الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«المركزي المصري» يضخ مليار دولار لمساندة العملة المحلية

«المركزي المصري» يضخ مليار دولار لمساندة العملة المحلية
16 مايو 2009 02:34
جاء قرار البنك المركزي المصري الاسبوع الماضي بضخ مليار دولار من الاحتياطي النقدي في سوق الصرف الاجنبية كمحاولة للسيطرة على سعر صرف الدولار وبقية العملات المتداولة في السوق خاصة اليورو نتيجة النقص في الموارد بسبب الازمة المالية العالمية. واستهدف القرار الحفاظ على توزان سعر صرف الجنيه وتدعيم العملية المحلية حتى لا تهوي امام الدولار الى جانب سداد مستحقات المستثمرين الاجانب في اذون الخزانة والسندات الحكومية. ورغم ان سحب المليار دولار الاخيرة جاء ليهبط باجمالي الاحتياطي النقدي من 32.2 الى 31.2 مليار دولار، وهو الاجراء الذي يعد الثاني من نوعه منذ اندلاع الازمة العالمية في سبتمبر من العام الماضي فإن عمليات السحب من الاحتياطي النقدي في مصر تظل عند الحدود الآمنة، التي تغطي واردات اجمالية تتراوح بين 6و9 أشهر، خاصة ان معظم البنوك المركزية في العالم اضطرت الى مثل هذه الاجراءات لمواجهة النقص في موارد النقد الاجنبي. ويأتي هذا القرار في توقيت مناسب بعدما لاحت في الافق عمليات مضاربة واسعة على سعر الدولار من مطلع الشهر الجاري استهدفت القفز بسعره ليصل الى 570 قرشا مقابل 562 قرشا في الوقت الراهن. وبدأت شركات للصرافة تقود السوق نحو الارتفاع وتحدد اسعارا بلا التزام بالاسعار المعلنة من البنوك خاصة في فترات العمل الليلية بعد ان تغلق البنوك ابوابها ويومي الجمعة والسبت، الامر الذي استشعرت معه السلطات المصرية النقدية ان ثمة تحركات تتم في سوق الصرف تستهدف التأثير على سعر الدولار وتجبر البنوك على السير وراء شركات الصرافة في تحديد هامش اعلى لسعر الدولار. وجاءت تحركات شركات الصرافة وبعض المضاربين من الافراد لتستثمر عددا من الحقائق في السوق والتي فرضت نفسها بقوة خلال الشهور الاخيرة في اطار تداعيات الازمة المالية العالمية، وفي مقدمة هذه الحقائق انحسار الموارد الدولارية سواء المتدفقة عبر القنوات الرسمية مثل رسوم المرور في قناة السويس وحصيلة السياحة والصادرات السلعية أو المتدفقة على الاسواق من تحويلات المصريين العاملين بالخارج. وأدى هذا الانحسار الى الضغط على الطلب خاصة ان حجم الواردات السلعية من الخارج لم يتراجع بل سجل نموا خلال الربع الاول من هذا العام بمعدل 15 بالمئة في ضوء السماح باستيراد سلع لم يكن مسموحا باستيرادها من قبل مثل الحديد والاسمنت وكذلك في ضوء اغراءات سعرية يتعرض لها المستوردون المصريون من اسواق العالم مما يدفعهم لاستيراد كميات من السلع منخفضة الاسعار وتخزينها للاستفادة بفروق الاسعار، الامر الذي شكل مزيدا من الضغط على ميزان المدفوعات وبالتالي ارتفع العجز التجاري. وقد أدت قرارات البنك المركزي المصري المتوالية على مدى الشهور الماضية الى خفض مستمر في اسعار الفائدة على ودائع العملة المحلية في البنوك المصرية بدعوى تراجع معدل التضخم ليصل الى 12.2 بالمئة في شهر مارس الماضي مقابل 24.2 بالمئة في نفس الفترة من العام السابق بنحو 2 بالمئة من متوسط سعر الفائدة لهيبط دون عشرة بالمئة في المتوسط في معظم البنوك المصرية مما ادى الى هروب الكثير من المودعين وتحولهم الى الادخار بالدولار باعتباره مخزن قمية وعلى أمل ارتفاع سعره في المستقبل وساهم ذلك في خلق طلب اضافي على الدولار في السوق ادى الى تحرك اسعاره بنحو 25 قرشا في الفترة الاخيرة، حيث كان متوسط سعره قبل اندلاع الازمة يدور حول 535 قرشا فقط. ويرى خبراء مصرفيون ان السبب الرئيسي لسحب المليار دولار الاخيرة من الاحتياطي النقدي لم يكن لتهدئة المضاربات في السوق بقدر ما جاء لسداد مستحقات مستثمرين اجانب وصناديق اقليمية كانت قد اشترت اذون وسندات خزانة مصرية اثناء الفورة المالية التي شهدتها منطقة الشرق الاوسط خلال العام 2007 حيث كانت السيولة تبحث عن اي وسائل للتوظيف وبالتالي اكتتبت هذه الصناديق في كميات كبيرة من الاذون والسندات التي يصدرها البنك المركزي والخزانة العامة المصرية في ذلك الحين تحت اغراء معدل عائد جيد وعندما حان موعد استحقاق هذه الاوراق المالية لم تكن الموارد الدولارية المتاحة كافية لسدادها واضطر المركزي المصري لتغطيتها عبر السحب من الاحتياطي النقدي. ويؤكد الدكتور حافظ الغندور المدير العام بالبنك الاهلي المصري ان هذا هو دور الاحتياطي النقدي في وقت الازمات ويتمثل في مساندة العملة المحلية، وتحقيق اهداف السياسة النقدية التي يتبعها البنك المركزي والوفاء بالالتزامات المالية تجاه العالم الخارجي أو السوق المالية الدولية وتعزيز ثقة المؤسسات الدولية بقدرة الاقتصاد الوطني على الوفاء بهذه الالتزامات في التوقيتات المطلوبة. وقال الغندور ان الازمة المالية العالمية دفعت معظم دول العالم بما فيها الدول الغنية وتحت وطأة تزايد عجز الموازنات بسبب تراجع الايرادات الضريبية والسيادية المختلفة الى التوجه للاقتراض من السوق المالية العالمية، وبالتالي تزاحم الدول الفقيرة في الحصول على القروض الدولارية مما شكل طلبا كبيرا أو ضغطا على الدولار في كافة اسواق العالم، الامر الذي يعني ضرورة التعامل الحذر مع الموارد الدولارية المتاحة لبلد مثل مصر خاصة ان الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي وان كان يفوق الثلاثين مليار دولار فانه فقد نحو 5 مليارات خلال العامين الاخيرين. وتؤكد الخبيرة المصرفية بسنت فهمي ان سياسة البنك المركزي المصري في التعامل مع الاحتياطي النقدي وقياسا على السنوات الماضية اثبتت صوابها حيث حققت هذه السياسة اهدافها في مساندة العملة المحلية والافلات من مصيدة خفض قيمة العملة المحلية الذي كان يطالب به بعض المصدرين مع بداية الازمة المالية، حيث لم تتأثر قيمة الجنيه كثيرا بالتطورات السلبية للازمة المالية العالمية وكذلك تم الاحتفاظ بالنسبة الاكبر من الاحتياطي ولم يشعر المتعاملون بندرة الدولار مثلما كان يحدث من قبل في اوقات الازمات. وتؤكد انه مع تحسن اوضاع الاقتصاد العالمي كما تشير كافة الدلائل مع بدايات العام المقبل واسترداد الصادرات المصرية قوتها، وكذلك تدفق الموارد الدولارية من قناة السويس والبترول وغيرها من الانشطة الاقتصادية يمكن تعويض ما تم سحبه من الاحتياطي وبالتالي ضمان مزيد من المساندة للعملة المحلية.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©