الثلاثاء 7 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الإجراءات الضريبية الجديدة تهدد شركات الاتصالات المصرية

الإجراءات الضريبية الجديدة تهدد شركات الاتصالات المصرية
17 فبراير 2013 22:50
محمود عبدالعظيم (القاهرة) - تواجه سوق الاتصالات المصرية مأزقاً شديداً خلال الفترة المقبلة على خلفية الضريبة الجديدة للمحمول، التي فرضتها الحكومة مؤخرا وتسعى لتنفيذها خلال أيام قليلة. ويهدد هذا المأزق الاستثمارات الجديدة في هذا المجال والتي كانت بعض الشركات العاملة في قطاع الاتصالات تستعد لتنفيذها حال الحصول على التراخيص الرسمية اللازمة وهي استثمارات تبلغ عشرة مليارات جنيه تتوزع على قطاعات الإنترنت والكوابل البحرية والألياف الضوئية ومشروعات أخرى في مجال البنية الأساسية للاتصالات مثل مشروع البوابة الدولية للاتصالات وظهور شبكة رابعة للمحمول في مصر. وتشمل العوامل التي تحاصر سوق الاتصالات المصرية سلسلة من الإجراءات الضريبية الجديدة التي فرضتها الحكومة ضمن حزمة ضريبية واسعة تشمل قطاعات الاتصالات والمصارف والحديد والإسمنت والعقارات وغيرها في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تعهدت الحكومة بتنفيذه في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي. وتتضمن الإجراءات الضريبية الخاصة بسوق الاتصالات زيادة ضريبة المبيعات على مكالمات المحمول من 3 إلى 18% وفرض ضريبة أخرى مقدارها قرش واحد على كل دقيقة مكالمة يجريها المستهلك إلى جانب فرض ضريبة مقدارها 25 جنيها على كل خط محمول وعلى كل اشتراك جديد في خدمة الإنترنت لمرة واحدة. ورغم أن هذه الإجراءات الضريبية لم تدخل حيز التنفيذ بعد فقد ساهمت في تحريك أسعار كروت الشحن التي يستخدمها غالبية المصريين في الأيام الماضية بمعدلات بلغت 30% في بعض المناطق مما أثار موجة جديدة من الغضب الشعبي. الركود الاقتصادي ومن جانبه، قال المهندس عماد الأزهري رئيس قطاع التسويق في شركة فودافون مصر, إن الحزمة الضريبية الجديدة في خدمات الاتصالات سوف تمثل تحدياً كبيراً للشركات والمستهلكين في آن واحد، حيث إن ارتفاع تكلفة الخدمة سوف تؤدي إلى تراجع العائدات نتيجة تراجع الاستخدام من جانب المستهلكين وسوق المحمول في مصر تعاني منذ فترة طويلة حالة تشبع كبيرة، حيث يزيد عدد الخطوط على عدد السكان. وأضاف “هناك العديد من الخطوط عائدها التشغيلي يكاد يكون صفراً في الشركات كافة، وبالتالي أصبحت قدرة الشركات على تحمل الرسوم والضرائب نيابة عن العملاء غير واردة على الأقل في هذه المرحلة ومن ثم يجب إعادة النظر في المنظومة الضريبية الموجهة إلى قطاع الاتصالات لا سيما أن هذا القطاع يقدم بالفعل حصيلة ضريبية كبيرة للخزانة العامة تشمل ضرائب المبيعات وضرائب الأرباح التجارية وغيرها تبلغ في مجملها 5 مليارات جنيه سنوياً، وهو مبلغ لا يستهان به”. وأوضح أن الضغوط التي تحاصر القطاع ربما تعطل استثمارات جديدة، ومع ذلك فإن شركات القطاع لا تزال تراهن على القدرة الاستهلاكية المتنامية في سوق قوامها 90 مليون مواطن وعلى الطبيعة المتنوعة والعميقة للاقتصاد المصري التي تتيح خيارات واسعة أمام الشركات وتمنحها الأمل في ابتكار خدمات جديدة تجتذب شرائح أخرى من المستهلكين أفراداً وشركات بما يسهم في تعزيز قدرة شركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر على الصمود وتخطي هذه المرحلة. وأكد الأزهري أن سوق الاتصالات تواجه مثل غيرها من بقية الأنشطة والقطاعات الاقتصادية الأخرى مأزقاً متعدد الأبعاد نتيجة الركود الاقتصادي العام، الأمر الذي ترتب عليه زيادة الأعباء التشغيلية وتراجع العائدات وبالتالي ما كانت الشركات تستطيع التعامل معه واستيعابه في أوقات سابقة ولم تعد قادرة على تحمله في هذه المرحلة مما يقتضي ضرورة مساندة الشركات العاملة في هذا القطاع حتى تستطيع الصمود وتخطي مرحلة الركود الراهنة. الهاتف المحمول ويشير الخبراء إلى أن تراجع عوائد التشغيل في هذا القطاع الحيوي سوف يحول دون تنفيذ خطط التوسع المستقبلية أو تحسين جودة الخدمات المقدمة للمستهلكين لا سيما أن معظم الشركات محملة حالياً بأعباء قروض مصرفية ذات تكلفة مرتفعة، وبالتالي سوف تتراجع معدلات النمو في قطاع الاتصالات ـ الذي كان يدور حول 14% سنوياً قبل ثورة يناير، وهو معدل مرتفع عزز نمو الاقتصاد الكلي في تلك السنوات ـ إلى اقل من 5%، الأمر الذي سوف يلقي بظلال سلبية على معدل نمو الاقتصاد الكلي، نظرا لتداخل قطاع الاتصالات في معظم حلقات العملية الإنتاجية بالبلاد ونظرا للتأثير المتزايد لتكنولوجيا المعلومات في نوعية الخدمات التي تقدمها الشركات والمصارف كافة لعملائها. وترى مصادر سوق الاتصالات أن تنفيذ هذه الحزمة الضريبية الجديدة سيؤدي إلى وقف النمو في سوق المحمول والإنترنت وخفض عدد خطوط المحمول في السوق من 90 مليون خط حالياً إلى اقل من 60 مليوناً، وبالتالي تفقد السوق 30% من إيراداتها التي تتراوح بين 25 و30 مليار جنيه سنويا تحصل منها الحكومة على 5 مليارات جنيه في شكل ضرائب ورسوم. إلى جانب توقعات بتراجع عوائد التشغيل لدى شركات المحمول الثلاثة حيث من المنتظر تراجع معدلات الاتصال بين العملاء بسبب ارتفاع التكلفة لاسيما وان متوسط تكلفة مكالمة المحمول في مصر تحتل المرتبة الثالثة من حيث السعر مقارنا بمتوسطات الأسعار المثيلة في بقية أسواق المنطقة وبالتالي فإن تحميل هذه الأسعار بضرائب جديدة يؤدي إلى أن تكون تكلفة اتصالات المحمول في مصر هي الأعلى في دول المنطقة رغم تراجع متوسط الدخول مقارنا بمستوى دخول بلدان المنطقة. سوق الاتصالات أما العامل الثاني الذي يمثل عنصر ضغط على سوق الاتصالات المصرية، فيتمثل في مجموعة التراخيص الجديدة التي تعتزم الحكومة طرحها قريباً، وتشمل رخصة الاتصالات المتكاملة التي تسمح للشركة المصرية للاتصالات بتقديم خدمات المحمول مقابل السماح لشركات المحمول بتقديم خدمات الاتصالات الأرضية كما تشمل هذه التراخيص طرح رخصة ثالثة لتقديم خدمات الإنترنت، إلى جانب شركتي “لينك” و”تي ايه داتا”. وكذلك وكسر احتكار الاتصالات الأرضية، حيث من المقرر منح تراخيص تقديم هذه الخدمات لشركات جديدة بشرط أن تقدم الخدمات في مناطق جغرافية محددة وفق حقوق امتياز مقابل رسوم سنوية وبنسبة من عوائد التشغيل تسددها هذه الشركات للحكومة حيث من المنتظر تطبيق هذا النظام الجديد لتقديم خدمات الاتصالات في التجمعات السكنية المغلقة “الكومباوند”. ومن المنتظر أن يسفر طرح هذه التراخيص عن تغيير المراكز التنافسية للشركات العاملة في السوق وتعديل حصصها السوقية وفي مقدمة هذه الشركات المصرية للاتصالات المملوكة للحكومة، حيث ستجبر هذه الشركة على بيع حصتها في فودافون مصر حال طرح رخصة الاتصالات المتكاملة مما سيمثل مزيداً من الضغوط على الشركة الحكومية التي تتراجع أرباحها سنويا، رغم أن جزءا من أسهمها يجري تداوله في بورصة القاهرة للأوراق المالية. أما العامل الثالث، فيتمثل في استمرار تردي أوضاع الاقتصاد الكلي بصفة عامة مما يضطر العديد من الشركات إلى خفض إنفاقها ومنها الإنفاق على الاتصالات والإنترنت والخدمات المعلوماتية، وكذلك اضطرار شركات أخرى للتصفية والخروج من السوق بصفة نهائية نتيجة استمرار تعرضها للخسائر، وبالتالي فقدان قطاع الاتصالات لعملاء كثيرين من هذه الشركات مما يزيد من أعباء وضغوط التشغيل على شركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بصفة عامة. ويؤكد خبراء سوق الاتصالات على أن هذه السوق سوف تشهد حالة من الجمود الكامل في الفترة القادمة نتيجة الضغوط التي تحاصرها، وبالتالي سوف تتوقف الاستثمارات الجديدة ويعزز من هذا الموقف تدهور المشهد السياسي بالبلاد الذي يحول دون اقدام الشركات في المجالات كافة على ضخ استثمارات جديدة أو تنفيذ أي توسعات في مشروعاتها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©