الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«أنا القدس» تطلق صرخة 5 آلاف عام بصوت امرأة

«أنا القدس» تطلق صرخة 5 آلاف عام بصوت امرأة
12 مايو 2009 23:43
اختتم عرض مسرحية «أنا القدس» لفرقة مسرح عشتار الفلسطينية فعاليات الدورة الأولى من مهرجان المسرح العربي في العاصمة المصرية القاهرة، وجاء العرض بمثابة احتفاء بالقدس عاصمة الثقافة العربية 2009 . والمسرحية التي قدمت مساء امس الأول على خشبة مسرح عبدالمنعم مدبولي بالقاهرة، من بطولة إيمان عون وتأليف واخراج ناصر عمر وتتناول تاريخ القدس من وجهة نظر المدينة في محاولة أنسنتها في روح وشخصية امرأة تستعرض مراحل حياتها المفعمة بالأحداث والتناقضات. استعرضت المسرحية تاريخ القدس في أقل من ساعة لتتحول المدينة الى روح وشخصية امرأة في مراحل حياتها المليئة بالتناقضات والأحداث بالتوازي مع حياة المدينة مع استعراض نقدي لما جرى من احداث سياسية غيرت وجه المدينة وحفرت معالمها منذ اكثر من 5 آلاف عام. قدم العرض قراءة للحضارات المتعاقبة على المدينة بدءا بالكنعانيين مرورا بالغزاة من فراعنة وأشوريين ثم فرس وصولا الى التاريخ المعاصر، وبالتوازي مع الأداء التمثيلي جاء الأداء الراقص والحركي لمحمد عيد ورشا جهشان ليخرج العرض من مجرد مونودراما الى مسرحية تجمع بين التسجيل والأداء الحركي والتمثيلي. وقدمت بطلة العرض ايمان عون الأنثى في كل حالاتها مجبرة على الزواج من رجل لا تحبه ومتعرضة للاغتصاب من محتل وتحمل في بطنها ابن العار فتفكر في التخلص منه لكنها تقرر أن يحيا ليقتل أباه الذي أوجده للحياة باغتصاب أمه لتمتليء أرضية المسرح بالحجارة التي يلقيها الراقصان خلال العرض في صورة ترمز للانتفاضة والمواجهة ضد المغتصب. واختار المخرج صوت رجل ليتحدث بلسان التاريخ مستعرضا الأحداث التي مرت على القدس بينما كان الطرح أنثويا فقد كانت الفكرة كما أكدت صاحبتها طرحا للتاريخ من وجهة نظر أنثوية ويبدو أن المخرج رفض الالحاح على التفسير الأنثوي ليمتد الى راوي التاريخ الذي جاء صوته بالتبادل مع الأداء التمثيلي. لم يغب الشمعدان الرمز الديني اليهودي عن العرض حيث تعرضت المسرحية للوعد الذي منحته كتب اليهود المقدسة وان كان مخرج العرض قد فوجيء بتعليمات ادارة المسرح بعدم استخدام الشموع خوفا من الحريق ــ الكابوس الذي لايزال يطارد كل مسارح مصر ــ فتقرر اللجوء الى الشمع الكهربائي. «لسنا غزاة .. نحن حضارة متفوقة ولن نسمح بوجود دويلات ضعيفة على حدودنا فينفذ لنا الأعداء عبر جنوبكم في غزة.. منف لن تنعم بالسلام ان لم تخضعكم.. حماية نظامكم استقرار لنا». كان المتوقع ان تثير هذه العبارات مشكلة عند عرض «أنا القدس» وهو ما لم يحدث. فلم يثر استخدام مصطلح الاحتلال الفرعوني الغضب الذي توقعه صناع العرض فقد جاء سرد تاريخ القدس متضمنا حكم الفراعنة للمدينة التي بناها الكنعانيون لتكون مدينة السلام فأصبحت المدينة التي لم تتوقف الحروب فيها وكان البعض قد تصور غضب الجمهور المصري من التعرض للحكم المصري للقدس أيام الفراعنة ولكن البعد التأريخي للأحداث جعل الحديث يمر دون حساسية خصوصا أن العرض استشهد بالنظام الضريبي الفرعوني للتاكيد أنه لم يحدث أي اضطرابات في كنعان بسبب قبائل العبرو «العبرانيين» التي زعم المحتلون الجدد وهم الأشوريين أنهم دخلوا أرض كنعان بسببها. وعن فكرة العمل قالت ايمان عون صاحبة الفكرة وبطلة العرض انها فكرت في الاحتفال بالقدس في وقت يطمس الاحتلال معالمها وهويتها بشكل منهجي ومدروس «ومهما حاولنا ان نعيد للمدينة اعتبارها سنبقى مقصرين ومقهورين لأننا نعيش حالة فقد مستمرة لها». وعن مشروع «انا القدس» تقول « كانت لدي رغبة في تقديم عمل فني عن المدينة لأنني ابنة القدس التي أحن لها دائما دون ان اغادرها وأشعر بهذا الحنين حتى وأنا فيها لا افارقها ولفت نظري حكايات الجدات اللاتي يتمسكن بما تبقى من فتات ذاكرة طحنتها عجلات الحروب لترويها للأحفاد، لذلك رأيت أن أمنح المسرحية صوتا أنثويا وجدته الافضل في التعبير، فالمرأة بضعفها وعنفوانها وبشقائها وحكمتها وعطائها وألمها أفضل من يعبر عن آلام القدس». وأضافت « سألت نفسي لو ان القدس تكلمت فماذا تقول عن تاريخها الماضي والحاضر؟ كيف ترى التاريخ الذي صاغه الرجال؟ كيف تواجه القدس جميع هؤلاء الرجال الذين مروا على حياتها من محبين ومريدين وغزاة؟ هذه الفكرة شغلتني فتناولها ناصر عمر فبحث وابدع كمؤلف ومخرج وقدم عملا يثير الجدل والتساؤل اكثر مما يجيب على الأسئلة». واشارت»إنها المرة الأولى التي يقدم مسرحنا قراءة جديدة للتاريخ ووقفة مع الأسطورة الدينية الكنعانية التي تم طمسها وتزويرها في محاولة لإعادة الاعتبار لفكرة الثالوث الكنعاني المقدس من خلال اعلاء صورة الأنثى في مواجهة الكتابات الذكورية». أما المخرج ناصر عمر والذي بحث وكتب النص قال: « أعتقد أن الحقيقة غائبة والعالم كله يتناسى سكان القدس الذين كانوا ضحية الخديعة التي استهدفت المدينة الواقعة تحت روايتين متناقضتين ويدور الصراع فيها على السنتيمتر الواحد، والذي يمشي فيها لايعرف في اي عام يحيا».
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©