الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القرية التراثية توثق الصلة بين مفردات الهوية والأجيال الجديدة

القرية التراثية توثق الصلة بين مفردات الهوية والأجيال الجديدة
18 فبراير 2012
ساعة زمنية واحدة كانت فاصلاً بين الانطلاق من أبوظبي، ومحطة الوصول في مدينة سويحان التي تبعد عن العاصمة بمقدار مائة كيلو متر، حيث كان الموعد واللقاء مع عرس تراثي إماراتي امتد على مساحة كبيرة، تناثرت فيها أشكال متباينة من مفردات الهوية والتراث الإماراتي، ضمن احتفالية كبرى حملت اسم مهرجان سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان للإبل، الذي انطلق 3 فبراير الجاري تحت رعاية سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة، رئيس نادي تراث الإمارات، ويستمر حتى 17 من الشهر نفسه، بميدان سباقات الهجن بمدينة سويحان. شهدت ساحة المهرجان العديد من الأنشطة والفعاليات المصاحبة، للمهرجان منها القرى التراثية التي تنافس في إنشائها مؤسسات الدولة وعكست فيها إهتمامها بالمشاركة في هذا الحدث التراثي بامتياز، والذي يهتم بالإبل في محاولة لتوثيق الصلة بين مفردات الهوية والأجيال الجديدة. مثلت القرية التراثية التي أقامها نادي ترث الإمارات في مهرجان الإبل في سويحان، أبرز تلك المشاركات لما احتوته من زخم تراثي، وإهتمام كبير بكل ما يتعلق بمكونات التراث الإماراتي، وكان للنساء المواطنات دور لافت في كثير من الأنشطة التي تعكس اهتمامهن بتوثيق الصلة بين التراث الإماراتي والأجيال الجديدة، من خلال الحرص على إحياء المشغولات التراثية المختلفة التي نبغت فيها المرأة الخليجية منذ القدم. من هؤلاء تحدثت الوالدة بخيتة حمد المري، وقالت إنها تقوم بصناعة مستلزمات الإبل مثل الساحة وتصنع من الصوف لغطاء الجمال وتستخدم كزينة للجمال في السباق، والبطان وهو الحبل المثبت للشداد حول البطن، والمحكبة وهو حبل يثبت الشداد من الخلف وله حلقة، وفراريك تلف حول بطن الجمل وأمام الضرع، والزوار وهو الحبل المثبت للشداد مع البطان ويكون أمام الزور«الوسادة»، وحسرة وتستخدم للركوب أو لجمال السباق وتستعمل بدلا من الشداد، الحيزه، وتستعمل بدل عن الحسرة وذلك لحمل الأثقال بالجمال ولمسافات طويلة وهي مصنوعة من الليف«النخيل»، وغير ذلك من مستلزمات الإبل. وأوضحت أنها ومن خلال اشتراكها المستمر عاماً بعد عام في مهرجان السويحان، تحرص على تقديم كل مهارتها في صناعة أدوات الإبل والمستلزمات التي يحرص على اقتنائها مربو الإبل، الذين يتوافدون بأعداد كبيرة على المهرجان للاستفادة من الفعاليات والمنتجات التي تهم ملاك ومربي الإبل. ملابس محلية أما الوالدة عائشة سعيد النعيمي، بينت أنها متخصصة في صناعة الملابس المحلية وعمل الحُليّ المستخدمة في صناعة الملابس التراثية النسائية، وقالت إنها تعرض من خلال مشاركتها تشكيلة كبيرة من الأثواب التراثية، وملابس النساء والبنات الصغيرات، إضافة إلى المشغولات اليدوية التي يستخدم التلّي في تزيينها. وأوضحت النعيمي أن التلي هو عبارة عن خيوط قطنية وبلاستيكية تستعمل للتطريز وتزيين الملابس، وتمنح الملابس جمالاً ورونقاً، وتجذب الكثيرين لشرائها واستخدامها في مختلف المناسبات السعيدة مثل الأفراح والخطوبة. وأضافت النعيمي، أن نادي التراث ساعدها على المشاركة في المهرجان منذ انطلاقته، ويدعمها هي وغيرها من النساء على المساهمة في أي جهود تعمل على حفظ التراث الإماراتي وإبرازه في مختلف الفعاليات التي تقام في الدولة. في السياق ذاته تحدثت الوالدة غلوة الرميثي، التي تخصصت في صنع السرود« قطعـة حصير مـدورة توضع فوقهـا أطبـاق الطعام، وتُصنع من خوص النخيل بعـد نقعه بالمـاء لتليينـه» وغيرها من منتجات النخيل، وأكدت أن المشاركة في مهرجان سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان للإبل، يأتي بدافع حب الوطن والعمل على تعزيز الهوية، وإبراز الولاء لوطننا، وتقديم التراث الإماراتي للعالم بشكل جذاب من خلال إتقان المنتجات اليدوية التي برع فيها الإماراتييون. من الأجنحة المميزة في القرية التراثية، تألق المركز الثقافي الإعلامي لسمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، وتحدث المشرف على الجناح عبيد سالم المشجري، وقال إن هذه المشاركة جاءت بهدف نشر الثقافة والتواصل مع فئات المجتمع عبر التواجد المباشر مع الجمهور في هذا المهرجان التراثي الكبير الذي يحرص على زيارته عشرات الآلاف سنوياً للإستمتاع بالوجبة التراثية الثقافية الدسمة التي يقدمها لمرتاديه عاماً بعد عام. وبين المشجري أن الجناح يقدم أيضاً المطبوعات الثقافية والإعلامية الصادرة عن المركز، بغية إبراز دوره في المنظومة الثقافية والتراثية في دولة الإمارات. ولفت إلى أن هذه المشاركة تضع في مقدمة أولوياتها تحقيق التواصل مع أفراد المجتمع المحلي في سويحان، ونقل مفردات ثقافية مهمة إلى حيث يعيش أبناء سويحان، وهو ما يعد إضافة نوعية لأبناء هذا الجزء العزيز من أرض الإمارات. أنشطة مجتمعية وبالحديث عن الثقافة ودورها الفعال في هذا الحدث التراثي الكبير، ننتقل إلى مركز زايد للدراسات والبحوث، وحيث تحدث المشرف على الجناح خلفان المحيربي، قائلاً إن الجناح يضم مجموعة صور نادرة للمغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، منها صورة تجمعه بسمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة، رئيس نادي تراث الإمارات، مكتوب عليها إحدى كلمات سموه«لابد من الحفاظ على تراثنا لأنه الأصل والجذور، وعلينا أن نتمسك بأصولنا وجذورنا العميقة»، أي أن الصورة تحمل رسالة بضرورة الحفاظ على الهوية والإمساك بتلابيب التراث الإماراتي بوصفه المحدد لنمط هذه الهوية. وأوضح المحيربي أن هذه المشاركة تهدف إلى التعريف بمركز زايد والذي يحمل العديد من الصور والمقتنيات الشخصية للمغفور له، والموجود في منطقة البطين. أما نادي تراث الإمارات فرع العين، فقد جاء إلى المهرجان ليعرض أنشطته وبرامجه المجتمعية المختلفة بحسب إبراهيم المعمري المشرف على ركن النادي، حيث ذكر أن هذه الأنشطة تشمل برامج موجهة للمجتمع بشكل عام ولفئة الطلبة بشكل خاص، بما يكرس فيهم حفظ العادات والتقاليد والإلتزام بالسنع وهو مصطلح يطلق على كل أخلاقيات البدو الأصيلة وأساليب الحياة القائمة على الاحترام بين أفراد المجتمع، سواء داخل الأسرة أو خارجها، مثل آداب المجالس والتعاون مع الآخرين. ولفت المعمري إلى أن النادي يقدم أنشطة تستقطب الشباب ويحرصون على ممارستها مثل الفروسية والهجن، والألعاب العشبية، والسباحة، والصقور. وبين أن هذا التواجد يتيح الفرصة للطلاب المشاركة في نادي التراث فرع العين، أو غيره من فروع النادي المنتشرة في إمارة أبوظبي. من ناحيته قال خليفة بطي الشامسي، المشرف بنادي التراث فرع العين، أن المركز يفتح أبوابه لجميع الطلاب حتى المرحلة الثانوية، ويقدم منشورات وكتيبات تعريفية بأنشطة المركز والخدمات التي يقدمها في مجال حفظ التراث. بيئات متنوعة قال إبراهيم الحمادي مدير القرية التراثية، إن المشاركة في مهرجان الإبل في السويحان جاء وفقاً لتوجيهات سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة، رئيس نادي تراث الإمارات، من أجل إبراز الجانب التراثي أمام زوار المهرجان من خلال إنشاء قرية تراثية تحتوي في أركانها على البيئات المتنوعة، برية أو بحرية أو زراعية، حيث ضمت القرية بيوت الشعر، الحظائر، بيت الجنوبي، بيت اليواني بالإضافة للمقهى الشعبي الذي يقدم مأكولات ومشروبات تراثية تحقيقاً لواجب الضيافة للزائرين. ولفت الحمادي إلى أن كافة أجنحة القرية ومرافقها يتم تفعيلها خلال أيام المهرجان، والذي تشارك فيها أمهات المشغل النسائي بالقرية، وأمهات المشغل النسائي في السمحة، وكذلك تواجد المدربين التراثيين، الذين يعرضون المهارات التراثية المختلفة أمام رواد المهرجان. وعن أهم الأحداث التي شاركت فيها القرية على هامش المهرجان، أشار الحمادي إلى الفعالية الكبرى التي شهدتها القرية التراثية يوم السبت الماضي، عبر استضافتها لنحو 260 طالباً وطالبة من مختلف مدارس الإمارات قدموا عروضاً تراثية تحت إشراف إدارة الأنشطة والفعاليات في نادي تراث الإمارات، وتنوعت الأنشطة بين يولة، وحربية، وعروض الصقرة، والألعاب الشعبية، ومسابقات الهجن والخيالة، وإلقاء قصائد شعرية بمناسبة المهرجان. إقبال على شراء منتجات السوق الشعبي تعرض الوالدة روية خميس مجموعة من الثياب للنساء والرجال، داخل السوق الشعبي الذي أقيم على هامش المهرجان، وقالت إن المنتجات تلاقي إقبالاً كبيراً من الجميع سواء العرب أو الأجانب من زوار مهرجان سويحان، نظراً لما تتمتع به الملابس التراثية من ألوان مدهشة ومطرزات جميلة، خاصة أزياء أم خماس التي يرتديها الأطفال ويبلغ سعر الواحدة منها 40درهماً. الوالدة جيهان علي، وتعرض أيضاً ملابس إماراتية متنوعة منها الكنادير والميزع وهي مصنوعة من الدانتيل وبها موديلات مدهشة تعجب النساء من كل الجنسيات مثل موديل الفراشة، وهناك ثوب الخوص، وهو خاص بالفتيات الصغيرات ويتراوح سعره من 70 إلى 100 درهم، أما الثوب المطعم بالحرير (الزري) يصل سعره إلى 150 درهماً. مهرجانات ومعارض وقالت إنها تشارك في المهرجان وغيره من المهرجانات والمعارض التراثية منذ سنوات عديدة، غير أن مهرجان سويحان يتطور باستمرار بسبب حرص القائمين عليه على توفير كافة سبل الراحة لكل من المشاركين أو الزائرين ما يجعل أعدادهم تتزايد باستمرار كل عام. بينما الوالدة عبيدة مبارك سعيد تخصصت في تصنيع مأكولات تراثية إماراتية مثل “الأجار” وهي الطماطم المخللة وغيرها من أنواع المخلل والبهارات، مثل “العومة” والتي تصنع من السمك المجفف، بالإضافة إلى القهوة العربية الأصيلة. وذكرت مبارك أنها امتهنت عمل المأكولات التراثية منذ سنوات عديدة وتحرص على التواجد في المعارض والفعاليات التي تبرز التراث الإماراتي ومنها مهرجان السويحان للإبل الذي تعتبره واحدا من أكثر هذه المهرجانات نجاحاً وجذباً للجمهور، خاصة أن كافة المنتجات التراثية نقوم بصنعها بأيدينا ولا نعتمد فيها على أي عنصر سوى أيدي أبناء الإمارات. إشادة الزوار بفعاليات المهرجان تحدث بعض زوار المهرجان ومنهم محمد العامري 20 عاماً، الطالب في جامعة الإمارات في العين، مؤكداً أن إقامة مهرجان سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان للإبل، في مدينة سويحان في هذا الوقت من كل عام يعبر عن رسالة حب من قبل الشيوخ وولاة الأمر لسكان سويحان، خاصة وأن المهرجان أصبحت له سمعة كبيرة بين مربي الأبل وعشاق سباقات الهجن داخل الإمارات وخارجها. وبين العامري أن أجمل ما في المهرجان وجود العديد من الفعاليات المصاحبة له مثل سباق السلوقي، بنوعيه الحص والأريش، خاصة وأن السلوقي من أقدم الكلاب عالمياً ويعرف بأنه كلب الصيد الأول، ما يجعل من إقامة سباق له على هامش المهرجان، عنصر جذب لكثير من شباب الإمارات المولع برياضات الصيد. فيما قال زميله على القحطاني 20 عاماً وهو طالب أيضاً في جامعة الإمارات فرع العين، إنها المرة الأولى التي يزور فيها المهرجان، لافتاً إلى أن المهرجان أكثر من رائع بفضل زخم الفعاليات الموجودة به وكذلك مشاركة أغلب مؤسسات الدولة ومنها القرية التراثية التابعة لوزارة الداخلية، وتقديم عروضاً مميزة للأسلحة. وبين القحطاني أن المهرجان نجح في استقطاب الكثير من أبناء الإمارات، من خلال تنوع أنشطته وفعالياته مثل العروض الفنية، لفرق العيالة والحربية، وكذلك المنتجات التراثية المتنوعة التي تم تجميعها في بقعة جغرافية واحدة، ما يشجع الكثيرين على اقتناء ما يعجبهم منها أما ثالثهم ناصر الهاشمي الطالب في جامعة الإمارات، قال من جانبه إنه يحرص على زيارة المهرجان منذ ثلاثة أعوام لكثرة ما به من أنشطة وفعاليات، فضلاً عن أن توقيت إقامته في فصل الشتاء يجعل من زيارة مدينة سويحان متعة إضافية بما تتيحه من فرصة للاستمتاع بمناخ رائع ورؤية فعاليات مبهجة تعزز قيمة التراث لدى كل أبناء الإمارات.
المصدر: سويحان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©