الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التغيير الإعلامي.. فجوة تنظيمية

19 فبراير 2011 21:53
لكل تكنولوجيا وعصر تشريعات وقوانين لازمة، بدونها تتهدد الفوضى. ويقع على عاتق السلطات الرسمية تحفيز المعنيين والمهنيين وأهل البحث والاختصاص على الوصول إلى أنسب القواعد والحلول التي توائم بين الاستخدام الأفضل وبين المبادئ وأحكام الدساتير. وفي فترة انتقالية بين حدوث التغيير التكنولوجي وتقنينه يتكبّد كثيرون أثمانا باهظة، لاسيما عندما تسود مفاهيم عشوائية للحريات، سواء في نشر وانتقال ونقل المعلومات أو في اعتماد أنشطة إعلامية جديدة ذات أهداف تجارية. يوم الأحد الماضي، كنت في لقاء تعارف بين رئيسي شركتين واحدة كويتية وثانية أجنبية، يتباحثان في شراكة عمل ويتبادلان أفكار مشاريع مشتركة، وبعد ساعة من بدء اللقاء حصل تحول في مجرى الحديث والحماس، ثم انقلب التفاؤل إلى تشاؤم صريح إثر وصول رسالة إلى الهاتف الذكي لأحدهما تتضمن «خبراً» سرعان ما تبين أنه عار عن الصحة تماما ومفاده أن النائب العام المصري – غداة تنحي الرئيس السابق حسني مبارك - أمر بالقبض على مجموعة مسؤولين ورجال أعمال بينهم رجل أعمال كويتي جد شهير يدير استثمارات بمليارات الدولارات في بلده وفي مصر وفي عدد آخر من الدول العربية، بتهمة الاشتباه بوضع يده على أراض أو شرائها بأبخس الأثمان. وقد شرد تفكير رئيس الشركة الكويتية وتفكيري لدقائق بعيدا عن الضيف الأجنبي لنفكر سويا في الآثار الخطيرة لمثل هذا الخبر على اقتصاد الكويت ومواطنيه ومقيميه، وما إذا كان ذلك مقدمة لأنباء مماثلة في الأيام القليلة المقبلة. انتهى الاجتماع إلى لا شيء تقريباً أو تأجل حتى إشعار آخر، وبالتأكيد تأثرت البورصة وهلع أناس كثيرون، على الأقل الموظفون في شركات رجل الأعمال نفسه. حدث ذلك قبل أن نتيقن بأنه خبر كاذب، ثم لنتبين أن مصدره ممارسات مهنية مغرقة في الجهل ومختصرها: أن صحيفة مصرية كانت قد كتبت قبل يوم عن اتهام مسؤول في شركة أسمها «مصرية – كويتية» بشراء أراضٍ بأسعار بخسة، وأن صحيفة ثانية راحت و» اجتهدت» فنشرت في اليوم التالي أن المقصود هو اسم رجل الأعمال نفسه. وبعد ساعات كان الخبر الكاذب «ينتشر في الكويت عبر خدمات الرسائل قبل أن يُنفى لاحقا وتعتذر الصحيفة بعدما أنزله خطؤها من أذى وأضرار على أكثر من صعيد. تدل هذه الواقعة على فجوات كثيرة بعضها قديم وبعضها حديث منها: وتفتح هذه الفجوات جدار فراغ واسع في التشريعات ذات العلاقة بالنشر والمطبوعات يتمثل في نقطتين رئيستين: الأولى: إعادة النظر بمسؤولية نشر المعلومات المنقولة عن مصادر أخرى بحيث لا يكون الناشر الأساسي وحده مسؤولاً عن الخطأ والضرر. الثاني: تحميل الناقل مسؤولية تكبر بقدر اتساع نطاق النشر وأضراره، فلا يتفلت من الجزاء المدني الذي يتحمله الناشر الأول للخطأ إلا في حالة المعلومات الرسمية أو المعلومة المصدر. وتشتد الآن الحاجة لمثل هذا التقنين نظراً لاتساع الخدمات الإخبارية الرقمية، خاصة وأن بعضها يقوم عليه جاهلون في قضايا النشر وأصول نقل المعلومات ولا يستعينون-على الأقل- بجهة قانونية لتوضيح المسموح والممنوع وما بينهما من مشتبهات. هذه مسائل تقنية وفنية، ومن الأجدى معالجتها وتشريعها بوضوح وبأسرع وقت، وهي تختلف كليا عن محاولة التضييق على حرية التعبير وتداول المعلومات. د.الياس البراج barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©