عندما اخترع ماركوني جهاز الراديو قال المتشائمون من الناس إن عهد الصحافة الورقية قد ولى إلى غير رجعة. لكن الراديو اكتفى باقتطاع جزء من كعكة المتابعين وترك الجزء الأكبر للصحافة المكتوبة. وعندما تمكن زوريكين وفارنسورث من اختراع التلفزيون قال بعض المتشائمين إن التلفزيون سيلغي تماماً وجود الصحافة المكتوبة والراديو على حد سواء. لكن الجرائد والراديو تمكنا من النجاة وعاشا جنباً إلى جنب مع الوحش الجديد الذي فاز بالجزء الأكبر من كعكة المتابعة اليومية للناس. أيضاً عندما اخترع الفيديو في سبعينات القرن الماضي قال جزء صغير من المتشائمين إن السينما تحتضر ولم يبق إلا وقت قصير وتُدفن إلى الأبد. لكن الفيديو خيّب توقعات المتوقعين وصار مساعداً صغيراً لدور السينما, ولم يؤثر حضوره طوال الثلاثين أو الأربعين سنة الماضية على حجم متابعة الناس لأفلام الشاشة الكبيرة. وبالطبع فإن غيابه الجزئي في السنوات الأخيرة لم يكن ليدرك أيضاً. هذه المقدمة الطويلة التي احتلت أغلب مساحة هذا العمود الأسبوعي, أردت من خلالها أن أرسل رسالة صغيرة لعدد محدود جداً من المتشائمين الذين يظنون أن الجرائد الإلكترونية سترسل الصحافة الورقية عمّا قريب إلى المقبرة. المنافسة بين الوسائل الإعلامية طوال القرن الماضي كانت تكاملية وليست تنافسية, هذا من ناحية. من ناحية اخرى, فإن خاصية إعادة التشكل بما يتناسب مع المرحلة سيكون هو المخلص الرئيس لأي وسيلة إعلامية إذا ما أرادت النجاة سواء اكانت مقروءة أو مسموعة أو مشاهدة أو حتى «متلكرنة».
عبدالله ناصر العتيبي
Abdullah.alotaibi@admedia.ae
عدد اليوم
