الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

بعد 30 عاماً من حادثة تشرنوبل..الإرهاب النووي يثير رعب العالم

بعد 30 عاماً من حادثة تشرنوبل..الإرهاب النووي يثير رعب العالم
26 ابريل 2016 02:57
يسرى عادل (أبوظبي) يشكل الإرهاب النووي أحد أهم التحديات التي تواجه عالمنا اليوم، ويعتقد البعض أن التقدم العلمي الذي مكننا ذات يوم من اختراق قلب الذرة للاستفادة منها سلمياً وعلمياً، أصبح اليوم نقمة خاصة إذا ارتبط ذلك بالإرهاب. وبينما يستذكر العالم اليوم الذكرى الثلاثين لانفجار مفاعل تشيرنوبل، تتجدد معها التحذيرات للعالم بضرورة توخي الحذر عند استخدام الطاقة النووية، كما تتصاعد المخاوف من ازدياد عدد الدول التي تحوز القدرات النووية، مع التحولات السياسية واتجاهها للاصطدام. ورغم ذلك نجد العديد من الدول التي أصرت على أن الاستخدام الأمثل للطاقة النووية هو الاستخدام السلمي، ويمكن الإشارة إلى الإمارات نموذجاً. وانفجار محطة «تشيرنوبل» في مدينة كييف الأوكرانية، كارثة بشرية وبيئية وعلمية، عدت الأخطر في التاريخ الحديث طالت آثارها الدول الاسكندنافية، ودولاً في أوروبا وآسيا. ففي ساعات الصباح الأولى من يوم 26 أبريل سنة 1986، كان نحو مئتي موظف يعملون في مفاعل الطاقة النووي تشرنوبل لإجراء بعض الاختبارات على ثلاث وحدات من المفاعل، ولم يكونوا يعلمون بأن المفاعل الرابع والأخير سيحمل لهم أبشع كارثة تقنية عرفها التاريخ البشري. فقد توقف قلب دائرة التبريد الخاصة بالمفاعل الرابع، وسبب ارتفاع درجة الحرارة إلى نحو 4000 درجة مئوية، عملت على انصهار لب المفاعل وانفجاره، وتوالت بعده بثوانٍ معدودة انفجارات مجاورة، قذفت ودمرت أسقفاً خرسانية صلبة للغاية، لتتطاير معها مواد الجرافيت في الهواء الطلق. بلغت قوة انفجار المفاعل إلى نسف سقف المفاعل الذي يثقل وزنه جداً، حيث يبلغ وزنه 2000 طن من الفولاذ، وللأسف انطلق إلى السماء ما يوازي 8 أطنان من الوقود النووي، ورغم تدخل فرق الإنقاذ ومجهودتها لإطفاء الحريق الهائل الذي استمر 10 أيام، فإنها غفلت عن تسرب مواد خطيرة جداً من اليورانيوم والبلوتونيوم والسيزيوم واليود. خلفت الانفجارات والحرائق سحابة قاتلة من الإشعاعات النووية لم تقتصر على مدينة تشيرنوبل فقط، بل امتدت إلى مدينة هيروشيما وأوكرانيا وبيلاروسيا وروسيا وألمانيا والسويد أوكرانيا. ولم يتوقف الأمر هنا، بل تجزأت سحابة الإشعاعات النووية إلى ثلاث سحابات أخرى ساعدت الرياح في حمل أولاها إلى بولندا والدول الاسكندنافية، وحملت الثانية إلى التشيك، ومنها إلى ألمانيا، وأما الثالثة، فإلى رومانيا وبلغاريا واليونان وتركيا. أثرت هذه الكارثة على مئات الأشخاص من عمال الطوارئ الذين خاطروا بحياتهم للاستجابة للحادث، والآلاف ممن تم إجلاؤهم من المناطق المحيطة بالموقع، وآلاف الأطفال الذين أصيبوا في وقت لاحق بمرض السرطان، بالإضافة إلى 6 ملايين شخص لا يزالون يعيشون في المناطق المتضررة من بيلاروسيا وروسيا وجمهورية أوكرانيا، التي أدى الحادث فيها إلى حدوث اضطراب في إمدادات الطاقة، وإغلاق المصانع وتعطل المزارع، لتبلغ قيمة الخسائر المادية أكثر من 3 مليارات دولار. وأدت الحادثة إلى إشعاع خطير تسبب في وفاة 36 شخصاً، كان أغلبهم من عمال الإطفاء، وبالطبع من عمال المحطة أنفسهم الذين لم يتلقَ أغلبهم أي تدريب مسبق للتعامل مع المواد ذات النشاط الإشعاعي الناتجة عن المفاعلات النووية، بينما كانت آثار الكارثة المباشرة على العنصر البشري وبيئته لا تخفى على أحد، بل لا يمكن إخفاؤها، لأنها كانت واضحة وملموسة ومؤثرة على حياة الناس داخل وخارج الاتحاد السوفيتي. كانت لتشيرنوبل آثار بعيدة المدى طالت وجوه الحياة المتعددة، منها: 1- العنصر البشري (الإنسان) فإضافة إلى ما سبق، تم تقدير عدد الوفيات في السنوات التي أعقبت الكارثة بين 7000 إلى 10,000 آلاف شخص، بسبب تعرضهم لجرعات كبيرة من الإشعاع، عبر مختلف وسائل العيش والحياة. كما أدى الانفجار إلى إجلاء أكثر من 135 ألف نسمة من مساكنهم ومدنهم، حتى أن مدناً بأكملها غاصت في الخرائط الجغرافية، وخلال السنوات الثلاث اللاحقة تقرر إجلاء سكان 85 قرية من جمهورية بيلاروسيا، و4 من أوكرانيا، و31 من روسيا. كان أثر الحادث في المقام الأول على سكان أوكرانيا، حيث قدر عدد المصابين بسرطان الغدة الدرقية نتيجة للتسرب الإشعاعي في تلك الدولة ب3,4 مليون حالة، كما أصيب عدد كبير بمرض الإشعاع الذي ينتج عنه سقوط الشعر والتسلخات الجلدية، وكان مئات المصابين بجرعات إشعاعية شديدة أجريت لهم عملية زرع نخاع، وتعرض البعض لجرعات إشعاعية سببت إصابة الغدد الجنسية، وهي تؤدي إلى خلل في الجينات الوراثية. وفي نهاية عام 1994، تبين من التقارير التي قدمها خبراء في مجال الوقاية من الإشعاع للوكالة الدولية للطاقة الذرية، عن وجود زيادة كبيرة في نسبة المصابين بسرطان الغدة الدرقية، وهي عند الأطفال الموجودين في المناطق الملوثة بالإشعاع، كما ازدادت نسبة الإصابة بسرطان الفم. كما كان لهذه الحادثة تأثيرات نفسية كبيرة وحادة على المجتمع، حيث سببت العديد من المشاكل النفسية، إما نتيجة لترك السكان منازلهم، أو إصابتهم بالأمراض الناتجة عن الإشعاع. 2- المياه تلوثت أيضاً المسطحات المائية بالإشعاعات، وتفاقمت المخاوف بتسرب العناصر المشعة إلى المياه الجوفية، وكان نهر الدنيبر، أهم مجرى مائي في أوكرانيا، قد تلوث بالإشعاع، وبالتالي تأثرت دول أخرى مثل هولندا وإنجلترا وأسكتلندا مع كل هطول مطري على البلاد، التي يجري فيها نهر الراين. 3- التربة والنباتات تأثرت التربة الزراعية إلى حدٍ كبيرٍ، لأن نحو مليوني هكتار من الأراضي الزراعية المجاورة للمفاعل في أوكرانيا وبيلاروسيا، أصبحت ملوثة بالإشعاع نتيجة تساقط السحابة المشعة مع الأمطار فوق هذه الأراضي، حيث تسببت السحابة المشعة الناتجة عن حادثة تشرنوبل، والتي انتشرت فوق أوروبا، بتلوث المزارع ومختلف المحاصيل، وامتنع الناس عن تناول كثير من الأطعمة والخضر، وتم التخلص من الخضراوات والفواكه التي تبين أنها ملوثة. 4- الحيوانات تأثرت الحيوانات بالتلوث الإشعاعي مباشرة لتلوث المياه والتربة والنباتات، ونشرت مجلة «موسكونيوز» تقريراً عام 1987، أوضحت فيه ولادة أبقار وخنازير ومواشٍ مشوهة، منها بقر من دون رأس، وبعضها من دون أرجل، وبعضها من دون أعين، وفي عام 1988 أصيبت 76 بقرة بتشوهات. كما كانت معظم الدول قلقة على الأطفال، من أخطار اليود المشع 131 كأخطر مادة مشعة، لأنهم يتناولون حليب الماشية التي تتغذى على العشب الأخضر الملوث، لذا صدرت أوامر في كثير من الدول بعدم ترك الماشية تتغذى على العشب الأخضر والاقتصار في تغذيتها على الأعلاف المخزونة، وقد قامت كثير من الدول بمنع استيراد لحوم الحيوانات الملوثة، وكذلك ألبانها. 5- الآثار الاقتصادية قدرت تكاليف عملية إجلاء السكان وتوفير مسكان لهم بنحو 400 مليار دولار في الاتحاد السوفييتي، وتعرضت الدول المجاورة لأضرار مادية كبيرة، فقد دفعت حكومة ألمانيا الاتحادية مثلاً تعويضات قيمتها 260 مليون مارك ألماني (123 مليون دولار) للمزارعين الذين اضطروا إلى إتلاف مزارعهم، إثر هذا الحادث، منها 132 مليون مارك لمنتجي الألبان، فضلاً عن تكلفة المواد المستخدمة في دفن المفاعل. وتقدر تكلفة نزوح السكان وإزالة التلوث ودفن المفاعل، وغيرها من الإجراءات الضرورية لمعالجة الحادث، بنحو 20 مليار دولار. مناهضون ومعاهدات بعد أكثر من خمسين انفجاراً نووياً تجريبياً عاشها العالم، خلال العقد الأخير من خمسينيات القرن الماضي، برزت أصوات مناهضة لعمليات الاختبار والتسلح النووي، كانت أولى محاولاتها عام 1963 عندما وقعت 135 دولة على اتفاقية سميت ب «معاهدة الحد الجزئي من الاختبارات النووية»، التي تهدد السلام العالمي ومستقبل البشرية، وأشرفت الأمم المتحدة عليها، ولم توقعها آنذاك الصين وفرنسا، وكانتا وقتها من الدول ذات القدرة النووية. وقد وقع على الاتفاقية التي تم اقتراحها من قبل إيرلندا، حتى اليوم 189 دولة، وكانت فنلندا أول من وقع عليها، كما وقعت على المعاهدة الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي والمملكة المتحدة عام 1968، في حين وقعت فرنسا والصين عام 1992، وفي عام 1995 وصل عدد الدول الموقعة إلى 170 دولة، ولا تزال المعاهدة مفتوحة للتوقيع. وتعهدت الدول الموقعة على المعاهدة بعدم نقل التكنولوجيا النووية إلى دول أخرى، وأن لا يقوموا بتطوير ترسانتهم من الأسلحة النووية، واتفقت هذه الدول على عدم استخدام السلاح النووي، إلا إذا تعرضت إلى هجوم بوساطة الأسلحة النووية من قبل دولة أخرى. واتفقت أيضاً على تقليل نسبة ترسانتها من الأسلحة النووية، وتكريس قدراتها النووية لأغراض سلمية، كما اتفقت الدول الموقعة على عقد اجتماع واحد كل 5 سنوات لمراقبة التطورات. وتحوم الشكوك حول مدى التزام الدول ذات الكفاءة النووية بهذه المعاهدة، فعلى سبيل المثال قامت الولايات المتحدة بتزويد دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي «الناتو» بما يصل إلى 180 سلاحاً نووياً. ولم توقع حتى يومنا هذا إسرائيل والهند وباكستان وجنوب السودان على المعاهدة، بينما قامت كوريا الشمالية بالانسحاب من المعاهدة عام 2003، وقامت إيران بتوقيع المعاهدة، لكنها خرقتها في وقت سابق قبل رضوخها لدول (5+1) وتوقيعها الاتفاق النووي الذي أخرجها من عزلتها الاقتصادية، ورفع جزئياً العقوبات عليها. تكاتف دولي لمواجهة النووي في عام 2009، ألقى الرئيس الأميركي باراك أوباما خطاباً في براغ عاصمة التشيك، أوضح فيه أن الإرهاب النووي واحد من أخطر التهديدات للأمن الدولي المستقبلي. وفي العام اللاحق، استضاف أوباما أول قمة للأمن النووي في العاصمة الأميركية، في محاولة منه لدق ناقوس الخطر على ذاك التهديد، إذ شاركت 47 دولة و3 منظمات دولية في القمة الأولى، بهدف تحسين الأمن النووي في جميع أنحاء العالم، من خلال تعزيز التعاون وإبرام اتفاقات ملموسة تهدف إلى تأمين المواد النووية. وفي عام 2012، تم عقدت القمة الثانية في سيؤول، ودعيت 53 دولة و4 منظمات دولية، وكانت جلها تلك الأهداف التي حددت في واشنطن، فضلاً عن الحاجة الملحة لزيادة التآزر والتنسيق لحماية المصادر الإشعاعية من السرقة وسوء الاستخدام. بينما احتضنت مدينة لاهاي الهولندية القمة الثالثة عام 2014، متابعة بذلك التوصيات التي قدمتها القمتان السابقتان، ومدى تطبيقهما مع التركيز على أهداف قابلة للتحقيق، وأكثر وضوحاً مثل الحد من استخدام اليورانيوم عالي التخصيب والبلوتونيوم. ووصولاً إلى القمة الرابعة التي نظمت في واشنطن مؤخراً، وألقت المزيد من الضوء على الإرهاب النووي بخاصة، في ظل التوترات التي يشهدها العالم جراء تفشي الإرهاب ومحاولة الدول رأب صدعه. ولعب أوباما، ومعه 53 من زعماء دول العالم الذين شاركوا في القمة، الدور التنسيقي الطليعي الذي تتكفل به عادة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، باعتبارها الكيان الحصري الذي يشرف على المبادرات الأمنية النووية على المستوى العالمي. واتضح من خلال مجريات أشغال قمة واشنطن، أن الوكالة تواجه تحديات قوية لا قبل لها بها، في إطار سعيها لتحقيق الأمن النووي العالمي. وبرزت تلك التحديات بشكل خاص من خلال مداولات «القمة الموازية» للمنظمات غير الحكومية، التي انعقدت أيضاً في واشنطن يومي 30 و31 مارس الماضي تحت شعار «حلول مقترحة لمستقبل الأمن النووي»، التي دعت لاتخاذ إجراءات فعالة للتصدي للمخاطر الراهنة التي تهدد الأمن النووي، وطالبت بالمزيد من التنسيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في هذا المجال. وعمد «رافائيل ماريانو جروسي»، المدير العام المساعد للسياسات في الوكالة الذرية، إلى تقديم عرض موجز لتحديين أساسيين تواجههما الوكالة، يكمن أولهما في تردد دول العالم المعنية في السماح لوكالة الطاقة الذرية بالاضطلاع بالدور التنسيقي في مجال تفعيل المبادرات ذات العلاقة بالأمن النووي. ويتعلق ثاني هذه التحديات بوجود هوة واسعة تفصل بين أطروحات الدول الثلاثة والخمسين التي شاركت في قمة الأمن النووي في واشنطن، والدول الأعضاء في الوكالة التي بلغ عددها 168 دولة. ويعد هذا الانفصال شاهداً على فشل المجتمع الدولي في إدراك التداعيات الخطيرة وذات التأثير الواسع النطاق الذي يمكن أن يترتب على الإرهاب النووي، الذي قد يؤدي إلى رعب عالمي إذا تمكن الإرهابيون من الاستحواذ على الأسلحة النووية أو وسائل نشر الإشعاعات النووية. الإرهاب النووي ينطبق هذا المفهوم على أي شخص أو جهة تبث حيازتها مادة مشعة، أو تصنع جهازاً ينتج هذه الإشعاعات بقصد التسبب في وفاة أو إصابة بدنية خطيرة، أو إحداث أضرار فادحة في الممتلكات أو البيئة، كأن يستخدم بأي وجه من الوجوه مواد مشعة أو جهاز أو يستخدم أو يضر منشأة نووية بطريقة ما.وتوجد اتفاقية دولية رسمية خاصة بالإرهاب النووي أقرت عام 2005 للتصدي لأعمال الإرهاب النووي، وهي معاهدة الأمم المتحدة التي تهدف إلى تجريم أعمال الإرهاب النووي، وتعزيز تعاون الشرطة والقضاء لمنع حدوثها، والتحقيق فيها ومعاقبة مرتكبيها، وقع عليها 115 دولة عضواً في الاتفاقية، بما في ذلك القوى النووية الصين وفرنسا والهند وروسيا والمملكة المتحدة، فيما وقعت الولايات المتحدة على المعاهدة، ولكن لم تصادق عليها. تشمل الاتفاقية مجموعة واسعة من الأفعال والأهداف المحتملة، بما في ذلك محطات الطاقة النووية والمفاعلات النووية، وتغطي التهديدات ومحاولات لارتكاب هذه الجرائم أو المشاركة فيها كشريك. وتنص على أن المجرمين يجب إما تسليمهم أو محاكمتهم، وتشجع الدول على التعاون في منع الهجمات الإرهابية من خلال تبادل المعلومات ومساعدة بعضها بعضاً، والتواصل مع التحقيقات الجنائية وإجراءات التسليم. كما تتعامل مع كل حالات الأزمات ومساعدة الدول على حل حالات وحالات ما بعد الأزمة، من خلال تقديم المواد النووية الآمنة من خلال الوكالة الدولية للطاقة الذرية. تشريعات وطنية تحرص الدساتير في الدول الاتحادية أو الفيدرالية، على أن تجعل الاختصاص بالتشريع في مجال الطاقة النووية للتشريع الاتحادي، وليس للتشريع الخاص بالدول الأعضاء. فالمادة 73 من دستور ألمانيا «القانون الأساسي» تنص على أن اختصاص التشريع الاتحادي يشمل إنتاج الطاقة النووية للأغراض السلمية، وبناء واستغلال المنشآت النووية، والحماية من مخاطر التعرض للطاقة النووية والأشعة المؤينة، والتخلص من المواد المشعة. واستناداً إلى هذا النص، قضت المحكمة الدستورية في ألمانيا في 1978، بأن القرار الخاص باختيار الطاقة النووية أو عدم استعمالها يقع على عاتق المشرع. وفي سويسرا أيضاً، تنص المادة 90 من الدستور الاتحادي، على أن التشريع النووي من اختصاص الدولة الاتحادية. وبالتالي، فإن الموضوعات الخاصة بالأمن النووي لا تدخل في اختصاص المقاطعات، وإنما ينحصر اختصاصها في إجراءات تصاريح المنشآت النووية. وإلى جانب القاعدة المستمدة من اختصاص المشرع، توجد بعض المبادئ الدستورية التي يقع على عاتق المشرع احترامها. فالميثاق الدستوري للبيئة في فرنسا في 2005 يقرر مبدأي الحيطة والوقاية، وهما من المبادئ التي نص قانون 13 يونيو 2006 في فرنسا على تطبيقها على الأنشطة التي تتضمن خطر تعرض الأشخاص للأشعة المؤينة. وتطبيقاً له، فإن المسؤول عن النشاط النووي، مثل المستغل، أو حائز مصادر الطاقة، يتحمل تكاليف إجراءات الوقاية، خصوصاً الاختبارات وإجراءات تخفيض المخاطر، وإلقاء التصريف. وأخيراً، فإن الدول تختلف في تصورها للإطار القانوني للنشاط النووي. النووي بين الاستخدام المدني والعسكري المفاعل النووي هو عبارة عن جهاز يستخدم لبدء تفاعل نووي متسلسل مستدام وللتحكم فيه، أو بتعبير أدق للسيطرة عليه. بشكل عام، هناك نوعان من المفاعلات النووية، نوع يستخدم في محطات الطاقة النووية لتوفير الطاقة اللازمة لإنتاج الكهرباء وتسيير السفن، حيث يتم تمرير الحرارة الناتجة من الانشطار النووي إلى سوائل التشغيل «ماء أو غاز»، التي تمر بدورها عبر توربينات تقوم بتحريك مراوح السفينة أو بتدوير المولدات الكهربائية. ويمكن استخدام البخار المتولد من تلك المفاعلات، من حيث المبدأ، في الأغراض الصناعية، أو استخدام الحرارة المتولدة لتدفئة المناطق المدنية. وكنموذج على الاستخدام المدني للمفاعلات النووية، تعد دولة الإمارات العربية المتحدة خير مثال يحتذى به في تلك التجربة. أما النوع الآخر من المفاعلات، فيعمل على توفير الإشعاع الذري، الذي يستخدم لإنتاج الوقود النووي أو لعمل نظائر مشعة لاستخدامها في الطب أو لأغراض صناعية. كما يستخدم لأغراض البحث العلمي ولأغراض أخرى، مثل تحويل عناصر كيميائية معينة إلى عناصر أخرى، أو لإزالة الأملاح والمعادن من الماء للحصول على الماء النقي، أو لإنتاج البلوتونيوم لتصنيع الأسلحة النووية. لا يخفى على أحد ما قامت به كوريا الشمالية ولمرات عديدة من التجارب البالستية والنووية، البداية كانت في شهر أكتوبر عام 2002، حينما أقرّت بأنها تمتلك برنامج أسلحة نووية سرياً، وفي أكتوبر عام 2006 تم الإعلان عن أول ثلاثة انفجارات نووية تحت الأرض في موقع بونغي - ري لإجراء التجارب النووية، لحقتها بعد ذلك تجربة أخرى في مايو 2009، أي بعد شهر من المحادثات الدولية بشأن برنامج كوريا الشمالية النووي، حينما أعلنت بيونغ يانغ إجراء اختبارها النووي الثاني تحت الأرض. قبل سنوات عدة، وتحديداً في شهر فبراير عام 2013، حيث تم إجراء ثالث اختبار نووي باستخدام ما وصفته وسائل الإعلام اختباراً نووياً خفيفاً ومصغراً، استخدمت فيه البلوتونيوم مجدداً، وهو أكثر ملاءمة للاستخدام كرأس حربية توضع على الصواريخ، حيث أشرف الرئيس الكوري الشمالي على عمليتي إطلاق صواريخ بعيدة المدى، وتجربة نووية خلال عامه الأول في الحكم. تبعها بعد عامين «مايو 2015» تصريح ل«بيونغ يانغ»، قالت فيه إنها اختبرت إطلاق صاروخ من غواصة، ما يجعل اكتشافه أمراً بالغ الصعوبة عبر الأجهزة التقليدية، لكنها لم تكتف بذلك، بل فاجأ الزعيم الكوري كيم جونغ أون العالم مؤخراً «ديسمبر 2015» بأن بلاده طورت قنبلة هيدروجينية. هي اختبارات استفزازية نددت بها معظم الدول، وعلى وجه الخصوص المجاورة لها، مثل كوريا الجنوبية، الصين، اليابان، وكذلك الولايات المتحدة الأميركية التي صرّح رئيسها باراك أوباما بخطورة الأمر، بحكم إضراره الواضح باستقرار المنطقة وأمنها على مختلف الصعد، كما حث بتأييدٍ من دول أخرى أعضاء بمجلس الأمن الدولي على فرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية لإيقاف هذه الممارسات. إلى ذلك يظهر جلياً أن النووي سلاح ذو حدين يمكن استخدامه للتعمير وللتدمير، ويبقى على الدول وحكوماتها اختيار ما إذا فضلت تذليل العقبات لأرضها وشعبها، باستخدامها أسلوباً جديداً للطاقة، أو أنها تؤثر تهميش شعبها وتفتيك أرضها بتجارب تعرضها والبشرية لمخاطر فتاكة. في النهاية، لا بد من القول إن حادثة تشرنوبل لم ولن ينتهي تأثيرها في وقت قريب.. فهل ستكون الأخيرة في عصر بلغ عدد المفاعلات النووية فيه أكثر من 400 مفاعل نووي في أنحاء المعمورة؟ وفضلاً عن استخلاص الدروس من الكارثة النووية بمفاعلي تشرنوبل وفوكوشيما? تبدو الحاجة ملحة على قادة الدول المشاركين في القمة النووية، العمل على جبهة التفاهم حول الإجراءات الضرورية، من أجل تعزيز الأمن الذري ومحاربة الإرهاب النووي، فقد أصبح من الصعب التكهن بشأن وقوعها في أيدٍ مجهولة، تستطيع حينها أن تجعل من العالم نطاقاً تساوم عليه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©