الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الجمارك واتفاقية تيسير التجارة.. الدور والمتطلبات

26 ابريل 2016 23:45
صادقت دولة الإمارات، مؤخراً، بموجب المرسوم الاتحادي رقم 39 لسنة 2016، على اتفاقية تيسير التجارة في إطار منظمة التجارة العالمية، لتكون أول دولة عربية تحقق هذا الإنجاز. وتعكس هذه الخطوة مدى حرص دولتنا على أن تكون عضواً فاعلاً في المنظومة التجارية والاقتصادية العالمية، كما تعكس مدى الثقة العالية في قدرة مؤسساتنا الاقتصادية والتجارية، ليس فقط على الاستفادة من المزايا التي توفرها تلك الاتفاقية للدول النامية، بل وأيضاً الثقة في قدرتها على غزو الأسواق العالمية، انطلاقاً من قاعدة ارتفاع الميزة التنافسية لمنتجاتنا الوطنية، خاصة في قطاعات الصناعات الثقيلة والطيران والخدمات. إن تصديق دولة الإمارات رسمياً على اتفاقية تيسير التجارة يترتب عليه مجموعة كبيرة من المكاسب على المستويين الكلي (الاقتصاد العام)، والجزئي (المؤسسات والشركات)، ومن بينها، على سبيل المثال لا الحصر، إمكانية تحقيق زيادة في الناتج المحلي الإجمالي والتجارة الخارجية للدولة، وتوفير فرص أكثر لدخول الأسواق الخارجية في ضوء تطبيق الدول لقواعد استيراد موحدة، ووضع شروط مشددة لاستخدام القيود غير الجمركية، مما يشجع الصادرات الوطنية. يضاف إلى قائمة المزايا أيضاً تحديد إجراءات الوقاية والحمائية للمنتجات الوطنية التي تمارسها العديد من الدول، وتقييد استخدام الحصص الكمية والاتفاقيات الثنائية، مما يساعد على فتح أسواق الدول الصناعية أمام المنتجات الإماراتية، مع إمكانية تنفيذ تدابير وقائية توفر حماية مؤقتة للإنتاج المحلي، وتعزيز ممارسات الدولة في مكافحة الإغراق، وإتاحة الفرصة لتحسين كفاءة قطاع الخدمات على المديين المتوسط والبعيد. وفي خضم حديث المزايا والمنافع لاتفاقية تيسير التجارة العالمية، فإن السؤال المطروح: هل يمكن أن يكون لهذه الاتفاقية انعكاس حقيقي على حياة المواطن ومستوى رفاهيته وسعادته في ظل تحديات اقتصادية تتسم بالتزايد والتعقيد؟ والإجابة ببساطة تقول: إن زيادة التبادل التجاري من خلال تسهيل التجارة الدولية سيكون له أثر إيجابي حقيقي، يدفع بمعدلات النمو الاقتصادي إلى أعلى، ومن ثم سيؤدي إلى تحسين مستوى الرفاهة للمواطن ورفع جودة حياته، والارتقاء بسعادته. وهنا تكمن أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه الإدارة الجمركية الحديثة، باعتبارها إحدى الأدوات المهمة في الارتقاء بمستوى معيشة المواطن وتأمين حياة كريمة له، عبر تبسيط الإجراءات الجمركية وتخفيف القيود، مع تشديد الرقابة على حركة السلع والبضائع في المنافذ الحدودية من غير إفراط أو تفريط. لقد تضمنت اتفاقية تيسير التجارة العالمية، التي صادقت عليها دولة الإمارات، أحكاماً لتسريع حركة السلع وفسح وتخليص البضائع، بما في ذلك البضائع العابرة، كما حددت التدابير اللازمة لتحقيق التعاون الفعال بين إدارات الجمارك والجهات والمؤسسات ذات العلاقة بتيسير التجارة وقضايا الامتثال، فضلاً عما تضمنته من مساعدات فنية ومخصصات لبناء القدرات الجمركية في الدول النامية والأقل نمواً، ومن ثم يمكن القول إن العمود الفقري لتطبيق اتفاقية تيسير التجارة العالمية في دولة الإمارات يتمثل في قطاع الجمارك في الدولة بهيكله المعروف، والمتمثل في الهيئة الاتحادية للجمارك كجهة رقابية وإشرافية، والإدارات الجمركية المحلية كجهات تنفيذية. إن نجاح قطاع الجمارك بالدولة في تعزيز القيمة المضافة لاتفاقية تيسير التجارة العالمية على الاقتصاد المحلي، يتوقف في المنظور العام، على مدى قدرة هذا القطاع على تعظيم الفائدة من الممارسات الجمركية القائمة، وتبني ممارسات جديدة تحسن دوره الرقابي والتجاري، وترتقي بمستوى الدور الأمني الذي يقوم به. وحتى يتمكن قطاع الجمارك من إنجاز تلك المهمة، فإن على الإدارات الجمركية أن تعيد تحديد أهدافها الاستراتيجية بوضوح في ضوء التصديق الرسمي على الاتفاقية، وما تضمنته من مبادئ وإجراءات في مجال تيسير التجارة، كما ينبغي على تلك الإدارات إعادة النظر في أساليب العمل الحالية، ووضع برنامج لإصلاح وتطوير الإجراءات الجمركية، والاستفادة بدرجة أكبر من تكنولوجيا المعلومات في ابتكار تطبيقات جديدة للعمليات الجمركية بالاستفادة من تجارب الدول الأخرى. ويتطلب الأمر من الإدارات الجمركية التوظيف الفعال للموارد البشرية من خلال تطبيق نظام أكثر فعالية للمخاطر وسياسة الانتقاء وأساليب الاستهداف في التفتيش والمعاينة، واتخاذ خطوات عملية لتحسين وتيسير عملية الإفراج المسبق. كما ينبغي أن تتضمن استراتيجية قطاع الجمارك في الدولة تحقيق التنسيق الفعال مع الجهات الحكومية ذات العلاقة بالتجارة الخارجية، وتيسير إجراءات تحديد القيمة للأغراض الجمركية، ودراسة إمكانية إعادة النظر في التعرفة الجمركية في ضوء المستجدات العالمية. أيضاً، فإن الإدارات الجمركية مطالبة باتخاذ خطوات أكثر لضمان تحقيق أعلى مستويات النزاهة والشفافية والمعايير السلوكية في العمل في ضوء ما يعرف بإعلان «أروشا»، وتنفيذ برامج للتطوير الجمركي، بهدف تحسين كفاءة وفعالية الخدمات الجمركية، ووضع حد أدنى من المعايير لوكلاء الشحن والتخليص الجمركي، كما ينبغي ضمان صحة البيانات الإحصائية الخاصة بالتجارة الخارجية في ضوء البيان الجمركي، وبناء القدرات الجمركية من خلال التدريب محلياً وخارجياً. ويبقى فوق كل ما ذكر، التأكيد على العنصر الأهم، الذي يعتبر المظلة الرئيسية للتجارة، ويجب مراعاته عند الحديث عن تبسيط وتسهيل الإجراءات والمراقبة والتفتيش الجمركي، ألا وهو الأمن، حتى تصبح التجارة آمنة بلا مخاطر تؤثر على حياة المواطن ورفاهيته. في الهيئة الاتحادية للجمارك لدينا ثقة كبيرة في قدرة إدارات الجمارك المحلية على تنفيذ متطلبات اتفاقية تيسير التجارة العالمية على الوجه الأكمل، كما نثق في قدرتها على فهم التحديات الأمنية والتجارية التي تواجه الإدارات الجمركية الحديثة، ونؤكد على ثقتنا في قدرتها على تحويل تلك التحديات إلى فرص ترفع من تنافسية الاقتصاد المحلي، وتعود بالفائدة على سعادة المواطن ورفاهيته في بلد اتخذ من السعادة عنواناً للمرحلة التاريخية التي نعيشها. * مفوض الجمارك – رئيس الهيئة الاتحادية للجمارك
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©