وسط اهتمام إعلامي عالمي غير مسبوق، وفي معية بيرق الشعر جاءت أحداث ليلة أمس الأول من برنامج الشعر الأضخم والأكثر عالمية «شاعر المليون» في أمسيته قبل الأخيرة لهذا الموسم. ونثر فرسان القصيد إبداعاتهم على الحضور في مسرح شاطئ الراحة وعشاق الشعر ومريديه في كل مكان. حضر فعاليات الحلقة الشيخ عبدالله بن محمد بن خالد ومحمد خلف المزروعي مدير عام هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، وعدد من كبار الشخصياّت، وحشد من وسائل الإعلام العربية والأجنبية وجمهور غفير من مختلف دول المنطقة.
أولى فقرات الحلقة كانت استوديو التحليل، مع الإعلامي عارف عمر، وكل من الشاعر مانع شلحاط والناقد سالم المعشري، وحل ضيفاً على الاستوديو في تلك الأمسية تركي المريخي وبدر صفوق عضوا اللجنة الاستشارية في برنامج شاعر المليون، ودارت المناقشات حول مسيرة البرنامج والمستوى المبهر الذي ظهر به في نسخته الحالية، وأشار المريخي إلى أن البرنامج يسير بخطى واثقة من عام إلى عام، إلى الحد الذي دفع بكبريات وسائل الإعلام العالمية أن توليه اهتماماً كبيراً وتضعه في صدر أخبارها، بينما أوضح بدر صفوق أن ما يميز شاعر المليون لهذا العام، هو تنوع الموضوعات المطروحة من قبل الشعراء.
ومن جانبه تحدث المعشري عن الزخم الإعلامي المصاحب للبرنامج في نسخته الحالية كرد فعل طبيعي لقوة الموضوعات والطروحات الفكرية، التي وردت في قصائد الشعراء، ومنهم حصة هلال «ريمية» التي حصدت نصيب الأسد من هذا الاهتمام نظراً لجرأة القضايا المتضمنة في شعرها. تلا ذلك بث تقرير مصور عن البيرق ورحلته من السعودية إلى الإمارات على متن طائرة شراعية تولى قيادتها صاحب اللقب السابق الشاعر السعودي زياد بن نحيت، حيث هبط بالبيرق في أبوظبي وقام بتسليمه إلى سلطان العميمي مدير أكاديمية الشعر وسط أجواء احتفالية منتصف الأسبوع الماضي.
ثم صعد الشعراء الستة إلى خشبة المسرح، وتم إعلان نتيجة الحلقة السابقة بتأهل كل من الشعراء سلطان الأسيمر، وفلاح المورقي، وناصر العجمي من الكويت، وجزاء البقمي وحصة هلال من السعودية، وخروج الشاعر محمد السعيد بعد أن أنهى حضوره بقصيدة مميزة ومؤثرة عن رحلته في البرنامج ووصوله إلى هذه المرحلة المتقدمة منه.
« المرأة»
قبل انطلاق الجزء الأول من المنافسة شرح الدكتور غسان الحسن عضو لجنة التحكيم آلية توزيع الدرجات في المرحلة النهائية، وأوضح أن الدرجة الممنوحة من طرف لجنة التحكيم ستمثل 60 درجة يمنح الشاعر درجة من 30 في هذه الحلقة التي تعتبر الأولى في المرحلة النهائية، ودرجة من 30 في الحلقة القادمة والتي تعتبر النهائية في المسابقة، ويستمر التصويت خلالها إلى نهايتها وتكون نسبة التصويت الجماهيري في هذه المرحلة 40%.
بدأت مجريات الحلقة مع جزاء البقمي، ملقياً قصيدة عن « المرأة» تعرض لها د. غسان الحسن بالنقد والتحليل، منوّهاً أن تناول الشاعر للزمن في القصيدة كان يحتاج إلى مزيد من الدقة في الترتيب الزمني، غير أن الحسن أشاد بتركيز الشاعر على دور المرأة في المجتمع وتعزيز حقوقها ومكانتها، بالاستعانة ببعض الأحاديث الشريفة والآيات القرآنية، وتوظيفها بحرفية عالية داخل النص.
من جانبه أثنى سلطان العميمي على مطلع القصيدة بما يحتويه من صور شعرية جميلة أضفت بهاء وتميزاً على النص، ولفت إلى أن هناك وحدة موضوعية للنص، إلى حد أنه اذا ما تم إلغاء بعض الأبيات، فلن تؤثر على السياق العام للقصيدة.. حمد السعيد دخل في حوار مع الشاعر جزاء البقمي حول فكرة اختيار موضوع القصيدة من قبل اللجنة، وما تمثله من معيار ومحك قوي لتمكن الشعراء الذين وصلوا إلى المرحلة النهائية من البرنامج. أما عن النص المشارك، فقد بيّن ما به من نواح جمالية أظهرت قدرات جزاء الشعرية وقامته الشامخة في ساحة الشعر النبطي.
الحرية
ثاني المتنافسين الشاعرة حصة هلال قدمت نصاً عن» الإعلام» ونال على ثناء أعضاء اللجنة، وقال عنه العميمي إن النص كُتب بذكاء وتميز بتطور الأفكار فيه بما لا يتعارض مع وحدة الموضوع، كما لفت إلى نجاح الشاعرة في التعرض لكافة عناصر العمل الإعلامي، من خلال تكثيف الأفكار والمواضيع المتعلقة بالإعلام، وأشار أيضاً إلى وجود صور شعرية رائعة تضمنتها أبيات القصيدة. وتحدث السعيد عن بحر القصيدة «المنكوس»، وأكد أن الشاعرة تناولت الموضوع بدقة وعقلانية ومن واقع تجربة. فيما ذكر غسان الحسن أن الشاعرة أثبتت أن الحرية داخل الذات وليست داخل الجسد، وهو ما تؤكده القصائد المختلفة التي جاءت بها الشاعرة في المسابقة، خاصة وأنها تتناول الصراع بين الحرية وبين من يريدون قمع هذه الحرية، وأشاد غسان ببراعة ريمية في استخدام عبارات توضح مدى شراسة معركة الحرية.
الإرهاب
ثالث فرسان الحلقة الشاعر سلطان الأسيمر، قدم قصيدة جميلة عن الإرهاب والتطرف، أشاد بها السعيد وأشار إلى الأسلوب الذي اتبعه الشاعر وهو إخفاء الموضوع إلى البيت العاشر، ليكشف المستور عما تتحدث عنه الأبيات، وقال إن الشاعر تناول الموضوع بشكل جميل كما أن ختام القصيدة كان جميلاً وفيه تفاؤل. وقال الحسن إن القصيدة جميلة من نواح كثيرة وأن الطرح فيه نوع من المنطق، وأشار إلى أن القصيدة امتلأت بالعبارات التي تدل على التدمير والتي خدمت النص بطريقة جميلة في موضوعه، كما رأى أن التصوير الشعري راق جداً. وتحدث العميمي عن الوعي المطروح في النص وأشار إلى أن الشاعر لم يتخل عن الشعر عندما تحدث عن هذا الموضوع، وقال إن بناء النص جاء متقناً وبشاعرية عالية، وتكثيف للصور الشعرية الذي رفع من مستوى الشعرية في أغلب أبيات القصيدة.
رابع الفرسان الشاعر فلاح المروقي، جاء نصه عن موضوع الخليج العربي، أشاد به الحسن وقال إن النص فيه أسلوب من الطرح والتناول مختلف عما نعرفه، وأن الأفكار ليست متراتبة ولكنها هجمت هجوماً في آن واحد وامتزجت بطريقة جميلة، ووجدنا أن الفكرة تأتي في البداية وتأتي في النهاية، وأشار إلى القافية الجميلة للأبيات والتي كانت مناسبة للأفكار التي طرحها الشاعر. وقال العميمي إن النص جميل ومميز من بدايته، وأشار إلى أن البيت الأول فيه الكثير من الجمال كما أشار إلى الخصوصية الموجودة في النص، ولفت إلى اتيان الشاعر بنوعين من التوافد في النص. الأول للرزق والثاني للدفاع واللذان جاءا بصورتين مختلفتين. السعيد أكد أن الشاعر تناول الموضوع بطريقة جميلة ورأى أن مثل هذا النص يصلح للأرشيف والمؤرخين.
الشاعر ناصر العجمي كان مسك ختام منافسات الجزء الأول في الحلقة، وشارك بنصّ عن موضوع القوات المسلحة، أشاد به العميمي وقال إن الشاعر استطاع أن يكتب نصاً يوازن بين الشاعرية والصياغات المباشرة في الأبيات، وأشار إلى العديد من الصور الشعرية في النص، وأوضح أن بناء النص غلبت فيه الوحدة الموضوعية على الوحدة العضوية. وقال السعيد إن مدخل القصيدة كان تهيئة للمتلقي للحديث عن القوات المسلحة، وهو مدخل جميل جداً وكأنه بوابة للموضوع، ووصف الشاعر بأنه جميل ومتألق وأشار إلى استدلاله بنص قرآني، وقال إن الموضوع يرفع من المعنوية لدى الجيش. وقال الحسن إن الخوض في مثل هذا الموضوع فيه عسر بعض الشيء وأن الشاعر خاضه بجدارة من خلال ما طرحه من أفكار، واختيار ما يتناسب من أساليب شعرية، مثل الكنايات التي تخدم مثل هذا الموضوع، ورأى أن بعض العبارات تصلح أن تدرج على الألسنة ويتداولها الناس للتمثّل بها.
حامل البيرق يتنازل
بعد انتهاء المنافسات في الجزء الأول من الحلقة كان على الشاعر زياد بن حجاب بن نحيت حامل البيرق في النسخة الثالثة من المسابقة أن يحدّد موقفه بالدفاع عن البيرق أو التنازل عنه، وبعد أن شاهد الجمهور تقريراً رصد مراحل مشاركة ابن نحيت في النسخة الثالثة وصولا للبيرق، اعتلى حامل البيرق المسرح وسط تصفيق حار من الجمهور، وألقى قصيدة شامخة ومتفردة في الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ألهبت أجواء المسرح وأثارت حماس الجمهور. ثم آثر زياد التنازل عن البيرق ليتنافس عليه زملاؤه في النسخة الرابعة.
منافسات الجزء الثاني
قبل انطلاق منافسات الجزء الثاني من الحلقة تحدث ضيوف استوديو التحليل عن مشاركات الشعراء وأدائهم وحضورهم ومواضيع القصائد التي تمّ طرحها على المنبر، وأكدوا أن جميع الشعراء كانوا متألقين وأدوا دورهم وقدموا ما يليق بمنبر شاعر المليون، كما تحدثوا عن تأثير اختيار المواضيع للشعراء للكتابة عليها وأثره على إبداعهم.
بعد ذلك قدم الشعراء الخمسة قصائد متألقة جاروا فيها قصيدة للشاعر مقحم الصقري، ثم علق أعضاء لجنة التحكيم على المشاركات، وقال د. الحسن: إن مجموعة القصائد كان لها مجموعة من الكواكب مع تمايز كل شاعر عن الآخر. وقال سلطان العميمي إن جميع الشعراء أبدعوا في مجاراتهم وأغلب الشعراء أصابوا المجاراة في موضوعها وبإبداع. وأكد حمد السعيد أن قصائد المجاراة جميلة جداً وجاءت على نفس الموضوع.
قبل نهاية الحلقة تمّ الإعلان عن الدرجات الممنوحة من طرف لجنة التحيكم للشعراء، حيث حصل الشاعر جزاء البقمي على 26 درجة من 30، حصة هلال «ريمية» 28 من 30، سلطان الأسيمر 28 من 30 ، فلاح المورقي 27 من 30 ، ناصر العجمي 26 من 30.
وانتقل الشعراء إلى مرحلة التصويت الجماهيريّ الذي يستمر إلى نهاية المنافسات في الحلقة القادمة والنهائيّة، والتي ستقوم اللجنة في نهايتها بمنح درجة من 30، والإعلان عن فارس النسخة الرابعة حامل البيرق واللقب.
الحلقة الأخيرة
في نهاية الحلقة أعلن عضو لجنة التحكيم سلطان العميمي عن معيار المنافسة في الحلقة الأخيرة، وقال إنه مطلوب من كل شاعر أن يختار قصيدة يعتبرها هو من أجمل ما كتبه خارج المسابقة وبشرط ألا يزيد عدد أبياتها عن 20 بيتاً، ولا يشترط أن تكون القصيدة قديمة أو جديدة، وسوف يكون التقييم لهذه القصيدة في الحلقة القادمة كمعيار واحد.
جزيرة أبو طينة.. وعجائب الدنيا السبع
شاهد الجمهور تقريراً رصد زيارة الشعراء المتنافسين إلى جزيرة «بوطينه» وقدم شرحاً عن الجزيرة التي تبعد مسافة 130 كم عن إمارة أبوظبي، والمرشحة لأن تكون واحدة من عجائب الدنيا السبع، حيث تعيش فيها عدة أنواع مهددة بالانقراض وتعتبر محطة هامة للطيور المهاجرة والمعششة وتتواجد في مياهها المحيطة ثلاثة أنواع من الدلافين كما أنها تضم ثاني أكبر تجمع لأبقار البحر في العالم، ووجهت هيئة البيئة في أبوظبي خلال التقرير الدعوة للجمهور للتصويت إلى جزيرة أبوطينة لتكون واحدة من عجائب الدنيا السبع.
خالد عبد الرحمن يغني قصيدة للشيخ زايد
من أجمل فقرات الأمسية المليونية الفقرة التي تغنى فيها الفنان الكبير خالد عبدالرحمن بقصيدة متألقة للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، عنوانها «حبك ملك قلبي» وهي قصيدة تُغنى لأول مرة. وقد صاحب الفنان خلال أداء الأغنية إحدى فرق فن السامري، وقد أضفت الفقرة المزيد من التألق والجمال والمتعة على مجريات الحلقة، وتفاعل معها جمهور الشعر بطريقة جميلة ورائعة.
اليوم العالمي للشعر
خلال الحلقة تمّ بث تقرير عن الاحتفال الذي نظمته وزارة الداخلية باليوم العالمي للشعر، وشارك فيه الشعراء الإماراتيون، حبيب الصايغ، حمدان بن صروخ الدرعي، ناصر بن بروان النيادي، ونجم شاعر المليون عبدالله الجابري، وسط حضور مكثف من الأدباء والمثقفين يتقدمهم أعضاء برنامج شاعر المليون.
ومن خلال التقرير توجه سلطان العميمي بالشكر إلى الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية على مبادرته ودعمه لمثل هذه الفعاليات، بما يؤكد أن الشرطة جزء مهم من المجتمع وعلى تواصل مع كافة أنشطته وفعالياته.
ريمية تخطف الأضواء
قبل بداية الحلقة شهدت كواليس شاعر المليون تدافعا من وسائل الإعلام العالمية في الحصول على تصريحات من الشعراء المتسابقين، وخاصة حصة هلال، كما التقت سلطان العميمي مدير أكاديمية الشعر وعضو لجنة التحكيم متحدثاً عن شاعر المليون في نسخته الرابعة، حيث حضر التليفزيون الأوروبي، والتليفزيون الهولندى، وشبكات C N N، والـ B B C.
وكانت بعض الشبكات الإعلامية العالمية قد تعرضت بالنقد والتحليل لبرنامج شاعر المليون على مدى الأسابيع الماضية، بعد القضايا الهامة والملحة التي طرحها الشعراء المتنافسون، وخاصة حصة هلال التي تعرضت لقضايا خطيرة وتصديها لفتاوى التكفير والتطرف من خلال قصائدها المشاركة في المسابقة.
عدد اليوم
