البخـر وراء النفور في العلاقات الزوجية

إن رائحة الفم أو ما يعرف ''بالبخر'' عرض مرضي ينتج في كثير من الأحيان عن إهمال صحة الفم والأسنان بالذات، وقد تكون لأسباب عامة ، وتختلف رائحة الفم تبعاً لأسباب فموية وتشريحية وطبية ، لكن المهم هنا أن المشكلة باتت تلقي بظلالها وانعكاساتها السلبية على الجانب الاجتماعي، فالزوج ينفر من زوجته بسبب رائحة الفم أو العكس، وكثيرا ما تحدث المشاكل بسبب التنافر الذي يسبب فتور العلاقات الزوجية، ومن ثم الطلاق، وهناك قصص كثيرة مطوية في ملفات وسجلات المحاكم سببها الأساسي''رائحة الفم''، وغير ذلك من الأسباب الظاهرة· هناك حل عرفه المسلمون منذ ألف وأربعمائة سنة في الاعتماد على''السواك''، وهناك الفرشاة والمعجون ووسائل التطهير الطبية ذات التأثير القوي، إلا أن هناك حالات تحتاج طبيا الى أكثر من ذلك· لكن الى أي حد كانت رائحة الفم سببا رئيسيا من أسباب الطلاق؟ شهد عبد الرؤوف، سيدة في مقتبل العمر لم تدرك أن حياتها ستنتهي بالطلاق بعد عدة سنوات بسبب رائحة فم زوجها، لقد عانت طويلا بخجل'' وتقول:''حصلت على الطلاق بعد أن نجحت في إقناع المحكمة بأن رائحة فم زوجي كريهة، وعلى الرغم من نصائحي الكثيرة له بغسل فمه أو معالجة تلك الرائحة، إلا أنه لم يهتم بطلبي الذي أعتبره بالنسبة لي أسهل طلب طلبته في حياتي''· وإن كانت شهد قد طلبت الطلاق فإن وفاء سالم الجابري، تقول:'' إن كانت كل امرأة تجد في فم زوجها رائحة كريهة، ستطلب الطلاق، فأعتقد أن ملفات المحاكم وقاعات القضاء ستمتلئ بهذه المشاكل، لكن الزوجة المحبة لزوجها والصبورة، باستطاعتها معالجة الأمر بذكاء وحنكة، وهذا ما فعلته مع زوجي فقد تحملت أبا أولادي، وصبرت على رائحة فمه، ولم أطلب في يوم من الأيام الطلاق، بل على العكس حاولت أن أغير من طباعه بأسلوب جميل، وتكلمت معه باستمرار، بضرورة تنظيف الأسنان يوميا، ومعالجة هذه الرائحة من خلال زيارة الطبيب المختص· آراء الأزواج يقول سامي عبد الغفور هناك الكثير من الزوجات يهملن تنظيف الفم، ويخلدن إلى النوم دون غسل الأسنان، ونتيجة لتراكمات الأكل في الفم تنبعث روائح كثيرة، وهذا ما يعانيه كثير من الأزواج ، وانها مصيبة كبيرة أن تتجاهل المرأة غسل فمها قبل النوم كجزء مهم من نظافتها الشخصية· ويتابع: أنا شاب رومانسي وأكره المرأة التي لا تهتم بنظافة نفسها، وكثيرا ما حاولت تغيير طبائع زوجتي، و في كل مرة تدعي نسيانها، ولكن بعد أن طفح الكيل حاولت في إحدى المرات إحراجها أمام الأهل بأن فمها تنبعث منه رائحة كريهة، فكانت ردة فعلها تجاهل كلامي، وزعلها مني لمدة أسبوعين، وبعدها اكتشفت خطأها، وأصبحت تستعمل الكثير من المعاجين، ومحاليل المضمضة التي تزيل روائح الفم، كما أنها شعرت بغلطتها وتأسفت لي لإهمالها نفسها· أما عدنان أحمد فيقول إن كانت لزوجتي رائحة كريهة، فسوف أصارحها في البداية بضرورة الاعتناء بنفسها والمحافظة على نظافتها الشخصية، ونتعاون مع بعض لحل هذه المشكلة، والمهم أن أحافظ على الأمر''سرا بيننا'' ولا أبوح به حتى لأقرب الناس إلي، لأنه سوف يضر أكثر مما ينفع، فالرجل سر زوجته، وهي كذلك، ويجب أن يتقبلها بحلوها ومرها،خصوصا إن كان يحبها، والأمر شائع وطبيعي، لكن الأهم أن نلتفت إلى أهميته· مشروعية التجمل لماذا يرضى الزوج على نفسه أن تنفر منه زوجته بسبب رائحة فمه أو العكس ؟ يقول الدكتور يوسف أبو اللبن ـ ممارس عام في أبوظبي :'' إن الاسلام كثيرا ما كان يحث على نظافة البدن والجسد ، وعلى أن يتجمل الزوج لزوجته والمرأة لزوجها، حتى تشم زوجته رائحة طيبة منه لامنفرة ومقززة· ويضيف الدكتور: كلنا يدرك أننا ننفر من أي رائحة كريهة ، فما بالنا ان شممناها من أعز انسان مقرب لنا ''الزوجة أو الزوج''! ان حل هذه المشكلة يحتاج الى جهد وصبر، وهو يتوقف على الزوجين بدرجة متساوية ، والأهم أن هذا الأمر يتوقف على الشخص الذي لا تنبعث منه الرائحة الكريهة في مساعدة الطرف الثاني على التخلص منها، مع إظهار الجدية، حتى لاتتفاقم المشكلة ويشعر الطرف الذي يعاني من المشكلة بأنه غير مرغوب فيه ، وان زوجته سوف تتخلى عنه مقابل ذلك ،وحتى لا تصل الأمور إلى الطلاق أو النفور ، لابد من أحد الأطراف معالجة هذه المشكلة دون ضيق أو زعل· من جانب آخر يرى خليفة المحرزي ـ موجة أسري في محاكم دبي: ان من العوامل التي تثير الغريزة رائحة الجسد ، والتي إما ان تجذب الطرف الآخر ، أو العكس وهو النفور والفتور وربما يستغرب البعض اذا قلنا إن موضوع الرائحة كان سببا في كثير من حالات الانفصال ، وهذا ما أشرت إليه في إحدى الدراسات التي قمت بها في محاكم دبي عن سبب طلب الأزواج الطلاق من الطرف الثاني والتي كانت بسبب عدم الاهتمام بالنظافة الجسدية والتي وصلت نسبتها الى''19 %'' من إجمالي أسباب طلب الطلاق · وبصراحة جاءني العديد من الاتصالات التي تشتكي فيها الأخوات من سوء رائحة فم أزواجهن وهن لا يعرفن الطريقة المثلى لنصحهم وتنبيههم وخاصة قبل الذهاب الى الفراش ليلا ، وقد قالت لي إحدى الأخوات ان زوجها لم يقربها منذ خمسة أعوام لأنها قالت له في إحدى المرات: لا تقربني حتى تغسل فمك، فغضب منها وأقسم أن لا يقربها، ولعل من أبرز أسباب انتشار هذه الظاهرة بين الأزواج هي الروائح الكريهة التي تنبعث من الأفواه، فهي تقل أثناء فترة النهار بسبب النشاط العضلي، واللعاب، الذي يقوم بغسل بقايا الطعام والتخلص منها خارج الفم، لكن أثناء الليل تتراكم داخل الفم لتسبب العديد من المشاكل المحرجة بالنسبة للزوجين· رأي طبي تقول الدكتور لبنى زهير بكالوريوس طب وجراحة الفم والأسنان :''هناك عدد كبير من الناس يعاني من هذه المشكلة دون أن يعرف بذلك، لأن الجسم غالباً ما يتكيف مع الرائحة ولا يشعر المريض بالرائحة، وفي الغالب تكون الأسباب من الفم ، إذ تعود أسباب أكثر من 85% من الحالات إلى أسباب'' فموية ، وغالباً ما تكون الأسباب ''الفموية'' ناتجة عن جفاف الفم أو قلة سيولة اللعاب، خصوصاً أثناء النوم، أو ارتداء الأطقم بطريقة غير صحية، أو إهمال العناية بتنظيف الفم ، أوانحشار الأكل في مناطق لا يسهل تنظيفها في الفم تكون المعدة خالية ، وكذلك التسوسات العميقة للأسنان، والالتهابات اللثوية بمختلف درجاتها، أو الجذور المتآكلة لأسنان تالفة، وهناك العديد من الأحوال التي تنبعث فيها من الفم رائحة كريهة، لكنها تكون مؤقتة وسرعان ما تزول ، فمثلاً تنبعث الرائحة عند الاستيقاظ من النوم ، والمكوث لفترة طويلة في صمت، أو عندما تكون المعدة خالية ، وكذلك عند تناول وجبات غنية بالبهارات أو البصل والثوم ، أو تناول كميات كبيرة من القهوة ، أو عند التدخين أو الاختلاط بالمدخنين، في مثل هذه الحالات تكون رائحة الفم غير مستساغة لفترة من الوقت، ولا تشكل المعدة مصدرا أساسيا لرائحة الفم كما كان يعتقد في الماضي، لأن المريء يكون منقبضا أغلب الوقت، ولا يسمح بمرور الغازات بسهولة من المعدة إلى الفم، ويؤدي أي سبب من هذه الأسباب إلى تراكم البكتيريا في الفم ، والتي تطلق غازات تحتوي على مركبات الكبريت، وهي المسؤولة عن الرائحة النفاذة وغير المرغوب فيها، ويعد سطح اللسان كذلك ، مرتعاً خصبا لهذه البكتريا، خصوصاً في الجزء الخلفي منه، ويتطلب اللسان عناية خاصة من خلال التنظيف اليومي· طرق وأساليب هناك طرق عديدة لتجنب رائحة الفم منها: استخدام الفرشاة والمعجون مرتين يومياً، العناية بتنظيف سطح اللسان بفرشاة خاصة بذلك، استخدام الخيط السني لتنظيف منطقة ما بين الأسنان، تجنب التدخين ، تنظيف الفم بعد شرب الحليب أو تناول أي من منتجات الألبان مباشرة ولو بالمضمضة، مضغ علكة خالية من السكر للمحافظة على سيولة اللعاب في الفم ، وأخيرا زيارة طبيب الأسنان بانتظام·