الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

المهمات الحقيقية أمام إدارة حماية المستهلك

13 ابريل 2008 00:29
حماية المستهلك ممارسة نشأت وتطورت داخل الاقتصادات المتقدمة مع ظهور الإنتاج الواسع وتزايد درجة التعقيد والتشابك في الأسواق ومع تبلور مصالح المجموعات المتباينة المؤثرة في العملية الاقتصادية· وإذا كان العديد من هذه المجموعات قد امتلك القدرة على تنظيم نفسه عبر اتحادات وجمعيات ونقابات تحمي مصالح وأهداف كل مجموعة على حدة وذلك عبر العديد من الوسائل والقنوات، فإن سعة فئة المستهلكين وتنوع الجهات التي يواجهونها في الحياة اليومية جعلت من هذا التنظيم أمرا في غاية الصعوبة بحيث باتت مهمة الدفاع عن مصالحهم وحمايتهم من الأضرار ومن ممارسات الغش والاحتيال أمرا منوطا بالحكومات في العديد من البلدان· فقد أقدمت الحكومات على إصدار قوانين خاصة بحماية المستهلك تشكلت بموجبها هيئات رسمية مكلفة بشكل خاص بتلك المهمة التي تركز على حماية حقوق المستهلك في الحصول على المنتج الذي يشتريه، بأسعار مناسبة وفي تمتعه وبشكل كامل بفائدة المنتج وفي تجنبه لأي أضرار تلحق به من جراء شراء أو استهلاك المنتج وضمان تعويضه عن أي ضرر يصيبه· وإلى جانب الهيئات الرسمية، غالبا ما نهضت وسائل الإعلام وجمعيات أخرى متخصصة في مجالات أو سلع محددة بدور حيوي ومهم في تسليط الأضواء على العديد من الجوانب التي تهم مصالح المستهلك حيال حالات محددة من الأضرار التي قد يتعرض لها· ولا تقتصر أهمية حماية المستهلك فقط على الجانب الاجتماعي الحيوي المتمثل في إنصاف المستهلكين ومنع تعرضهم لأي أضرار تنجم عن استهلاكهم للمنتج أو عن أي انتهاك للعقود المتفق عليها بموجب عمليات البيع والشراء، بل ينطوي أيضا على مغزى مهم للغاية بالنسبة إلى أي اقتصاد يسعى إلى تحقيق نمو مستدام· وتمثل مهمة حماية المستهلك جانبا من جوانب تحفيز الاستهلاك عن طريق تأمين حصول المستهلكين على سلع وخدمات وبأسعار تعكس قيمها الحقيقية· ومع أن حماية المستهلك اتخذت أشكالا وصيغا عديدة داخل الإمارات على مدى العقود الماضية وذلك من خلال القوانين والقواعد التي تحكم المجتمع بشكل عام وعمل الشركات بشكل خاص إلا أنها لم تكتسب إطارا تشريعيا وقانونيا مختصا إلا مع صدور قانون حماية المستهلك في منتصف عام 2006 والذي منح وزارة الاقتصاد صلاحيات محددة في هذا المجال· إلا أنه وبسبب كون القانون قد جاء بالدرجة الأولى كاستجابة إلى تفاقم ظاهرة التضخم داخل الاقتصاد الإماراتي، انصب اهتمام الدائرة منذ نشوئها وحتى الوقت الحاضر وبشكل رئيسي على محاربة ارتفاع الأسعار وذلك على حساب القضايا العديدة الاخرى التي لا تقل أهمية عن قضية حماية المستهلك وضمان حقوقه· ومع عدم التقليل من أهمية النشاط الحالي الذي تقوم به إدارة حماية المستهلك في الإمارات وخصوصا في ظل تفاقم أزمة التضخم وتزايد حدة الآثار السلبية الناجمة عن الارتفاع المتواصل في الأسعار إلا أن حماية المستهلك تبقى مهمة متعددة الجوانب والأبعاد بما يشمل جودة وسلامة المنتجات التي يشتريها المستهلكون وتأمين تعويضهم عن أي أضرار أو انتهاكات يتعرضون لها طوال فترة استهلاك المنتجات· على ضوء ذلك، يتعين على إدارة حماية المستهلك أن تجعل من وجودها ونشاطها معروفا ومدركا لدى عموم المستهلكين وذلك عبر حملة واسعة النطاق تهدف إلى التوعية بدورها وأهميته وإلى إظهار قدرتها على مواجهة ومعالجة المشاكل اليومية التي يواجهها المستهلك بما يكفل له حقوقه· ذلك يستلزم من الإدارة أن تمدد نشاطها إلى ما هو أبعد بكثير من مجرد تلقي ومتابعة شكاوى المستهلكين إلى المبادرة الذاتية والميدانية لرصد هذه المشاكل بل والبحث حتى عن المشاكل التي قد لا يدركها المستهلكون ولا يولونها ما تستحقه من أهمية واعتبار· يجب على الإدارة، من جهة أخرى، أن تسعى إلى توعية المستهلكين بحقوقهم المكفولة بموجب عقود الشراء· باختصار على إدارة حماية المستهلك أن تتحول بشكل جذري من مكتب لتلقي شكاوى المستهلكين إلى أداة فاعلة في إنصاف المستهلك وتأمين انسيابية وسلامة عملية الاستهلاك التي تعد أهم نشاط اقتصادي على الإطلاق· مجلس أبوظبي للتطوير الاقتصادي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©