الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قراءة في انتخابات السودان

26 مارس 2010 21:36
لم يبق على موعد إجراء الانتخابات السودانية إلا نحو أسبوعين بعد أن أصبح الاحتمال الأقوى أن يتم الاقتراع في التاسع من أبريل المقبل وليس التأجيل إلى نوفمبر المقبل أو حتى التأجيل لبضعة أيام حسبما اقترحت مجموعة "معهد كارتر" التي جاءت للسودان لتشارك في مراقبة الانتخابات ضمن مجموعات أخرى من الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية. وعلى ضوء هذا فقد يكون من المناسب أن نخوض في تجربة التنبؤ أو محاولة تخمين النتائج المحتملة لتلك الانتخابات على ضوء ما تيسر من معلومات وحقائق واحتمالات حتى الآن. إنه لعسير حقاً الوصول إلى تقدير يمكن اعتماده في بلد يعود لممارسة العمل الديمقراطي بعد غياب استمر نحو عقدين من الزمن، غُيبت خلالهما عن الساحة كل الأحزاب السياسية، ومُنعت كل وسائل العمل السياسي العلني، وفُرض على وسائل الإعلام الولاء التام للسلطة الحاكمة. إن أكثر الحقائق التي يمكن أن نعتمد عليها هي نتائج آخر انتخابات عامة أُجريت عام 1986 بعد أن أطاحت انتفاضة شعبية بحكم الجنرال نميري الذي تلاه حكم شبه عسكري استمر لعام واحد. تقول تلك النتائج إن "حزب الأمة" الذي يقوده الصادق المهدي كان صاحب النصيب الأكبر من المقاعد البرلمانية، يليه "حزب الشعب الديمقراطي" بزعامة المرغني، ثم "الجبهة القومية الإسلامية" بقيادة الترابي، والتي أصبحت الآن فريقين هما "المؤتمر الوطني" الحاكم و"المؤتمر الشعبي" المعارض. أما الجنوب فكان ممثلا بعدد من الأحزاب التي شكلت في مجموعها ثلث عدد أعضاء البرلمان. لكن ذلك الواقع تغير كثيراً عبر السنوات العشرين الماضية، وأهم ما تغير هو سيطرة حزب "المؤتمر الوطني" على الحكم منفردا طيلة تلك المدة وحتى توقيع اتفاقية سلام الجنوب قبل نحو خمسة أعوام. وكان الهم الأكبر لهذا الحزب خلال تلك الفترة وحتى هذا اليوم، التمكين لذاته في الحكم وفرض ما يشبه السيطرة الكاملة على القطاع الاقتصادي وعلى إدارة البلاد. كذلك تغير الوضع بالنسبة للحزبين الكبيرين الآخرين، "الأمة" و"الشعب الديمقراطي". فالأول تراجع نفوذه في إقليم دارفور التي كانت كتلة نواب الحزب المنحدرين منه تمثل سنده الأكبر، وكثير من الذين جندوا للعمل العسكري ضد الحكومة أو الذين تأثروا بالحرب كانوا من أنصاره. أما "الشعب الديمقراطي" فأكثر ما أصابه هو التشرذم وانشقاق أكثر من جماعة داخله. ولعل الجديد في الصورة هو دخول "الحركة الشعبية لتحرير السودان" (التمرد الجنوبي السابق) على خط الصراع السياسي في الشمال بوصفها حزبا سياسيا. إن هذه بالتقريب هي أهم حقائق الوضع السياسي، بما قد يكون لها من أثر جماهيري في الانتخابات القادمة. ويمكننا أن نستصحب هذه الحقائق مع الحقائق الواقعية الأخرى في محاولتنا قراءة ما قد تسفر عنه الانتخابات المقبلة. أهم المناصب التي يجري حولها التنافس هي رئاسة الجمهورية. وبقراءة الوضع يبدو أن عمر البشير هو أكثر المرشحين حظا لاسيما وأن حزبه يستغل نفوذه في الحكم لتحقيق ذلك. وقد يليه المهدي أو عرمان مرشح "الحركة الشعبية"، كما قد يتراجع عرمان للمرتبة الثالثة ثم يأتي الميرغني ثم مرشح "المؤتمر الشعبي". أما بقية المرشحين لرئاسة الجمهورية، وعددهم سبعة، فلا نقدر أن أياً منهم سينافس بشكل قوي على المنصب. وبعد الرئاسة، هناك حكام الأقاليم. ورغم أن "المؤتمر الوطني" يقوي من قبضته فإن الخلافات التي شهدناها بين مؤيديه في بعض الولايات، قد تعني أنه سيفقد بعض الولايات للمنافسين من الأحزاب السياسية المعارضة أو المستقلين. وبعد، فلعل هذه أهم معالم الصورة المرتقبة، ولا نستبعد المفاجآت في بلد لا تحكمه الولاءات السياسية وحدها، فهناك الولاءات القبيلة والمناطقية وولاءات المصالح وما أكثرها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©