الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صفقات الأسلحة العراقية بين الحاجة والشفافية

صفقات الأسلحة العراقية بين الحاجة والشفافية
13 ابريل 2008 22:44
أبرزت صفقة أسلحة عراقية بقيمة 833 مليون دولار -تم التفاوض بشأنها سرا مع ''صربيا''- المشكلات المستمرة التي لا يزال العراق يعاني منها فيما يتعلق بعمليات شراء الأسلحة والمعدات اللازمة لجيشه، وهي عملية اتسمت طويلا بالفساد وعدم الكفاءة، فهذه الصفقة تم إبرامها في سبتمبر الماضي دون مناقصة، ودون مراعاة للضوابط المتعلقة بمكافحة الفساد، ودون علم القادة العسكريين الأميركيين، أو حتى الزعماء العراقيين الكبار، وقد أدت هذه الصفقة فيما بعد إلى انتقادات كبيرة، أجبرت المسؤولين العراقيين على تقليص مشترياتهم بموجبها إلى 236 مليون دولار فقط، وقد تبين فيما بعد -كما يقول المسؤولون العراقيون- أن معظم الأسلحة والمعدات الخاصـــة بهذه الصفقـــة إما من نوعية رديئة، أو غير مناسبة للأغراض العسكرية· وتحليل ملابسات هذه الصفقة، يسلط الضوء على الصعوبات الإدارية التي يعاني منها الجيش العراقي في شراء الأسلحة والمعدات التي يحتاجها، وكذلك على حقيقــة أن النظام الأميركي للمشتريات، المخصص لمساعدة الدول الأجنبية الصديقـــة على التغلب على الصعوبات التي تواجه عمليات شراء الأسلحة التي تحتاجها، بطيء ومعقد أكثر مما ينبغي، وأنه غير مناسب للتطبيق في حالات الاحتياج العاجل، وقد دافع زير الدفاع العراقي ''عبد القادر العبيدي'' على صفقة الأسلحة الصربية بقوله، إنه قد اتّبع إجراءات التعاقـــد السليمة، وكان يُطلــع رئيس الوزراء نوري المالكي على تفاصيلها خطوة بخطوة· من المعروف أن عمليات المراقبة الدقيقة لصفقات الأسلحة العراقية قد أصبحت مهمة للغاية، وذلك بعد سلسلة من صفقات الأسلحة المشبوهة التي عقدت عامي 2004 و2005 وكانت سببا في الإطاحة بوزير الدفاع العراقي السابق ''حازم شعلان'' الهارب حاليا، والصفقة الصربية كانت تتضمن شراء طائرات عمودية، وطائرات عادية، وحاملات جنود مدرعة، ومدافع هاون، ومدافع رشاشة وملابس عسكرية، ومعدات أخرى تم التفاوض بشأنها بواسطة وزير الدفاع ''عبد القادر العبيدي'' ووزير التخطيط ''علي غالب بابان''، وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهت للصفقة يقول بعض المستشارين العسكريين الأميركيين، إنها تمثل مرحلة جوهرية في منحنى التعليم والتدريب للجيش العراقي، كما أنها تُعّد أيضا بمثابة اختبار لقدرة الجيش الأميركي على الموازنة بين تقديم النصح والإرشاد للعراقيين، وبين فرض القيود عليهم· من المعروف أن هناك 100 دولة حليفة تستفيد من ''برنامج المبيعات العسكرية الخارجية'' -يشرف عليه البنتاجون- والذي يعمل مسؤولوه فيه كوسطاء بين حكومات الدول الحليفة، وبين الحكومات الأخرى التي يريد الحلفاء شراء الأسلحة والمعدات منها، كما يشمل البرنامج أيضا تعاون أميركا مع تلك الدول في الموضوعات العسكرية ذات الاهتمام المشترك، وكذلك المسائل المتعلقة بالتسليم، والصيانة والتدريب، لإتاحة الفرصة لتلك الدول للاستفادة من الخبرة الأميركية العسكرية في منظومات الأسلحة، ومراقبة الجودة، والشفافية، وضوابط مكافحة الفساد· وكان هدف المسؤولين الأميركيين من خلال هذا البرنامج، هو مساعدة العراق على إنفاق المزيد من مداخيلها على شراء الأسلحة، وهو ما تحقق في العام الماضي، حيث وصلت قيمة الإنفاق العسكري العراقي على الأسلحة إلى 7,5 مليار دولار متجاوزا لأول مرة قيمة التمويل الأميركي المخصص للإنفاق على احتياجات الجيش العراقي، والبالغ 5,5 مليار دولار، بيد أن المشكلـــة فيمـــا يتعلــق بهذا البرنامج تتمثــل في أنه مخصص لأوقـــات السلم وليس لأوقات الحرب، وأن اللوائح الخاصة به تركز في المقام الأول على مسائل الشفافيــة، وتوحيد المعايير، أكثر من تركيزهــا على سرعة الإنجاز· وكانت الحكومة العراقية قد أودعت 2,6 مليار دولار في حساب خاص في بداية 2006 لتدبير احتياجاتها وفقا لـ''برنامج المبيعات العسكرية الخارجية'' الأميركي، ولكن، ونتيجة لبطء إجراءات البرنامج، لم تتمكن العراق حتى بداية عام 2007 سوى من شراء أسلحة لا تزيد قيمتها عن 200 مليون دولار كان الجيش العراقي يحتاجها بشدة إبان احتدام العنف، ومن جانبهم، يلقي الأميركيون باللوم على الجانب العراقي، ويقولون إن النظام البيروقراطي العراقي المعتاد على العمل تحت قيادة مركزية- مثلما كان عليه الحال أيام صدام حسين- لا يأبه كثيرا بلوائح الشراء الرسمية المحددة في ''برنامج مبيعات الأسلحة العسكرية الخارجية'' كما أنه غير معتاد على بعض الإجراءات الأخرى مثل كتابة المواصفات التفصيلية الخاصة بكل سلاح· بعض النقاد وجميعهم من الضباط ذوي الرتب الكبيرة من الجانبين الأميركي والعراقي، وجهوا تهمة أكثر خطورة فيما يتعلق بعمليات شراء الأسلحة التي ترعاها الولايات المتحدة، وهي أن كبار الضباط في وزارة الدفاع العراقية قد أعاقوا تنفيذ صفقات الشراء تلك، لأنهم كانوا يخشون أن يَحول برنامج المبيعات العسكرية الخارجية الأميركي بينهم، وبين الحصول على نصيب من أموال الصفقات لحسابهم الشخصي، ولكن هؤلاء النقاد لم يقدموا أدلة على صدق اتهاماتهم· إلى ذلك اتهم مسؤول كبير في وزارة الدفاع العراقية، -رفض الكشف عن اسمه خوفا من الانتقام- وزير الدفاع العراقي ''عبد القادر العبيدي'' بأنه يعمل على تعطيل إجراءات ''برنامج المبيعات العسكرية الخارجية''، وأن العقود تظل على مكتبه لمدة 6 أو 7 شهور في انتظار الحصول على موافقته· من جانبهم، أقام الأميركيون الذين تشككوا في أسباب تعطيل بعض عمليات شراء الأسلحة والمعدات، مكتبا لتعقب إجراءات المشتريات، وتوصل هذا المكتب إلى أن العديد من حالات التأخير في إتمام المشتريات سببها مكتب ''عبد القادر العبيدي'' الذي أنكر عند مواجهته بهذه الاتهامات، أنه يعطل العقود حتى يستفيد منها ماديا، وأصر على أن السبب في التأخير يرجع إلى أن هذا البرنامج مخصص لأوقات السلم وليس لأوقات الحرب· يشكك مسؤولون عسكريون أميركيون وعراقيون من الحكمة وراء شراء معدات بعشرات الملايين من الدولارات للسيطرة على الجماهير، وشراء منظومات مدافع هاون غير دقيقة التوجيه، يصعب استخدامها ضد رجال العصابات، وقد اشتكى نقاد صفقة الأسلحة الصربية على أن تلك الصفقة قد أحبطت عملية توحيد منظومات الأسلحة والمعدات العراقية التي تشتمل في الوقت الراهن على خليط غير متجانس من المنظومات المستوردة من الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وباكستان، والبلقان، وأخيرا صربيا· سلومون مور- بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©