الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تهديدات.. تمحوها المساعدات لا الدبابات

19 مارس 2017 22:23
دعونا أولاً نطرح سؤالاً: ما هي الأزمة الأكثر أهمية في العالم اليوم؟ هل هي تغريدات ترامب بشأن تنصت أوباما عليه. أم هي حرب الرئيس ترامب على وسائل الإعلام؟ أو ربما تكون المجاعة التي تلوح في الأفق وتهدد 20 مليون شخص في أربع دول في العالم؟ إن السؤال يجيب عن نفسه، أليس كذلك؟ وقد حذر «ستيفن أوبراين»، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، قائلا «إننا نواجه أكبر أزمة إنسانية منذ إنشاء الأمم المتحدة». وأضاف «من دون جهود جماعية ومنظمة، فإن الناس ببساطة سيتضورون جوعاً حتى الموت». فكيف يستجيب ترامب لهذه الأزمة؟ من خلال خفض المساعدات الإنسانية، وزيادة خطر أن يموت الناس جوعاً في أربع دول، هي اليمن وجنوب السودان والصومال ونيجيريا. وهذا سيؤدي إلى عاصفة، حيث إن الملايين من الأطفال يتجهون إلى السقوط في مجاعة فيما تتخلى أميركا عن القيادة وتقوم بتخفيض المساعدات. وقد ذكر لي «ديفيد ميليباند»، رئيس لجنة الإنقاذ الدولية، إن «هذا هو أسوأ وقت ممكن لإجراء تخفيضات». وقال إن «الخطر العظيم» يكمن في تأثير الدومينو - حيث إن هذا الإجراء الأميركي يشجع الدول الأخرى على أن تتراجع هي الأخرى عن تقديم المساعدات. وجوهر موازنة ترامب التي صدرت قبل أيام قليلة هو قطع المساعدات عن المحتاجين، سواء في الوطن أو في الخارج، واستخدام هذه الوفورات لبناء جيش وإنشاء جدار على الحدود مع المكسيك. وفي الولايات المتحدة، كانت المساعدات الإنسانية تقليداً من الحزبين «الجمهوري» و«الديمقراطي»، والبطل بين الرؤساء الذين شهدتهم الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة كان جورج دبليو بوش، الذي بدأ برامج لمكافحة الإيدز والملاريا، ما ساعد على إنقاذ الملايين من الأرواح. وأدرك بوش وغيره من الرؤساء أن أسباب تقديم المساعدة لا ترجع فقط إلى قيمنا، بل أيضاً مصالحنا. فكروا ما هو التهديد الأمني الأكبر الذي واجهته أميركا في العقد الأخير. سأقول إنه هذا الخطر هو إيبولا، أو أي وباء آخر - وقد تغلبنا على إيبولا، ليس بحاملات الطائرات، ولكن بالمساعدات الإنسانية والأبحاث الطبية - وكلاهما تم خفضه في موازنة ترامب. إن رؤية ترامب للتهديد تتمثل في غواصة صينية أو ربما مهاجر غير شرعي، وهذه هي الرؤية التي تعكسها الموازنة. ولكن في عام 2017، يأتي بعض من أخطر التهديدات التي نواجهها من الأمراض أو المخدرات التي لا يمكن أن تدمرها دبابة، ولكن يمكن علاجها عن طريق الدبلوماسية، والبحث العلمي والمشاكل الاجتماعية داخل وخارج حدودنا. وصحيح أن المساعدات الخارجية الأميركية يمكن توصيلها بطريقة أكثر منطقية. ومن الأمور السخيفة أن تكون واحدة من أكبر المستفيدين من المساعدات هي دولة مزدهرة مثل إسرائيل. هذا، أن موازنة ترامب تنص على خفض المساعدات الأخرى، ولكن هذا ليس بالنسبة لإسرائيل. وتساهم الولايات المتحدة بنسبة أقل من خمس 1% من دخلنا القومي في المساعدات الخارجية، أي نحو نصف النسبة التي تساهم بها الدول المانحة الأخرى في المتوسط. وجدير بالذكر أن المساعدات الإنسانية هي واحدة من أعظم قصص النجاح في العالم. هذا لأن عدد الناس الذين يعيشون في فقر مدقع قد قل بنحو النصف منذ عام 1990، علاوة على إنقاذ أرواح أكثر من 120 مليون طفل خلال هذه الفترة. ومثال على ذلك «توماس أويابو»، الذي توفي أبواه عندما كان طفلا في شمال غانا. وقد مات اثنان من أشقائه الأصغر، نتيجة لسوء التغذية على ما يبدو. ثم سمع توماس عن مدرسة محلية تقدم وجبات للتلاميذ وفقاً لـ «برنامج التغذية المدرسية» الذي تدعمة الوكالة الأميركية للتنمية ووكالة المعونة الأميركية، وخدمات الإغاثة الكاثوليكية. وقد ذهب توماس إلى المدرسة وحصل على الوجبات، بشرط أن يلتحق بالدراسة. *كاتب أميركي حاصل على جائزة بوليتزر مرتين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©