الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجفاف والتلوث والحرائق تهدد غابات المغرب بالفناء

الجفاف والتلوث والحرائق تهدد غابات المغرب بالفناء
17 فبراير 2013 20:27
سكينة اصنيب (الرباط) - كشفت دراسات وأبحاث خصصت لرصد ومتابعة حالة الغابات في المغرب عن تعرضها خلال القرن الماضي لاختلالات بسبب عوامل طبيعية واجتماعية واقتصادية، تمثلت في توالي فترات الجفاف خلال الثمانينيات، نجم عنها تراجع الموارد المائية في ظل نمو ديموغرافي متسارع مرتبط بزحف عمراني، واستغلال مفرط للموارد الطبيعية، وتنام للمظاهر والسلوكيات المسببة للتلوث ولإهدار الموارد الطبيعية، ما حدا بخبراء إلى إطلاق جرس إنذار للتحذير من هلاك بعض الغابات، والمطالبة بالتدبير العقلاني، والاستغلال المستدام للموارد البيولوجية للغابات، وحمايتها من الحرائق والتوسع العمراني ومقاولات الخشب. دراسات مقلقة أكدت دراسة حديثة أن المغرب يفقد سنوياً ما يربو على ثلاثين ألف هكتار من الغابات، بسبب التوسع العمراني، وقلة برامج التشجير. وبحسب الدراسة؛ فإن نحو ثلاثين ألف هكتار من الغابات تختفي سنويا بسبب المشاريع العقارية في ضواحي المدن، فضلاً عن الحرائق والجفاف. واعتبرت الدراسة أن الحرائق التي تتعرض لها الغابات، وضعف مشاريع التشجير، زيادة على استغلال الخشب في الأنشطة الصناعية والتدفئة، عوامل يسهم تضافرها في تفاقم الظاهرة. وأضافت أن التصحر الذي يطال مئتي ألف هكتار من واحات جنوب المغرب أضحى عاملاً إضافياً في تراجع المساحة الغابوية بالمغرب. وكشفت الدراسة أن أكثر من ثلاثين ألف هكتار من شجر الأركان الذي لا ينبت إلا بالمغرب، والذي يستخدم زيته في مواد التجميل، أضحى يختفي سنوياً بسبب توسع المزارع الكبرى. وكشف تقرير رسمي لمديرية المياه والغابات أن البحث كل سنة عن أراض جديدة صالحة للزراعة، أهم أسباب حرائق الغابات بمنطقة الريف شمال المغرب، حيث يبلغ معدل المساحات المحروقة سنويا بهذه المنطقة أكثر من 1280 هكتارا. وأضاف التقرير أن هذا العدد ارتفع إلى نحو 5 آلاف هكتار، وهو الرقم القياسي الذي حطمته الحرائق عام 2004 بسبب 138 حريقاً. وفيما كانت السنوات اللاحقة لهذا الحريق أقل خسارة في هذا المجال، جاء احتراق غابة إيزارن، الذي أتى لوحده على أكثر من 4500 هكتار، ليتسبب في تراجع الكتلة الغابوية، وقد ساعدت الحرارة المرتفعة وقوة رياح الشرقي في اشتعال النيران وانتشارها، وزاد من سوء الوضع عدم السيطرة على النيران في بدايتها. في هذا الإطار، يقول الخبير في مجال الغابات ومكافحة التصحر محمد الإبراهيمي، إن البحث عن أراض جديدة وحقول صالحة للزراعة، هو العامل الرئيس وراء تراجع مساحة الغابات في المغرب، حيث إن البحث عن أراض صالحة للزراعة يدفع الفلاحين إلى إحراق بعض المناطق المكسوة بالأشجار للسطو عليها، واستغلالها في الزراعة، ويتم حرق عدة مئات من الهكتارات من الغابات كل سنة، ما ينتج عنه خسائر مهمة من الناحية الإيكولوجية والاقتصادية والاجتماعية. وعن أكثر المناطق تضررا من الحرائق مجهولة المصدر التي تلتهم سنويا مئات الهكتارات من الغابات، يقول الإبراهيمي «منطقة طنجة وتطوان وشفشاون هي المنطقة الأكثر عرضة لحرائق الغابات، حيث إنها فقدت في السنوات الأخيرة نحو 40 % من المساحة الغابوية، ومع استمرار ظاهرة الحرائق، فإن النظام البيئي لهذه المنطقة سيتضرر كثيرا ويتسبب في تراجع الكتلة الغابوية وتقلصها تدريجيا». ويضيف أن هناك أسبابا إضافية لهلاك الغابة، وتدهور الغطاء النباتي والغابوي، منها الرعي والتعشيب والاستغلال المفرط للخشب، إضافة إلى النمو الديموغرافي للسكان بالمنطقة التي ينتج عنه خصاص في الأراضي الفلاحية. ويدعو الإبراهيمي إلى الحفاظ على المساحات الغابوية وحماية هذه الثروة الطبيعية، والقضاء على الظواهر التي تعرض الغابة للاستغلال، وتنمية الوعي بسلوكات الإنسان وأضرارها المحتملة على المحيط البيئي. ثروة حقيقية وفر تنوع مناخ وجغرافية المغرب وغناه الطبيعي غابات شاسعة فريدة من نوعها، تمتد من شمال البلاد إلى جنوبه متأقلمة مع تغير المناخ من برودة نسمات الشمال إلى سخونة الجنوب، وتوفر غابات الريف والأطلس والمعمورة وسوس، المأوى والمرعى لأصناف من الحيوانات البرية والطيور، وتسهم غابات الأطلس، وهي الأكبر من نوعها في العالم العربي في جذب السياح بفضل ما تمتلكه من مؤهلات طبيعية هائلة، كالكهوف والبحيرات والوديان والشلالات والجبال والسهول، إضافة إلى مرتفعات وحدائق ومساحات طبيعية عذرية وكل ما يحلم به السياح وعشاق رحلات المغامرات والرياضات الجبلية. وتضم غابات المغرب أعدادا مهولة من شجر الأرز والبلوط الفليني والزيتون وشجر الأركان النادر الذي لا يوجد سوى في المغرب والبرازيل، كما تشتمل على محمية طبيعية بالغة الجمال تستوطنها أكثر المخلوقات ندرة، وتتميز بمناخ معتدل يجعل الطيور المهاجرة تأوي إليها خاصة في الربيع والصيف، أما البحيرات، فتقدم هدية أخرى لهواة الصيد، إلى جانب روعة مشهدها نفسه لمن يريد زيارتها، والتنزه على ضفافها أو الإبحار داخل مياهها. ويستمتع أغلب زائري غابات المغرب بقضاء أوقاتهم قرب الشلالات والتنزه وسط الغابات والاستمتاع بالهواء النقي والمناظر الخلابة والمرتفعات التي تحبس الأنفاس، وتستقبل هذه الغابات أعداداً كبيرة من السياح والزوار الذين يرغبون بقضاء عطلتهم وسط الطبيعة الغناء، حيث يمكنك في الوقت أن تستمتع بجمال الغابات الأفريقية وأشجارها الظليلة الفارعة الطول، وجبالها الشاهقة، كما يمكنك أن تعيش المغامرة في كهوفها وشلالاتها وعلى قمم جبالها الثلجية، أما وديانها وبحيراتها فتقدم متعة الصيد والسباحة على مدار العام. وساعد تجهيز المناطق الريفية القريبة من هذه الغابات بالبنية التحتية وتوافر مطاعم ومرافق مبيت وأماكن ممتعة للزيارة ولعب الأطفال، في جذب العوائل إليها وإغرائهم بقضاء عطلة عائلية لا تنسى وسط الطبيعة. غابات الأطلس تتميز منطقة الأطلس بتنوعها الحيواني والنباتي، وهي من أكثر مناطق المغرب خصوبة بفضل غزارة الأمطار والثلوج التي تتساقط في المنطقة من أكتوبر إلى أبريل من كل عام. وتحاول السلطات والجمعيات المهتمة بالبيئة المحافظة على الثروات الطبيعية لهذه الغابات والرفع من مستوى الوعي البيئي لدى السكان المحليين الذين اتخذوا من هذه المناطق موطنا لهم منذ قرون خلت، وتكيفوا مع ظروفها الصعبة، خاصة بعد الدراسات التي أكدت أن هناك خطرا حقيقيا يهدد المحميات الطبيعية والبيئة الجبلية في هذه الغابات بسبب الرعي الجائر والحرائق والتوسع العمراني والاستغلال المفرط لمياه البحيرات والوديان وقطع الخشب. ويشكل فيضان الوديان الآتية من أعالي الجبال، حيث تتساقط الثلوج، أهمية كبرى في حياة سكان المنطقة الذين يقومون بزراعة أرضيهم وانتظار فيضان النهر لتزويد مزارعهم بالمياه، وحين يتحقق ذلك تحتفل القرى الصغيرة المتناثرة على ضفاف النهر بالمناسبة بأناشيد وأهازيج بربرية وطقوس ترافق الفلاحين في ملية الزراعة وحصد الثمار. كما توفر هذه الغابات مرعى دائما على مدار العام من الحشائش النباتية للحيوانات الأليفة كالأغنام والماعز، ما يجعل ارتباط الفلاحين بها كبيرا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©