الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فاجأني قوله

25 مارس 2010 20:45
شبت رغبة الكتابة بين أضلعه، وفي ليلة كتمت سرها, زاره مجنون الإبداع، أخبره أنه سيتعايش مع الألم اللذيذ مع مرور الوقت، لم يبد مقاومة، وانساق وراءه لاهثا يبحث عما تجود به حمم الشوق على حياته الباردة، أمسك بالقلم وبدأ بتشريح خفايا الورقة، مرة يطاوعه الحرف ومرات يلاقيه متمردا عصية دمعاته، راوده وتحايل عليه واستماله بكل الطرق ليكون هنا، بدأ المسير، ولا يعرف أين توصله خطواته. زارني فرأيه مختلف منذ بداية اللقاء، صوته خافت، ينفذ حديثه لأعماق المتلقي، سلك دروب الكلم، ووصل إلى عمق المعاني، مختلف يرسم مشاعره وهواجسه بحبر سيَال لن يجف حسب اعتقاده، يُلبس شخوصه لباس القوة ويقذف بهم في غياهب الخيال، واثق الخطى ينوي السير بعيداً في عوالم الحرف، ينسج خيوط روايات وقصصا ورسومات، يشرِّح الواقع بمشرط يأمل أن يكون بلا ألم، بعيدا تمتد خطاه، ينوي السفر إلى أبعد نقطة ليلامس النجوم، يريد أن تنتبه له الحياة، قاصداً تقويم اعوجاجات ومُصراً على إصلاحها. بهمهمات خجلا ينوي الانتشار أكثر على أبعد مدى، يبحث عن درب سالك لخطاه المبعثرة يريد إرساءها على صهوة قلم يسير في سباق محموم لا يكاد يصل مدى فنائه، زارني يحكي عن عوالم خياله، يصنع الكلمة ينفذ إلى عمقها، يريد اقتحام العالم الخفي، تحدث عن خياله وتخيلاته الكتابية، عن إنجازاته وعن هواجسه، يتلمس الطريق الصحيح، ويرفض توجيهه بإنارة شمعة في أنفاق وسراديب المعنى والحرف، يرفض المجاملات والإثراء بشكل مبالغ فيه، يريد من يضع يده على مكان العيب عنده ويعالجه أو يبتره إن اقتضى الأمر، وهكذا رأيته صريحا ومختلفا عن كثير من الناس الذين يرفضون رفضاًَ قاطعاً كتابة كلمة في حقهم انتقادا، بل يرفضون تساؤلات العيون قبل خط الكلمات، يخافون من تسليط الأضواء الكاشفة عليهم، ويفضلون البقاء في العتمة، فضلوها على الصراحة والتقويم والنصح، ليبقوا هنا لا يبارحون أماكنهم، يرفضون فتح النقاش لخلق تفاعل به يتطورون ويغادرون أمكانهم، التي قد يظلون فيها يقبعون سنوات إن صاحبهم الإطراء طوال سنوات، هكذا قال: من أغلى أماني أن يكون هناك نقد بناء لأعمالي، يخاطب جزئيات أفكاري وتركيبة مخيلتي وجمالية بناء ما أخطه، يحط أصابعه على مكامن الجرح ولو أوجعني، وطموحي يتصل بالجرأة في الكتابة تقابلها جرأة في الانتقاد، وقصدي التوجيه الصحيح، لكون تجميل الأعمال بكثير من المحاباة قد يوقف الكاتب على أرجل متعبه قاصرة على حمل الجسد الفكري والجمالي والبناء النفسي للرواية أو القصة أو أي عمل كان، أحلامي تصل أقصاها حين يكون هناك صالون أدبي يناقش مكامن الخلل والصواب، ينتقد ويوجه ويثير زوبعة النقاش، بدل السفر بعيدا بحثا عنها في زوايا قصية من العالم. لكبيرة التونسي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©