لهم الأرباح، وفي هذا السياق يفيد أحد “العطارين”، فضل عدم ذكر اسمه، أن لكل منطقة في العالم نباتاتها وأعشابها المتميزة، والتي تعالج أمراضا معينة، مؤكدا أن العديد من الزبائن ولا سيما السيدات يقبلن على شراء أنواع من الأعشاب لعلاج الكثير من الأمراض، سواء النسائية أو الخاصة بالأطفال كالمغص والصداع وغيرها من الأعراض وذلك باعتبارها علاجات سهلة ومتوفرة بأسعار أقل من الأدوية الكيماوية المتوفرة في الصيدليات، كما أنها لا تحتاج إلى وصفة طبية مراقبة من الأجهزة المعنية، وفضلا عن هذا وذاك فهي آمنة ولا تحتوي على مضاعفات أو آثار جانبية، حتى لو تناول المريض جرعات زائدة منها، وذلك بعكس الأدوية الكيماوية. وفي الوقت الذي شجع فيه بائعو الأعشاب على بيعها واستخدام العامة لها في الاستطباب المنزلي، فقد عارض أطباء وصيادلة هذا الأمر، مفضلين اللجوء إلى عيادات المختصين في حال الإصابة بأي أمراض حتى لو كانت عارضة، وذلك لتلافي استفحالها فيما بعد. وقال محمود فوزي، أخصائي أمراض باطنية، إن العلاج بالأعشاب بطريقة عشوائية له مخاطر كثيرة، وقد يؤدي الاستعمال الخاطئ له وبدون مقاييس علمية صحيحة إلى الإضرار بصحة الإنسان لاحتواء بعضه على مواد سامة وخطيرة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©