السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأمن الأسري يتصدى للمشاكل العائلية

الأمن الأسري يتصدى للمشاكل العائلية
13 ابريل 2008 02:00
المشكلات الزوجية والأسرية حقيقة واقعة منذ الأزل، وستظل موجودة ''كالملح'' يضفي إلى الحياة نكهة خاصة، إلا أن ثمة تغييراً واضحاً طرأ حديثا على حجم ونوعية هذه المشكلات، وعلى طريقة حلّها، فبينما كانت المعاناة تتمثل، غالبا، في زيادة ''سلطة'' الزوج والوالدين الذين يتحكمون في مسيرة الأسرة فيما ينحصر الحلّ بأقصى الأحوال إلى الأسرة الممتدة، أصبح المجتمع يشكو من ضعف ''السلطة الذكورية'' بل وسلطة الوالدين عموما وازدادت المشكلات، وظهر على السطح مشاكل دخيلة على قيم المجتمع وعاداته وتقاليده الأصيلة، حتى وصل صدى كثير منها إلى أقسام الشرطة والمحاكم! يؤكد المقدم عارف باقر، مدير إدارة الأمن الأسري في الإدارة العامة لرعاية حقوق الإنسان بشرطة دبي، وهو قسم استحدثته شرطة دبي خصيصا بهدف المساهمة في حلّ كافة أنواع المشكلات الأسرية وحفظ المجتمع من التفكك، زيادة نسبة وحجم المشكلات الاجتماعية بالفعل حيث تشير إحصائيات إدارة حقوق الإنسان لديهم أنها سجلت 1485 شكوى منها 282 شكوى أسرية خلال النصف الأول من العام الجاري، في حين سجلت العام الماضي 996 شكوى منها 467 شكوى أسرية و828 شكوى في العام الذي سبقه منها 471 أسرية· وذكر باقر أن الأرقام في ازدياد مضطرد وتسجل الشكاوى الأسرية والزوجية معظمها ولاسيما المتعلقة بالسب والضرب بين الأزواج، من جهة أخرى فقد سجلت الأقسام شكاوى كثيرة من آباء ضد أبنائهم وبناتهم وخاصة الشباب، منها ما يتعلق بتعاطي أبنائهم للمخدرات، وأخرى تتمثل بعقوق الوالدين، ورفقة السوء ، في الوقت الذي أبدى فيه الكثير من الآباء استفسارهم عن إمكانية تسليم أبنائهم المدمنين، بهدف طلب التوجيه من قبل حقوق الإنسان، وقال: ''إن الآباء عادة يلجأون إلى حقوق الإنسان حيث يتم التعامل مع الشكاوى بصورة سريّة وذلك تفاديا لفتح بلاغ في مركز الشرطة وتحاشي الفضائح، وربما يعود ذلك إلى زيادة الوعي حول مفاهيم حقوق الإنسان في الآونة الأخيرة''، مضيفا أن القسم يقوم بدوره في حلّ المشكلة بالاعتماد على المقابلات الشخصية، والزيارات الميدانية، والمتابعة بنية الإلمام بكافة تفاصيلها لمعرفة الأسباب الحقيقية: أهي ذاتية أم بيئية، أم في المحيط الثقافي والدين، وبعد الوصول إلى التشخيص المناسب للحالة تبدأ مرحلة العلاج· الوقاية والعلاج وتعتمد مراحل العلاج على إجراء الجلسات والتي تحدد حسب طبيعة كل حالة، هذا ويعمل في أقسام الأمن الأسري 5 أخصائيين اجتماعيين إضافة إلى طبيب نفسي مختص يقوم كل منهم بمتابعة حالة منفردة· وتؤكد فاطمة الكندي، رئيسة قسم الأمن الأسري بشرطة دبي على أن الدور الذي يقوم به القسم بالغ الأهمية، وذلك لحساسية الخدمات المقدمة بالإدارة وضرورة توفرها في أي مجتمع إنساني يتميز بالتطور المادي والمعنوي السريع كالمجتمع الإماراتي، والذي يضم ثقافات عديدة تؤثر إيجابيا وسلبيا على الثقافة الأصلية للمجتمع، حيث يتم من خلال الإدارة إرشاد الأسر المفككة ودراسة المشكلات الاجتماعية على كافة المستويات: الفرد والجماعة والمجتمع، وكل منها له طريقته وأسلوبه في تقديم الخدمة المناسبة، سواء أكانت طريق الوقاية قبل حدوث المشكلة أو من خلال العلاج، أو بعد حدوث المشكلة أو من خلال علاجها· وتتحدث الكندي عن المشكلات الاجتماعية التي تعالجها أقسام الأمن الأسري وهي مشاكل أسرية عامة، تعود غالبية أسبابها إلى ''التوقع الخاطئ''' حيث ينتاب الشخص توقع سلوك معين على أساسه يستعد للتجاوب معه، وخاصة في حالات التوقع السلبي، كذلك التصعيد أثناء الحوار، وتدخل أشخاص من خارج الأسرة في شؤونها، وإفشاء الأسرار، الظروف المادية، والأهداف غير الصحيحة للزواج، أما الطرق المثلى للوقاية من المشاكل الأسرية فهي عديدة وكثيرة، وتتلخص في عدة نقاط أهمها اختيار الشريك المناسب، اعتماد أسلوب الحوار الفعال بين أفراد العائلة، التثقيف الذاتي، إضافة لمعرفة الحقوق والواجبات لكل أفراد الأسرة وتعزيز قيم التسامح والصفح لتفادي سوء الفهم على مستوى العائلة وبالتالي إعطاء فرص إيجابية لعلاج كل ما يمكن أن يعتري الأسرة من عقبات· بدورها تنصح الكندي الأسر بالاستفادة من الخدمات المقدمة في إدارة الأمن الأسري والموزعة في جميع مراكز شرطة دبي، ''نحن نشجع جميع الأسر والأفراد على الاستفادة من الخدمات المقدمة بإدارة الأمن الأسري بالإدارة العامة لرعاية حقوق الإنسان في شرطة دبي حيث استفاد الكثير من أفراد المجتمع سواء المواطنين أو المقيمين وذلك منذ نشأة الإدارة''· خلل التربية من جانبه تحدث الخبير الاجتماعي الدكتور ممدوح مختار عن مراحل حلّ المشكلات الأسرية في مركز الأمن الأسري بشرطة دبي والتي تبدأ ''بالإسعاف النفسي الأولي'' للحالة وامتصاص الصدمة وتقديم الدعم، ثم الاطلاع على المشكلة والبدء في الحل، مشيرا إلى أن نسبة المشكلات الزوجية هي الأعلى من بين المشكلات الأخرى، وتفوق نسبتها 40% من المشاكل الاجتماعية الأخرى، الأسرية، النفسية، السلوكية وتندرج تحتها هروب الفتاة من المنزل، وعقوق الوالدين أو سوء العلاقة بين الوالدين، وكذلك التفكك الأسري وما ينجم عنه من مشكلات، الطلاق، الإدمان والانحراف· ويعزو الدكتور مختار أسباب ازدياد المشكلات الأسرية ووصولها إلى أقسام الشرطة في المجتمعات العربية إلى التنافس الشديد بين الأجهزة المختلفة للاستحواذ على التنشئة والتربية الاجتماعية، ولاسيما الإعلام الذي بدأ يأخذ ويسرق من مقدرات وأراضي الأسرة الكثير الكثير، على مرأى ومسمع الأسرة وبموافقتها، بالإضافة إلى إدمان العمل لفترات طويلة من قبل الوالدين وغيابهما عن المنزل مما سمح للمؤثر لإعلامي بالتسلل والتغلغل فيه فبدأ يسوق منتجاته ليخفف من سلطة الوالدين ودورهما في تربية الأبناء· ويرى مختار أن آباء وأمهات اليوم قد أطلقا ''رصاصة الرحمة'' على المؤسسة الزوجية بقولهم: ''إننا لا نقدر على أولادنا''، كما أن أمهات اليوم، بحكم التغيرات المجتمعية، غير معنيات بشؤون الأسرة ولا يلجأن إلى خبيرات التنشئة الاجتماعية من السلف، وذلك بسبب متغير هو تحويل الأسرة من الأسرة الممتدة إلى الأسرة النووية، فالأم لا تريد الرجوع إلى أمها وحماتها·· يقول مختار: ''إن من أحد أهم المؤثرات على ما نواجهه اليوم في المشاكل الأسرية هو أسلوب التنشئة الاجتماعية خلال 30-40 سنة الماضية، وأسوأ ما فيه اتباع أسلوب ''الإشباع الفوري'' الذي أعطى الأطفال الحق في المطالبة بالمزيد من العطاء، وإذا لم يحصل العطاء بعد ذلك فإنه يصل بالأبناء إلى حد العقوق، وربما يكون تأثير ذلك على البنات أكبر، وهي ''القنبلة الموقوتة''، حيث تخرج بنات غير صابرات لا تستطعن الصبر على الزوج وعلى كشف حسابه الاجتماعي، وهنا يمتد عقوق الوالدين ليؤثر على العلاقة الزوجية والأبناء في المستقبل'' وينصح مختار الآباء باتباع أسلوب الإشباع المرجأ، حتى يصبح الأب هو المتحكم بالموافقة على العطاء ووقته وكميته، كاستخدام مقولة ''إن شاء الله'' ليثبت الطفل من خلال سلوكه أنه يستحق هذا العطاء، وذلك بحسب نوع الطلب ومعقوليته وإمكانية تنفيذه بالنسبة للوالدين، والأهم من ذلك هو فرض شخصية الأب والأم على الأولاد وعدم تعويدهم على قدر معين من العطاء· عقوق من بين الحالات التي يذكرها الدكتور ممدوح مختار، شكوى تقدم بها رجل ضد ابنه البالغ من العمر 16 عاما قال فيها إن ابنه يتعرض له بالسب اللفظي وقام بدفعه أمام مرأى زوجته التي لم تحرك ساكنا ولم تدافع عن زوجها رغم أن العلاقة بين الزوجين جيدة، وبالبحث عن الأسباب تبين أن الأب قد أصيب بمرض السكري مؤخرا والذي أضعف بنيته وأفقده فرصته في العمل مما دفع زوجته للعمل خارج المنزل والإنفاق على البيت، وهو ما أفقده سلطته في البيت أمام الأبناء حتى وصلت إلى حد الشتم والضرب!
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©