الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صراع الصومال وعنف الميليشيات «الإسلامية»

صراع الصومال وعنف الميليشيات «الإسلامية»
14 مايو 2009 02:42
فيما يبدو أنه الهجوم النهائي على العاصمة الصومالية مقديشو صعد القائد الإسلامي «شيخ ظاهر عويس»، والذي كان ذات يوم قيادياً في «اتحاد المحاكم الإسلامية»، عملياته العسكرية ضد الحكومة الانتقالية الهشة في الصومال. وقد جاءت هذه العمليات القتالية التي دامت خمسة أيام وشملت قصفاً كثيفاً لما تبقى من المباني الحكومية في العاصمة مقديشو، ومتسببة بمقتل عشرات الأشخاص، لتجهض أية آمال في نجاح المفاوضات الرامية إلى كسب تأييد «شيخ عويس» وضمه إلى الحكومة الإسلامية المعتدلة التي يقودها الرئيس «شيخ شريف أحمد». ويذكر أن الرجلين معاً شاركا في حكومة اتحاد المحاكم الإسلامية خلال عام 2006، والتي لم تستمر سوى فترة قصيرة قبل أن يطيح بها الغزو العسكري الإثيوبي. ويُلقي الهجوم الجاري حالياً على الحكومة الصومالية شكوكاً حقيقية حول مدى قدرتها على الاستمرار، وذلك بعد أيام قليلة فقط على تعهد المانحين الدوليين بتقديم 213 مليون دولار لدعمها. وفي الوقت الحالي تسيطر القوات الموالية لشريف على 25 منطقة داخل العاصمة، بما فيها القصر الرئاسي، تساندها في ذلك أربعة آلاف من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي التي تتولى، بالإضافة إلى حماية حكومة شريف، الدفاع عن الميناء والمطار. ويعبر عن هذا الصراع الدائر في مقديشو «رشيد عبدي»، خبير الشؤون الصومالية في «مجموعة الأزمات الدولية» بنيروبي قائلا: «ما من شك أن عويس يريد حلا عسكرياً ويسعى إلى الإطاحة بحكومة شريف، وهو اليوم يركز على قصف القصر الرئاسي وأجزاء من المطار، بحيث يبدو الأمر وكأنه الهجوم الأخير». وحسب شهود عيان فإن المعارك المندلعة في شوارع العاصمة تذكر إلى حد كبير بالاقتتال الذي اندلع بداية التسعينيات في خضم الصراع على السلطة بين أمراء الحرب إثر سقوط حكومة «سياد بري» في عام 1991. وعلى مدى الأيام الماضية سقط ما لا يقل عن ستين قتيلا وجرح 250 شخصاً، حيث شارك في المعارك خمسة آلاف من المقاتلين الموالين لميليشيا «الشباب» المتشددة، والتي جاءت من أماكن بعيدة مثل مدينة «كيسمايو» في الجنوب، وقد انضم إليهم فصيل آخر من المقاتلين المتشددين ينتمون إلى «الحزب الإسلامي» ليشاركوا في الهجوم على حكومة شريف. وبعد خمسة أيام من الهجوم المتواصل الذي يشنه مقاتلو «الشباب» الأفضل تسليحاً، بدا واضحاً أن القوات الحكومية تتراجع إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة عناصر حفظ السلام الأفريقية، لكن مع ذلك صرح الرئيس «شيخ شريف» من داخل القصر الرئاسي بأن حكومته ما زالت تعمل من أجل التوصل إلى حل سلمي للأزمة، معتبراً أن هجوم عويس ليس أكثر من ورقة للضغط في المفاوضات الجارية بين الطرفين. وقد صرح الرئيس شريف أمام الصحفيين يوم الإثنين الماضي قائلا: «إننا نقول للشعب الصومالي بأن الحكومة تقوم بكل ما يلزم من جهود لوقف القتال وتحقيق مصلحة الشعب، لكن مع الأسف هناك بعض الناس الذين استفادوا من وضع الحرب يريدون تقويض البلاد». وأضاف شريف: «مازالت الحكومة ملتزمة بإجراء انتخابات حرة، وتفادي الوصول إلى السلطة عبر السلاح، أما سبب محاربتنا من قبل المسلحين فهو رغبتهم في إسقاط الحكومة وإعاقة قيام سلطة فعالة». ويرفض الإسلاميون المتشددون الاعتراف بحكومة شريف رغم أن هذا الأخير حاز على تأييد أغلبية العشائر الصومالية والقادة التقليديين خلال الانتخابات التي رعتها الأمم المتحدة في الثالث من شهر يناير الماضي بجيبوتي. وقد اعتُبرت الخلفية الإسلامية للرئيس شريف، باعتباره قائداً إسلامياً سابقاً خلال حكومة 2006، كافية لإنجاح مساعيه لإعادة الأمن والسلام إلى البلاد وفتح المجال أمام جهود الإغاثة الإنسانية، لاسيما بعد تفاهمه مع رفاقه الإسلاميين على إقرار الشريعة الإسلامية أساساً للقانون الصومالي، وتواصله مع القوى الغربية الحريصة على إنهاء الفوضى الصومالية التي استمرت لأكثر من 18 سنة. وفي مساعيه التصالحية، رحب شريف بعودة عويس، القيادي السابق في اتحاد المحاكم الإسلامية، إلى الصومال، ودعا إلى تسوية الخلافات عن طريق المفاوضات. لكن يبدو أن تلك المساعي فشلت في تحقيق أهدافها المتمثلة في وقف العنف وجلب الهدوء. وإلى حد الآن يبدو أن الدعم الدولي لحكومة شريف مازال محدوداً بسبب المحاولات الأميركية السابقة التي منيت بفشل ذريع خلال التسعينيات، وإسناد مهمة حفظ الأمن لقوات تابعة للاتحاد الأفريقي، والتي هي نفسها باتت، كما يقول أمين عام الأمم المتحدة، مصدراً للفرقة وزعزعة الاستقرار. ويبقى السؤال اليوم عما إذا كانت قوات حفظ السلام الأفريقية، المشكّلة أساساً من جنود بورونديين وأوغنديين، قادرة على حماية الحكومة الصومالية! إنه أمر يشكك فيه «رشيد عبدي» قائلا: «لا أعتقد أن القوات الأفريقية مستعدة لحماية شريف في حال توسع الهجوم». ويبقى الأمل الوحيد بالنسبة للرئيس شريف في كسب مزيد من الميليشيات الإسلامية إلى صفه، بما فيها جماعة «أهل السنة والجماعة» التي تحظى بشعبية واسعة، وإن كان تسليحها سيئاً. وفي هذا السياق صرح المتحدث باسم الجماعة، «خليف أحمد عبيد»، من نيروبي، أنه دخل في مفاوضات مع شريف وأنه تعهد بدعمه فقط إذا التزم بوقف تعاونه مع الأيديولوجيات الإسلامية المتشدد الوافدة في معظمها من الخارج. ويُشار إلى أن جماعة «أهل السنة والجماعة» تسيطر على المناطق الشمالية لمقديشو. لكن في الوقت الذي يقول فيه المتحدث باسم الجماعة «إننا نملك الرجال والحقيقة»، يحذر أيضاً من ميليشيا «الشباب» التي تملك، على حد قوله، «المال والتنظيم المحكم». سكوت بالدوف-كينيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©