الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبير شمس الدين.. من «الهروب» إلى «الخبز الحرام»

عبير شمس الدين.. من «الهروب» إلى «الخبز الحرام»
26 مارس 2010 21:04
عادت الفنانة السورية عبير شمس الدين إلى الأضواء بعد غياب دام ثلاث سنوات، آثرت خلالها العيش في الظل، لتكوّن أسرتها الصغيرة، ولتمارس دورها كأم في إنجاب طفلها الوحيد “خلدون” ورعايته في سنوات طفولته الأولى، وبعد هذا الاحتجاب الطوعي رجعت باشتياق واندفاع لعالم الدراما التلفزيونية، لتفاجئ الجميع بمشاركتها في سبعة مسلسلات دفعة واحدة، وسيعرض خمسة منها في موسم رمضان القادم، أما الاثنان الآخران فسيعرضان على شاشة القناة التربوية السورية. شخصيتان تاريخيتان أبرز الشخصيات التي تلعبها عبير في موسم عودتها القوية في مسلسل “رايات الحق” لمحمود الدوايمة، حيث تجسد شخصية أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر الصديق، وهي من أوائل من أسلمن، وتكنى بذات الهجرتين، لأنها أول من هاجرت إلى الحبشة، ثم إلى المدينة المنورة، وهي صحابية جليلة، عالمة وعاقلة، صابرة ومتعبدة، وصاحبة بصيرة في تأويل الرؤيا، وقريبة الصلة والقرابة من بيت الرسول (ص)، وقد أبلت في الهجرتين بلاء حسناً، وكان لها من المواقف ما يستشهد بها. وقد احتاج أداء هذه الشخصية الرفيعة والمهيبة من عبير شمس الدين أن تعطي كل ما في داخلها من طاقة تمثيلية لتجسيد هذه الشخصية الكبيرة بكل ما تتمتع به من صفات وما عرف عنها من مواقف. وسبق تصوير هذه الشخصية التاريخية، ظهور عبير مع فرقة “إنانا” في قطر، وهي ترتدي شخصية الملكة عصمة الدين خاتون زوجة صلاح الدين الأيوبي، وكانت إطلالتها جميلة ورصينة، ولاسيما وهي تُلبس زوجها زي الحرب قبيل معركة حطين، ووسط هذا العرض الفني الجميل لفرقة إنانا المبدعة كانت عبير تعلن عودتها إلى الساحة الفنية مجدداً. عذاب وضياع وبشكل مغاير لشخصيتي السيدتين أسماء وخاتون تغادر عبير مسرح التاريخ، لتلعب أدواراً معاصرة، فقد جسدت دور “سمر” في مسلسل “الهروب” للمخرج ثائر موسى، وأدّت من خلاله شخصية امرأة قبلت الزواج من شخص لا تعرف عنه الكثير، لتكتشف حقيقته بعد الزواج، فهو يعاملها بقسوة، ويعتدي عليها بالضرب، فتحاول تحمّله لتحافظ على بيتها وأسرتها الصغيرة، ولاسيما أنه والد طفلتها الوحيدة. لكن هذا الوضع يجعلها ترتاح لأي شخص يعاملها بطريقة محترمة ورقيقة ومختلفة عن معاملة زوجها القاسية والفظة، ومع ذلك فهي تحاول قدر المستطاع ألا تقع في الخطأ!. وتعبر عبير عن محبتها لشخصية سمر التي تعاني من العذاب والضياع في حياتها، وتعتبر الدور جديداً ومختلفاً عن الشخصيات التي لعبتها في تجاربها السابقة، وهذا ما جعلها تستمتع بأداء هذه الشخصية المميزة والمعقدة في آن. فتاة عراقية كما تلعب عبير شخصية الفتاة العراقية “وجدان” في مسلسل “السيدة” العراقي الذي يخرجه غزوان بريجان، وهو مسلسل اجتماعي يتناول حياة ومشكلات الأسر العراقية المقيمة في سوريا، ويشارك فيه ممثلون سوريون وعراقيون، وتدور أحداثه داخل بيت الحاج نعيم الذي يهاجر إلى سوريا، ويتزوج السورية الحاجة فاطمة، ويكوّن أسرة من ثلاثة أبناء وبنت واحدة هي “وجدان”. وسنشاهد من خلال شخصية وجدان وأشقائها الثلاثة وأسرتها نماذج لمعاناة العراقيين المهاجرين خارج العراق. كما تشارك عبير في مسلسلين سوريين آخرين هما “أقاصيص مسافر” للمخرج خالد الخالد، و”الخبز الحرام” للمخرج تامر إسحق، حيث تلعب شخصيتين معاصرتين تختلفان عن أدوارها السابقة، كما لم تفوت فرصة الإسهام في الأعمال الفنية التربوية من خلال شاشة الفضائية التربوية السورية، فقد شاركت في مسلسلين لصالح هذه القناة الجديدة، الأول مع المخرج هيثم زرزوري، والثاني مع المخرج حسام حمود. شخصيات لا تتشابه إذا كان هذا الكم من الأدوار والمسلسلات يثير أسئلة، ما بين الشخصيتين التاريخيتين وبين الشخصيات الاجتماعية المعاصرة المتنوعة ـ من المرأة اللعوب إلى المعذبة إلى المنتقمة ـ فإن عبير تسبق في الإجابة على هذه الأسئلة، إذ ليس في الأمر مشكلة، لأنها قادرة على الفصل بين كل شخصية وأخرى، وقادرة على تجسيدها واستحضارها بقوة أمام الكاميرا. لتنتهي علاقتها بكل شخصية عندما تلعب الأخرى. أي أن الشخصية لا تلازمها إلا في لحظة الأداء ذاتها، ولا يمكن أن تنسحب أبعد من ذلك. وبالتالي فإنه لا يمكن أن يكون هناك أي شبه بين أية شخصية تلعبها وبين غيرها، فهي حريصة على التميز في كل دور ومنحه متطلباته الفنية، وتشير عبير بشكل غير مباشر إلى أن خبرتها الفنية نضجت، كما أن موهبتها التمثيلية قادرة على لعب أدوار لا تشبه بعضها سواء من ناحية الشكل أو المضمون النفسي أو الكاريزما التي تتجسد بها، فلكل حال لبوسها، وبعد هذه التجربة والخبرة والاحترافية التي تتمتع بها، فإنها لن تكرر نفسها في أية شخصية، ولن تسمح بأي تشابه بين أدوارها المختلفة. نقد شديد لكن تعدد أدوار الممثل في موسم واحد ـ وهي ظاهرة سورية ـ تتعرض لنقد شديد، ولاسيما أن الفنانين لا يكتفون بذلك، بل يذهبون إلى حد تقديم البرامج التلفزيونية أيضاً. وهو ما يشكل حالة إشباع لدى المشاهد السوري من حضور الفنانين. وعند هذه النقطة من الاتهام فإن عبير ترد هذه الظاهرة إلى ضعف أجور الفنانين السوريين، وإلى الإنتاج الدرامي الذي يتراوح بين عشرين وأربعين مسلسلاً كل موسم، وهي ترى أن الإنتاجات الضخمة والمميزة، مع أجور مجزية يمكن أن تلغي هذه الظاهرة في الدراما التلفزيونية السورية. الحياة دراما تشبه عبير الحياة بالدراما، وربما يصح أن يقال إن حياة عبير نفسها هي نوع من الدراما، فهي بدأت في الإعلانات وعروض الأزياء، قبل أن يكتشفها الفنان طلحت حمدي، ويسند لها دوراً في عمل له. ثم يتبناها الفنان ياسر العظمة لتشاركه في “مرايا” ولتحصد شهرة واسعة في الشارع السوري والعربي، ثم تأتي مشاركتها في مسلسل “حمام القيشاني” للراحل هاني الروماني ليعزز سطوع نجمها في الدراما السورية، حيث أصبحت من ممثلات الصف الأول في سوريا. وبعد أن نضجت تجربتها واستقرت نجوميتها، غابت فجأة عن الساحة الفنية لتتزوج وتنجب، ومن ثم لتعود مجدداً إلى الساحة بعد أن فشل زواجها!. ومن هذه الحياة الدراما تعود عبير لتبحث مجدداً عن الأدوار الصعبة التي تستفزها، لتسجل بصمات جديدة على الشاشة الصغيرة، ولاسيما في مجال الدراما الاجتماعية المعاصرة التي تطرح مشكلاتنا بجرأة وقوة. ولعل تعدد أعمالها في الموسم الحالي هو إعلان مجدد بالحضور، يقول “أنا هنا”.
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©