الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مكانة الإذاعة وخطرها

17 فبراير 2013 20:28
وسط الأهمية المتزايدة للتكنولوجيا الرقمية والإعلام الجديد والبحث الذي لا يتوقف عن تطوير تقنيات تواصل جديدة وأنظمة عمل واستثمار وتمويل للمشاريع ذات الصلة، وما يرافق ذلك من نقاش حول أيّ الوسائط أكثر تأثيرا أو ربحاً أو استدامة، نسي معظم العالم أهم وأكثر وسائل الإعلام انتشاراً وأقلها كلفة وأكثرها تقييداً للحواس، ولولا الاحتفال المستجد منذ العام الماضي باليوم العالمي للإذاعة، الذي يصادف 13 فبراير من كل عام، لاستمر تجاهل ما لهذه الوسيلة من أهمية وقيمة، رغم استحالة تخلي معظمنا عنها أيا بلغت ثورة الإعلام وتغيراته. قد يكون لهذا النكران ما يبرّره، فقد يعتبر كثيرون أن الاستماع للإذاعة لا يتم في الأغلب إلا في الوقت الضائع، ويغيب عن بال هؤلاء أن الإذاعة بعد أكثر من مائة عام على بداية اختراعها استطاعت، رغم هيمنة وهيبة وسائل الإعلام الجديدة، المحافظة على مكانة حصرية من المفيد التذكير بها. قد لا ينتبه كثيرون مثلا إلى أن أجهزة الراديو متوافرة في 75% من المنازل في الدول في طور النمو، وأن في العالم اليوم 44 ألف محطة راديو، وأن التطور في عدد الإذاعات الخاصة في بعض البلدان الأفريقية في الفترة الأخيرة بلغ 360%. حتى منظمة اليونسيكو -صاحبة الدعوة للاحتفال باليوم العالمي- لم تكن لتجمع وتنشر مثل هذه الأرقام الموثّقة لولا هذه المناسبة. ولكن المؤشرات الدالة على الدور الفريد للإذاعة في العديد من السياقات والظروف، توحي أيضاً أن المشهد الإعلامي مؤهل لاستيعاب هذا التنوع الكبير في الوسائل أكثر من أي وقت مضى. صحيح أن السياسات والخطط والاختراعات قد تلعب دورها أحياناً، ولكن ظروف حياة البشر تبقى حاكماً رئيسياً في العديد من الحالات. ففي الحياة الريفية مثلا ما زال الوصول إلى الراديو أكبر بكثير من الوصول إلى التلفزيون، كما أن نسبة كبيرة من حاملي الأجهزة الذكية المحمولة تستمع إلى الراديو، والسبب بسيط ومفهوم تماماً مثل عادة الاستماع الثابتة في السيارات لدى الأكثرية في الدول الأكثر نمواً وثراء. أي عندما يكون هناك انشغال أساسي (مثل الزراعة والحرف اليدوية وقيادة السيارة والاسترخاء) يكون الاستماع للراديو المُفضّل الثاني. هذا ينطبق تحديدا على الراديو التقليدي. فثمة أرقام تبيّن أن معدل المستمعين لمحطات هذا الراديو تفوق 17 مرة معدل المستمعين لمحطات الإذاعة التي تبث على الإنترنت. ومن المفارقات سهولة إنشاء محطات إذاعة خاصة على الإنترنت مقابل صعوبة إنشاء وترخيص إذاعة تقليدية خاصة. اليونيسكو تذكر أن هناك أكثر من 10 آلاف محطة إذاعة خاصة لا تزال تنتظر الترخيص في البرازيل وأن أغلبية من 5 آلاف محطة إذاعة محلية خاصة في تايلاند تعمل بدون ترخيص. والصعوبة تبرز كذلك في القواعد المنظمة للعمل الإذاعي، حيث يتم منع الإذاعات الخاصة في أغلب دول العالم من إنتاج نشراتها وبرامجها الإخبارية ذاتياً. هذا الواقع يذكّر بالماضي وبالخوف من الإذاعات يوم كانت مع التلفزيون الأرضي رديفاً للانقلابات. لكن العالم تغيّر بعد الإنترنت الذي كسر القيود على الترخيص وعلى المحتوى وحرية التعبير، وبعد التطور الهائل في استخدامات الشبكة والتطبيقات اللاحقة في التواصل الاجتماعي والمتفلتة من أي قيد. ورغم ذلك استمر التضييق على الإذاعات وهذا يدل إما على الخوف منها ومن قدرتها على التأثير، وإما على ترهّل القوانين المنظّمة التي عفا عليها عليها الزمن. هذا في أقل تقدير. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©