الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بيرلسكوني ··· معجزة إيطاليا البالية

بيرلسكوني ··· معجزة إيطاليا البالية
13 ابريل 2008 01:17
لا يزال ''بيرلسكوني'' يمارس حركاته التهريجية التي لا تنتهي، حيث قام مؤخرا بوضع يده على صدره متظاهرا بأنه يكاد أن يموت، وذلك بعد أن التهم قطعة من جبن ''الموزاريلا''، في إشارة إلى أن الهاجس المرعب الذي يسيطر عليه حاليا هو الموت مسموما بطعام ملوث بمادة ''الديوكسين'' المسرطنة، التهريج إذن، والأسنان الناصعة البياض، هما كل ما تبقى من ''بيرلسكوني'' الذي نعرفه، أما باقي علاماته المميزة فقد اختفت أو ذابت في حمى الانتخابات، فطاقة السياسي الإيطالي الذي بلغ الحادية والسبعين من عمره نضبت، وحل محلها تعب وإرهاق اعترف به هو نفسه، كما أن الرجل الذي عرف دائما بأنه منفلت اللسان، أصبح الآن يقول أي شيء يخطر على باله دون أن يأبه بعواقبه، ومن أهم الأشياء التي أصبح ''بيرلسكوني'' يفتقدها تلك القدرة الشهيرة على الإيحاء بالأمل، وعلى ما يبدو أنه قد توصل إلى قناعة مؤداها أن إيطاليا مريضة بدرجة أن ''بيرلسكوني'' القوي نفسه ليس متأكدا من قدرته على علاجها· في تصريح له الأسبوع الماضي قال ''بيرلسكوني'': ''إن العبء الذي سأحمله لم يكن أثقل في أي وقت مما هو عليه الآن''، والعبء الذي يقصده هنا هو منصب رئيس الوزراء، الذي يسعى إلى الفوز به للمرة الثالثة في الانتخابات التي ستجري اليوم وغدا، وهكذا فإن الرجل الذي قال ذات مرة إن قيادته ستكون بشيرا بـ'' معجزة إيطالية جديدة'' أصبح يقول الآن'' لا نستطيع أن نعِد ولا نستطيع أن نحقق معجزات''· ومع ذلك فإن استطلاعات الرأي التي تم إجراؤها، تبين أن السياسي الإيطالي العجوز الذي يقود كتلة يمين الوسط ،لا يزال في المقدمة على الرغم من انقضاء عامين على هزيمته في الانتخابات، وخروجه من منصبه أمام حكومة يسار الوسط التي يقودها ''رومانو برودي'' والتي سقطت هي الأخرى في يناير الماضي، ولكنه سلوك ''بيرلسكوني'' اللامبالي، والهدوء الملحوظ لمنافسه في الانتخابات ''والتر فيلتروني'' العمدة السابق لروما، والبالغ من العمر اثنين وخمسين عاما، يؤكدان ما كان الإيطاليون يقولونه دوما وهو إنه من غير المرجح أن تؤدي هذه الانتخابات -بصرف النظر عمن يفوز فيها- إلى تحقيق الكثير من التغيير الذي تحتاج إليه إيطاليا بصورة ماسة· فالوضع العام في إيطاليا حاليا يمكن تلخيصه في خلال كلمة واحدة أصبحت رائجة هذه الأيام وهي كلمة ''مسدود''، وذلك بعد أن توقف النمو الاقتصادي في البلاد أو كاد، وأصبحت القمامة تتراكم في شوارع مدنها الكبرى مثل ''نابولي'' وغيرها، كما فشلت الجهود التي بذلتها روما على مدى عام لبيع خطوط الطيران الإيطالية المتعثرة، بالإضافة إلى المتاعب التي تواجهها اتحادات العمال- الضحية الدائمة- بسبب عدم القدرة على إنجاز الكثير من الأشياء حتى المهم منها في إيطاليا، يلخص ''أنطونيو كامبي'' -أستاذ العلوم السياسية بجامعة ''بيروجيا''- هذا الوضع بقوله: ''إن الانطباع السائد هنا أن السياسة لو اتجهت يمينا أو يسارا، فإن الحقيقة التي ستبقى هي أن إيطاليا قد أصبح لديها طبقة سياسية غير قادرة على البت واتخاذ القرار''، من جانبهم يقول الخبراء إنه على رغم تقدم ''بيرلسكوني'' في استطلاعات الرأي، فإن الانتخابات نفسها قد لا تكون حاسمة، وهو ما يرجع إلى حد كبير إلى القانون الانتخابي الإيطالي، فإذا كان فوز ''بيرلسكوني'' بمقاعد مجلس النواب مرجحا، فإن فوزه بمقاعد مجلس الشيوخ يبدو محل شك، لأن مقاعد هذا المجلس موزعة وفقا لمعادلة معقدة تعتمد على المناطق الإيطالية· في الوقت الراهن، يعتقد بعض الخبراء إن كتلة'' فيلتروني'' يمكن أن تفوز بمقاعد مجلس الشيوخ، وهو أمر لو تحقق فسيضع قسمي البرلمان في مواجهة بعضهما بعضا، وسيؤدي بالتالي إلى المزيد من الشلل، والمفارقة هنا تكمن في أن ''بيرلسكوني'' كان هو الذي وضع هذا القانون الانتخابي الذي يعوق الآن فرصته في الحكم، حدث ذلك قبل انتخابات 2006 عندما بدا آنذاك أن كتلة يسار الوسط هي التي ستكسب، وأراد بيرلسكوني أن يضع أمامها العقبــات التي تجعل من المستحيل عليها أن تحكم· في مواجهة هذه الصعوبة، تصرف ''بيرلسكوني'' بجسارة عرفت عنه حيث اقترح هذا الأسبوع منح حزب فيلتروني'' الحزب الديمقراطي الجديد'' السيطرة على أحد فرعي البرلمان، إذا ما تخلى رئيس الجمهورية ''جورجيو نابوليتانو'' ( يسار وسط) عن منصبة، وبالنسبة للنقاد، أكد هذا الاقتراح من جانب ''بيرلسكوني'' شكوكهم الطويلة الأمد حول أن ما يريده ''بيرلسكوني'' حقا هو وظيفة بالتعيين ذات سلطة ونفوذ، ولكنها تخلو من متاعب الممارسة اليومية للسياسة، وقد رد ''فيلتروني'' على ذلك بقوله إنه يرفض ذلك رفضا تاما ''ولن يسمح له بأن يتحقق''، ويحاول ''فيلتروني'' السياسي الإيطالي الدمث الأخلاق، والذي يتهمه البعض أحيانا بأنه يحاول إرضاء الجميع، أن ينزع عن تيار اليسار التهمة التي كان ''بيرلسكوني'' يحاول إلصاقها به دائما، وهي أنه تيار ممزق غير قادر على فعل شيء، وهي تهمة اكتسبت قدرا من المصداقية وخصوصا بعد تجربة ''روماني برودي'' في الحكم، والذي قاد فيها لمدة عامين، تحالفا كان من الصعب السيطرة عليه، وانتهى به الأمر إلى التفكك· مــن جانبهــم يعبر أفراد الشعــب الإيطالـــي عــن امتعاضهم من الوضع العـــام، من خلال القول بــأن أيـــاً من الرجلين لا يمثـــل التغيير الذي ينشدونه، كما تتنبأ مؤسسات استطلاع الرأي أن عدد الإيطاليين الذين سيذهبون إلى مراكز الاقتراع اليوم وغدا، سوف يكــون هو الأقل خلال السنوات الأخيرة، وهو مظهر من مظاهر الاحتجــاج والسخط العميق علــى الوضــع بشكل عام، يقول ''دانيلو بير'' -رجل مبيعات من روما يبلغ من العمر 30 عاما''-: ''لن يتغير شيء هنا، لأنهم يفسدون أي شيء يحاولون عمله··· وأنا شخصيا لن أمنح صوتي لأي أحد سواء من اليسار أو اليمين''، ويضيف ''بير'': ''نحن بحاجة إلى طبقة سياسية جديدة··· إلى طبقة شابة لأننا سئمنا جميعا من هؤلاء الساسة العواجيز''· إيان فيشر - روما ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©