الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

محمد خروبي يسرد حال العالم العربي والإسلامي في «سيمفونية الدم»

محمد خروبي يسرد حال العالم العربي والإسلامي في «سيمفونية الدم»
18 فبراير 2012
يقدم القاص اللبناني محمد خروبي في مجموعته القصصية الثانية التي تحمل عنوان “سيمفونية الدم” حكايات من الواقع يسردها سائق تاكسي وتشمل الأحوال العامة وحال العالم. وفي كتابه الصادر عن دار الفارابي في العاصمة اللبنانية بيروت ويقع في 143 صفحة من القطع المتوسط وتحمل اثنين وأربعين قصة قصيرة، يشير الخروبي في مقدمته التي حملت عنوان “اخوتي القراء” إلى أن أي شبه لشخصياته بشخصيات موجودة في الواقع هو مجرد صدفة. ويتابع “بكل تواضع أقدم لكم مجموعتي القصصية الثانية. إنها نتاج واقعي بأسلوب سلس”. وتأتي قمة كلامه النقدي في قوله “في النهاية قد تخرج المواضيع عن نمطية القصة لكنها بالتأكيد خارجة من شغاف القلب لتلمس قلوبكم. وأنتم الحكم و الحكم”. ولا شك في ان عددا من القصص يبدو انه يحمل مع قصصيته سمات مقال سياسي وانتقادي ساخر لا يقتصر على الحديث عن لبنان فحسب بل عن العالمين العربي والإسلامي وعن العالم قاطبة. وتتوزع مشاعر شخصيات خروبي بين الإعجاب بمنتجات العلم في العالم في هذا العصر وبين النقمة أحيانا عليها وبين شعور محرق سببه ان عالمينا العربي والإسلامي ما زالا بعيدين عن العلم فعلا. في قصة “أبناء إبراهيم” يتناول قصة إسماعيل واسحق وفي “الطائرة تبحر في الفضاء” تأرجح بين سيطرة الخوف من الطيران واللجوء إلى الصلاة وبين الإيمان بالعلم ومنتجاته ومنها الطائرة. ومن الأمثلة أيضاً قصة “خريف العمر” وهي تقوم على موضوع “تقليدي” نوعا ما في عالمنا العربي. الخريف ممثلا برجل مسن بلغ السبعين “تزوج ربيعا غضا مندّى برائحة الطبيعة...” فتاة دون العشرين من العمر. وكانت النتيجة زوال الخريف فها هو “يصرخ آو وآخ ويضع يده على قلبه ليعلن آخر آخ وآخر آو وينسحب الربيع الى دنيا أخرى”. في قصة بعنوان “صديقي” يتحدث عن عزلة عاش فيها إنسان تخلى عن كثير مما حوله ليتمسك بنتاج من نتاج العلم الحديث. ويختم بالقول “مع كل هذه التأثيرات طردت الفتاة ونسيت شكلها ولونها وانطلقت مع صديقي الكومبيوتر هذا الجهاز الصغير القابع في ركن صغير من غرفتي...” انها إذن حياة أخرى بديلة. وفي “هاني العريس” سخرية مرة تختصر بقول الكاتب عن البطل “ليته لم يخرج يومها إلى عمله”. هاني العريس سائق تاكسي ورب عائلة بينها خمسة أولاد. تستوقفه امرأة حامل تصرخ فيتوقف وينقلها إلى المستشفى. طلبت إليه ان ينتظرها. وبعد مدة يأتي الطبيب مبشرا إياه بأنه أصبح والداً لصبي. احتج الرجل ونفى لكن المرأة كانت قد أعطت اسمه وتفاصيل عنه. عرّف نفسه وتحدث عن عائلته إلى ان تقرر في النهاية إجراء فحص لمعرفة صحة أبوته للطفل. جاءت نتيجة الفحص لتقول ان هاني العريس أب الأولاد الخمسة عقيم لا ينجب أبدا. وختم قائلا “وعندما تتجولون في أحد شوارع بنغازي الرئيسية سترون رجلا حافي القدمين ملتحيا طويل القامة. تعرفون انه هاني العريس وليته لم يخرج من منزله نهار الأربعاء”. في “اختراعات مميتة” يصل الكاتب على رغم إعجابه بالعلم إلى القول “ما أصعب هذا العالم في ظل اختراعات مميتة. صغر العالم وكبرت المشاكل واستطاع غول المادة أن يبتلع العالم ويسيطر”. ولعل قصة “الحاجة دوت كوم” التي يقول خروبي انها واقعية تشكل نموذجا لكثير من آراء الكاتب. انها امرأة عجوز “قلبت فيها كل مقاييس الآخرة وراحت تضرب عرض الحائط كل القلق والخوف من الموت. انها اليوم كما وصفت العجوز الالكترونية المجنونة. “مجنونة لأن دعاءها اختلف عن بقية القطيع وهذا بعض منه: “بارك الله نوكيا صانع جهاز الخلوي الذي أتاح لي فرصة التحدث مع أولادي المغتربين في أستراليا وأفريقيا وأميركا. أتحدث إليهم وأنا في فراشي ...قل آمين يا حاج. ويخبط زوجها على رأسه وجلا. “اللهم بارك السيد سوني الذي أضاء بيوتنا بشاشات التلفزيون الملونة وفتح العالم أمامنا وجمع العائلة حول فضائيات هذا الكون الرحب... شكراً وألف شكر (للمولينكس) التي بضربة واحدة تجهز اللحمة .. “يا رب ... احفظ لنا أصحاب شركات السيارات... شكراً وألف شكر على اختراع الطائرة. اللهم احفظ واستر على الذين سمحوا لنا بالسفر على متن طائراتهم وأحالوا الحمير والجمال والبغال على التقاعد اللهم بارك من ساهم وعاون وتعاون في إيجاد شفرات الحلاقة ومعجون الأسنان...”. بارك الله في انجلترا التي تنتج لنا كي ننعم بحياة أفضل. بارك الله أيضا وأيضا في السيد توشيبا والسيدة هيونداي... الحمدلله أجد نفسي في الجنة رغم انني موجودة في هذه الدنيا الفانية. وأنا العجوز التي عندما تنام تحضر آلة التسجيل اليابانية لتنام نوما هادئا”. ونامت “الحاجة دوت كوم كما يسمونها على حرير الصين وخزف اليابان والكترونياتها ولم تنس ان تقرأ الفاتحة على روح عالمنا العربي الميت”.
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©