الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاقتصاد المصري ينتظر سياحه المفقودين

الاقتصاد المصري ينتظر سياحه المفقودين
18 فبراير 2011 22:41
كاثي لالي شرم الشيخ أمضى الشعب المصري نحو ثلاثة أسابيع عصيبة، من التظاهر والاحتجاج في الشوارع والساحات العامة، من أجل انتزاع السيطرة على مصيره من نظام كان يراه جاثما على صدره. واليوم عليه أن يعرف كيف سيتعامل مع أوضاعه الاقتصادية الملحة، وكيف سيدفع ثمن حلمه بالحرية والرخاء، وهو تحد زادت من صعوبته الاضطرابات الأخيرة التي أعقبت سقوط النظام، وعلى رأسها الإضرابات العمالية المنتشرة في كثير من الشركات والقطاعات الحكومية. هنا في هذا المنتجع المطل على البحر الأحمر، حيث تداعب الرياح سعف أشجار النخيل المطلة على أحواض سباحة بدت -وفي منظر نادر جداً- خالية من المرتادين. الندل يتحركون في مطاعم مهجورة، وسائقو سيارات الأجرة يقفون بالعشرات في طوابير جامدة لا تتحرك في انتظار سائح قد يأتي وقد لا يأتي. ولكن السياح رحلوا بالكامل تقريباً، وتاريخ عودتهم غير معروف إلى الآن، ومن ثم فإن الخسائر ما تزال غير محددة، لكنها كبيرة على أية حال. وتمثل السياحة ما يصل إلى 11 في المئة من الاقتصاد الوطني المصري. وفي وجهات سياحية معروفة مثل منتجع شرم الشيخ، الذي يجذب إليه الباحثين عن عمل من مختلف أرجاء البلاد، بدا تأثير الأحداث الأخيرة واضحا وكبيرا للغاية، حيث تشير بعض التقديرات إلى أن الأزمة تكلف البلاد 310 ملايين دولار أميركي يوميا، هذا في وقت أعلن فيه البنك المركزي أن الخسائر التي لحقت بالقطاع السياحي وحده قد تصل إلى 1.5 مليار دولار. وفي وقت كانت هذه البلدة السياحية الجميلة تنعم بالهدوء والاستقرار على امتداد أيام الاحتجاجات التي هزت القاهرة خلال الأسابيع الماضية، عمدت البنوك إلى إغلاق أبوابها في سائر مدن البلاد، وتوقفت المصانع عن الإنتاج، واختفت أعداد كبيرة من العمال، مما سبب خسائر وفاقم من معاناة الاقتصاد. كما أعلنت شركة مصر للطيران يوم الأحد أنها ألغت ثلاثة أرباع رحلاتها خلال الأزمة، لتفقد بذلك نحو 80 في المئة من العائدات التي كانت تتوقع جنيها خلال الفترة المذكورة. وفي هذا السياق أيضاً، قال سمير رضوان، وزير المالية الذي عين نهاية يناير الماضي، في وقت كان يحاول فيه الرئيس السابق حسني مبارك تهدئة خواطر المحتجين، إن النمو الاقتصادي سيتأثر خلال بقية السنة. وأضاف يقول إن أحد أكبر التحديات التي تنتظر مصر يتمثل في خلق الوظائف في اقتصاد كان يبلغ فيه معدل البطالة خلال فترة ما قبل الأزمة 9 في المئة، وهو رقم يعتبر على نطاق واسع أقل من الرقم الحقيقي بكثير. ويشار هنا إلى أن الشباب بالخصوص هم أكثر من يشعر بفقدان الوظائف، وهم الفئة العمرية ذاتها التي كانت وراء الاحتجاجات المناوئة لمبارك. وحسب البنك الدولي، فإن حصة الفرد من الناتج الداخلي الخام في مصر بلغت 2070 دولاراً فقط في عام 2009. كما أن الهوة بين الأغنياء والفقراء تعد من أكثر مثيلاتها سعة في العالم. وهنا في شرم الشيخ، يمتزج لدى المواطنين الشعور بالابتهاج بما حققته الاحتجاجات بشعور آخر بالإحباط من الحكومات الأجنبية التي أعلنت أن البلاد برمتها باتت غير آمنة لاستقبال مواطنيها، مما تسبب في رحيل السياح وألحق ضرراً بالغاً بالقطاع السياحي الذي يمثل أحد ركائز الاقتصاد المصري. "انظر حولك"، يقول عبد الفتاح العاصي، مدير عام السياحة في المنطقة، مشيراً إلى نافذته على الشارع الهادئ :"إن المكان آمن، ومسالم، ومثالي". وفي مثل هذا الوقت من كل عام، عادة ما يتراوح معدل ملء الفنادق بين 65 و70 في المئة، كما يقول المسؤول السياحي المصري. أما في الوقت الراهن، فإن المعدل الإشغال لا يتجاوز عتبة الـ14 في المئة، وهو ما يعني خسارة فادحة على أكثر من مستوى؛ للاقتصاد الكلي، وللعمال والموظفين الذين يعيلون أسرهم من النشاط السياحي. ويشير العاصي إلى أنه لم يتم الإعلان رسميا حتى الآن عن أي أرقام بخصوص خفض الوظائف بين الـ70 ألف شخص العاملين في أنشطة مرتبطة بالقطاع السياحي في شرم الشيخ. وعلى إثر إصدار الحكومات الألمانية والفرنسية والإيطالية والروسية تحذيرات لمواطنيها من السفر إلى مصر، فقدت وكالات الأسفار ثقتها وقررت وقف نشاطها. وحدهم البريطانيون استمروا في القدوم، بعد حصولهم على تأمين شامل. وحسب تقارير إخبارية صدرت في بلدهم الأصلي، فإن السياح الروس لم تكن لديهم أي رغبة في مغادرة شواطئ الغردقة وشرم الشيخ؛ ولم يعودوا إلى بلدهم إلا عندما أُمرت شركات الطيران بوقف رحلاتها إلى هنا، وأُمرت من قبل موسكو بالتوقف عن أخذ حجوزات جديدة. والجدير بالذكر هنا أن الروس يشكلون 1.5 مليون من مجموع السياح الذي يأتون إلى شرم الشيخ كل عام، ويبلغ عدد الواصلين منهم إلى أراضي جمهورية مصر العربية ككل نحو 4 ملايين سائح سنوياً. وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشفيتش، قد أعلن الأسبوع الماضي أن لا أحد من السياح الروس قد اشتكى من إفساد إجازته بسبب الاحتجاجات. وفي غضون ذلك، يحلس العاصي إلى مكتبه مشمراً على ساعديه في انتظار عودة السياح. وإذا كان الأميركيون متأثرين بما حدث في مصر ويرغبون في مساعدتها في هذا الوقت وهي تحاول إعادة بناء نفسها، فإنه يقترح عليهم الطريقة المثلى لتحقيق ذلك: تعالوا إلى هنا، في شرم الشيخ، واستمتعوا بشواطئنا الجميلة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©