الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجماعة والبوش

18 فبراير 2011 21:34
يعيش الإنسان بغيره من الناس الذين يحيطون به، ولا يحس بنفسه وقيمتها إلا من خلالهم، وحين ينأى بنفسه عنهم يتحوّل عن إنسانيته وأُنسه بهم ومؤانستهم له يخرج من دائرة الـ «نحن» إلى دائرة الأنانية، أي دائرة الـ «أنا» التي تكاد تكون سبب كوارث العالم منذ خلق الإنسان، فحين تستولي هذه الأنا على الإنسان تبدأ لعبة المصالح، ومتى سيطرت المصلحة الأنانية انتفت الجماعة والوحدة وزال التكاتف، وتحول العالم إلى حلبة صراع، بدل أن يكون مائدة للحب بين الناس كلهم، وطاولة للحوار كمجموع يجتمع ليأتلف لا ليختلف. الجمعُ لغة كالمَنْعِ: تأْليفُ المُتَفَرِّق، ويوم جَمْع: يوم عَرَفَةَ، وأيام جمع: أيامُ مِنى. والمَجْموعُ: ما جُمِعَ من ها هُنا وها هُنا وإن لم يُجْعَلْ كالشيء الواحد. والجَميعُ: ضِدُّ المُتَفَرِّقِ، والجَيْشُ، والحَيُّ المُجْتَمِعُ. يُقال هذه جماعة من الناس وذاك فوج منهم وتلك ثلة خرجت عنهم وتلك الزمرة لا يعتد بها وأولئك حزب من الناس، كل أولئك جمع من الناس إلا أن هناك فوارق بين الجماعة والفوْج وَالثُّلَّة والزّمْرَة والْـحِزْبِ وهي أن الفوج الجماعة الكثيرة، ومنه قوله تعالى: (وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا) «سورة النصر: «الآية - 2»، وذلك أنهم كانوا يُسْلِمُون في وقتٍ وقبيلة، ثم نزلتَ هذه الآية، ومعلوم أنه لا يقال للملّة: فوج، كما يقال لهم: جماعة، والثلة الجماعة تندفع في الأمر جملة من قولك: ثللتُ الحائط: إذا نقضت أسفله فاندفع ساقطاً كله، ثم كثر ذلك حتى سمِّي كل بشر ثَلّاً ومنه: ثُلَّ عرشه، وقيل الثللُ، والزمرة جماعة لها صوت لا يفهم، وأصله من الزِّمَار وهو صوت الأنثى من النعام، ومنه قيل: الزمْرَةُ، وقرب منها الزجْلَة، وهي الجماعة لها زَجَل، وهو ضرب من الأصوات، وقيل: الزمرة جماعة في تفرقة، والحزب الجماعة تتحزب على الأمر أي تتعاون، وحزب الرجل الجماعة التي تعينه فيقوى أمره بهم، وهو من قولك: حزبني الأمر: إذا اشتد علي. أما الفرق بيـن الجماعة والبَوْشِ فهو أن البوش هم الجماعة الكثيرة من أخلاط الناس، ولا يقال لبني الأب الواحد: بوش، ويقال أيضاً: جماعة من الحمير، ولا يقال: بوش من الحمير، لأن الحمير كلها جنس واحد، وأما العُصبة فالعشرة وما فوقها قليلاً، ومنه قوله عز وجل: (... وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ...) «سورة يوسف: الآية - 8»، وقيل: هي من العشرة إلى الأربعين، وهي في العربية الجماعة من الفرسان. والرَّكْبُ: رُكْبان الإبل خاصة، ولا يقال للفرسان: ركب، والعدِيد رجال يعدون في الغزو، والرَّجْلُ: جمع راجل، والنفيضة هي الطليعة، وهم قوم يتقدمون الْجيش فينفضون الأرض، أي: ينظرون ما فيها، من قولك: نفضت المكان إذا نظرت، والمقنب: نحو الثلاثين يغزى بهم، والحضيرة: نحو الخمسة إلى العشرة يغزى بهم، والكتيبة: العسكر المجتمع فيه آلات الحرب، من قولك: كتبت الشيء: إذا جمعته. أمل دنقل: يا وحدتي جئت كي أنسَى وهآنـذا ما زلتُ أســـمعُ أصــداء وأصــواتاً مهما تصاممتُ عنها فهي هاتفـةٌ يا أيها الهاربُ المسـكينُ هيهاتا! جَرَّتْ عليَّ الأماني مِــنْ مجاهلِهــا وجمَّعَــتْ ذِكَراً قـد كُنَّ أشـــــتانا ما أَسْخَفَ الوحدةَ الكبرى وأضيعهَا إذا الهواتــــف قد أرجعــن ما فاتــا بَعثـــن ما كان مطــويّاً بمرقـــدهِ ولــم يزَلْنَ إلــى أن هـبَّ ما ماتــا تلفَّتَ القلــبُ مطعونـاً لوحدتــه وأين وحدته؟ باتـــتْ كمــا باتــا! حتى إذا لم يجـــــدْ ريّاً ولا شـــبعاً أفضى إلى الأمل المعطوب فاقتاتا! إسماعيل ديب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©