الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحوار مع العدو أحد دروس ريجان

الحوار مع العدو أحد دروس ريجان
13 ابريل 2008 22:46
هل يجدر بالرئيس الأميركي المقبل أن يتحاور مع أعداء البلاد؟ ''باراك أوباما'' أكد أنه سيفعل، بينما تتحاشى ''هيلاري كلينتون'' إبداء موقفها بوضوح، ولكنها عموما ضد محادثات سابقة لأوانها مع خصومنا، أما مرشح الجمهوريين المفترض ''جون ماكين'' فلم يتطرق لهذا الموضوع في خطابه الأخير أمام ''مجلس الشؤون العالمية''، وبالمقابل، كانت إدارة ''بوش'' واضحة بخصوص مقاربتها، فبدلا من محاولة التقرب إلى أعدائنا، فإنها تفضل شتمهم وعزلهم، كما أنها لم تبذل أي جهود من أجل التقرب من الزعيم الكوبي الجديد ''راؤول كاسترو''، بيد أن رئيسا أميركيا سابقا، تردد اسمه مرات كثيرة في الحملة الانتخابية الرئاسية باعتباره شخصــا موضع تقدير واحترام، كان يتحاور مع أعداء البلد، إنه ''رونالد ريجان'' الذي يمكننا أن نتعلم الكثير من مقاربته· كل هذه الأمور يعرفها القاصي والداني، غير أن ما لا يعرفه سوى القليلين، فهو رونالد ريجان الآخر، ريجان الذي سعى جاهدا إلى التفاوض مع الرجال الذين يديرون امبراطورية الشر، وتحتوي ''مكتبة ومتحف ريجان الرئاسيين'' على كنز من الوثائق التي تدلل على الجهود التي كان يبذلها ريجان من أجل الحوار مع الأعداء، ومن ذلك مجموعة من الرسائل التي بعث بها إلى الزعماء السوفييت، وكانت في كثير من الأحيان مكتوبة بخط يده للتدليل على صحتها، وكان قد قال للكثير ممن وصفهم بأعدائه، إنه بالرغم من الخلافات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، فإن ثمة الكثير الذي ينبغي التحادث حوله رغم الشرخ الإيديولوجي· وإلى ''بريشنيف'' كتب ''ريجان'' في أبريل 1981 يقول إنه سيرفع حظر الحبوب على الاتحاد السوفييتي ويسعى للحوار· وكتب يقول: ''إن لدى شعوب العالم، رغم الاختلافات من حيث الأصول العرقية، أشياء كثيرة مشتركة، فألا يجدر أن نكون منشغلين بإزالة الحواجز التي تحول دون تحقيق شعوبنا للأهداف التي تصبو إليها؟''· بيد أن رغبة ريجان في الحوار مع العدو كانت تلقى مقاومة قوية داخل إدارته، فكره الفكرة كل من ''كاسبر'' و''ينبورجر''، ولكن الرجل تشبث بموقفه، وكان يقول إن على أميركا أن تكون قوية، وإن هدف قوتها هو أن تتحاور، بينما كان تصميم ريجان على الحوار مع العدو يزداد، ازداد بموازاة مع ذلك فهمه لامبراطورية الشر على نحو فاجأه، حيث اكتشف أن السوفييت كانوا يخافون أعماله، ففي خريف 1983 كان ثاني أكثر فترة إثارة للخوف إبان الحرب الباردة، عندما اختبرت المناورة العسكرية الأميركية ''إيبل آرتشر'' طرق القيادة والاتصال لإطلاق أسلحة نووية زمن الحرب، وهو ما أثار مخاوف الكريملن من أن يكون ''ريجان'' بصدد الإعداد لهجوم مباغت، وهو ما أرعب الروس وفاجأ ''ريجان''· وفي مارس ،1984 كتب ''ريجان'' إلى ''تشيرنينكو'' يقول إنه علم أن الزعيم السوفييتي يأمل أن يتذكرنا التاريخ ''كزعماء صالحين وحكماء وطيبين· لا شيء أهم بالنسبة لي من هذا الأمر، وينبغي أن نتخذ خطوات لبلوغ ذلك''، غير أنه حتى هذه اللحظة لم يتحقق أي شيء في هذا الباب، حيث لم يكن يعرف الزعماء السوفييت المتقدمين في السن كيف يؤولون الانفتاح الشخصي للرئيس فـــي وقــت كـــان فيه خطابــه العلني معاديا جدا في كثير من الأحيان· ولكن في السادس من مارس ،1985 عندما وصل زعيم سوفييتــــي شــــــــــاب وحيـــــــــــوي -ميخائيل جورباتشوف- إلى الكريملن، كان ''ريجان'' يتوق إلى المحاولة من جديد، وكان كتيب قد أُعد لنائب الرئيس ''جورج بوش'' الأب ووزير الخارجية ''جورج شولتز'' من أجل استعماله في محادثاتهما مع الزعيم السوفييتي الجديد في موسكو بعد جنازة ''تشيرنينكو''، ومما جاء فيه ''إننا ندرك أنها لحظات عصيبة، ولكننا نرغب في جعلها لحظات للفرص''، وعندما التقى ''بوش'' و''شولتز'' بـ''جورباتشوف''، نظر ''شولتز'' إلى هذا الأخير مباشرة في عينيه وقال: لقد طلب مني الرئيس ريجــــان أن أنظر إليـــك مباشــرة في عينيـــــك وأقول لــــك ''إن رونــــالد ريجان يعتقد أنها لحظة خاصة جدا في تاريخ البشرية''، وبعد ستة أشهر على ذلك في ''جنيف''، نزل ''ريجان'' من طائرته للالتقاء بالزعيم السوفييتي الجديـــد، وقـــد اعترف في سيرته الذاتية قائلا: ''أردت أن نبدأ··· كانت الاستعدادات للقمة قد بدأت قبل خمس سنوات، حين شرعنا في تعزيز اقتصادنا، وتوحيد إرادتنا الوطنية، وإعادة بناء دفاعاتنا الوطنية، وكنت أشعر أنني مستعد''· منذ بداية فترته الرئاسية، أدرك ''ريجان'' أن القوة هي خلفية للحوار، وأنه لا يمكن تحقيق الكثير بدون حوار مع خصوم البلاد، فقد يكون العدو شريرا، إلا أنه يمكن إيجاد أرضية مشتركة، وقد يكون الخصم شريرا، ولكن التغيير يأتي، وقد تكون الأنظمة السياسية قمعية، ولكنها لا تظل كذلك للأبد· كان على المرء أن يثق في قيمه، وكان ضروريا أن يتحلى بالصبر والمثابرة، وكان لا بد من الحوار· ثم إن الحوار مع عدوك لا يعني الاستسلام له، بل يعني أن تقيس طبيعته وحجمه، وتحديد الخطوة المقبلة الواجب اتخاذها، هكذا تمكن الرجلان من نقل الحرب الباردة إلى نهاية سلمية· ميلفن ليفلر الرئيس المشارك في برنامج أميركا الحاكمة في زمن عالمي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©