السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بيروت العتيقة لوحات جدارية باسمة

بيروت العتيقة لوحات جدارية باسمة
26 مارس 2010 20:49
ما أن تتجاوز عتبة مدخل الطريق الجديدة وتحديداً أمام الملعب البلدي، حتى تلفت انتباهك مجموعة من الرسومات واللوحات التشكيلية التي تمثل بيروت “العتيقة” أو القديمة، بتراثها وتاريخها ومعالمها، تنتابك الدهشة ومتعة الإبداع، وأنت تقف أمام جدران الملعب الكبير، تحتار في هذا العمل الفني الذي يجمّل الجدران ويعطي رونقاً محبباً، في منطقة تعج بالسكان والسيارات و”تخمة” الزوار. إنه انفعال الدهشة تجاه أمر غير اعتيادي، غير مألوف، غير متوقع حدوثه، فيحدث وكثيرة هي الأمور التي تندهش لحدوثها. البحث عن ابتسامة الرسام وليد نحاس الذي “نقش” هذه الأعمال على الجدران، يقول إنه يبحث عن الفن في زمن الهموم المعيشية، وعن الابتسامة لأنها الدواء لكل الأحزان والآلام، ولا ينسى أن يتحدث عن المصاعب التي تتكدس فوق رؤوس مرهقة، لذلك يرى أن الرسم هو جزء من العلاج، والاهتمام به يبدو أمراً ضرورياً خصوصاً في لبنان، بغية إعادة الثقة إلى النفوس المعتمة. وليد نحاس حمل “عدة الشغل” المؤلفة من ألوان مائية وفرشاة وريشة ناعمة، وانتقل إلى خارج الوطن، فاستقر في الكويت لمدة 30 عاماً كانت رسوماته و”أفيشات” السينما والمسرح التي صممها هي العنوان لشهرته وانتشار أعماله الفنية التي بقيت صامدة حتى “الغزو”، ثم رجع إلى لبنان “ليستثمر” إبداعاته في خدمة بلده ومعارفه. ويقول: أنا شاب لبناني تعلقت بفن الرسم على جميع أنواعه، بدءاً من “البورتريه” وانتهاء برسم أفيشات السينما والمسرح، والقسم الكبير من عملي مارسته في دولة الكويت، حيث عملت لفترة 30 سنة متواصلة في هذا المجال. وكشف نحاس أن بلدية بيروت طلبت منه تنفيذ هذا العمل، على جدران الملعب البلدي في الطريق الجديدة. والغاية منه تجميل الجدران بشكل فني ولائق، عدا بثّ روح الفن العتيق والذكريات القديمة التي كانت تمتاز بها بيروت العاصمة في الخمسينيات والستينيات. وأوضح قائلاً: أنا أتولى كل شيء، وطبعاً هم يعطونني الخطوط العامة لتنفيذ العمل، إلا أنه نتيجة للخبرة التي أتمتع بها، والأفكار التي أعرضها على المسؤولين في البلدية، فقد تركوا لي حرية الاختيار بعدما رأوا نماذج من عملي، وكيفية تنفيذ اللوحات والرسومات على الجدران. مشيراً إلى أنه على وشك الانتهاء من تنفيذ الاتفاق وقال: حتى الآن رسمت 40 لوحة متنوعة، تحمل تراث وتاريخ وعادات بيروت القديمة، وهناك عشر لوحات باقية سوف أنتهي منها قريباً. وربما خلال يومين على الأكثر، وهي تتراوح بين البيئة والطبيعة والمعالم السياحية. رسومات على الجدران ولفت إلى أن مهنة الرسم على الجدران جميلة وحساسة في نفس الوقت، ولا يقدر عليها أي كان، ولا تعلم مدى الفرح الذي أشعر به عندما أرى الإعجاب في وجوه الناس الذين يثنون على ما أنجزت، وكثيراً ما أطير من الفرحة حين أرى جموعاً ينتظرون الساعات وهم يراقبون عملي ويبقون على الرصيف لحين الانتهاء من رسم اللوحة المطلوبة، وهذا ما يزيدني فخراً بأنني أحقق شيئاً من ذاتي، وأيضاً يبعدني عن الغرور. وأضاف: قبل كل شيء أنا وغيري من الزملاء نحاول أن ننشر هذا الإبداع الذي يعطي فائدة جماعية يستفيد منها الشعب اللبناني. ومن الضروري أن تروج هذه الظاهرة في معظم المناطق والأحياء. وبدوري فإنني أرحب بكل من يمارس هذه المهنة الصعبة التي تحتاج إلى دراسة وخبرة عميقة، وإلى علم التشريح والأبعاد والظل والخيال وغير ذلك. «بورتريه»و «أفيش» وأضاف: أنا أرسم “بورتريه” الوجوه، خصوصاً “بورتريه” وجوه الفنانين والممثلين وأهل المسرح. وعملت “أفيشات” في موسم الانتخابات النيابية لأهل السياسة خصوصاً لنواب بيروت وغيرهم. عدا “البورتريه” فأنا أرسم “أفيشات” الأفلام السينمائية والمسرحيات، وفي الكويت نلت جوائز مهمة واشتركت في مسابقات ومعارض، ونلت الجائزة الثانية في مسابقة أقيمت عام 1966 واشترك فيها مئة رسام، والجائزة موجودة في غرفة الصناعة في الكويت. كما أخذت تنويهاً من الفنان عبدالحسين عبدالرضا “أبو عدنان” رئيس مركز الفنون والمسرح في الكويت، ولي صداقات عديدة مع معظم الفنانين القدامى هناك. وتحدث عن جدارية الكويت وقال: نفذتها عن الكويت القديمة والجديدة عام 1985، طولها 12 متراً، وهي موجودة في وزارة الصحة، مستشفى الأمير. صداقات ولوحات وقال إنه ارتبط بصداقات عديدة مع أهل الفن والمسرح، منهم زياد الرحباني وغازي قهوجي، والاثنان عمل معهما في ديكور لمسرحياتهما، وأيضاً للفنان ملحم بركات في مسرحية أقيمت في البيكاديلي. وأكد أن معظمها يعود لبيروت التراث والتاريخ، منها لوحات ساحة الشهداء وساحة البرج، وساعة العبد والنجمة، منطقة الزيتونة، وخط الترامواي، وسوق البيض وغير ذلك.. وعن كيفية انطلاقه في العمل قال: أستعمل ألواناً مائية معروفة وهي ليست غالية بقدر الفن الذي أنجزه، وبالنسبة إلى الألوان التي استعملها فإنني أركبها تركيباً، ولكن اللوحات القديمة صعبة جداً في التطبيق، وهي بحاجة إلى خبرة وفن ومهارة ولا يقدر عليها كل من حمل فرشاة أو حقيبة ألوان. ولفت إلى أنه لكل لوحة سعر ولا يقل سعر الواحدة عن مئتي دولار، مع العلم أن رسم “البورتريه” صعب أكثر ويعذبك أكثر. نشر الجمال قال نحاس لـ”دنيا الاتحاد”: أتمنى الستر والصحة الدائمة، والخير والعافية للبنان. وآمل من الرسامين اللبنانيين أن يعمموا فن تجميل العاصمة والمناطق في جداريات تعبّر عن التاريخ والتراث، وعادات وتقاليد الشعب اللبناني، فلا أجمل ولا أروع من العودة إلى الماضي القديم المليء بالعفوية والفطرة التي كانت سائدة، حيث كان الخير يعم جميع ربوع الوطن، وبدلاً من ترك الساحات مهملة وبشعة، علينا نشر الجمال والفن والتراث، فهي عناوين تاريخ لبنان ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©