الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لماذا تسأل؟

19 فبراير 2011 22:04
للسؤال أهمية كبيرة في طلب العلم والتعلم، والسؤال مسؤولية، واشتقت منه المسؤولية، وهو الالتزام وفعل حتمي.. قيل في المثل: إنما شفاء العي السؤال، وقيل إن الفلسفة هي السؤال، وإن الفيلسوف يُقاس بمعيار سُؤاله عمقاً وشمولاً، ويقال «نصف العلم لا أعرف». فاجأني رئيس التحرير الأستاذ راشد العريمي مرّتين، إحداهما قبل أشهر بسؤالي عن مفرد كلمة «رُعاع»، والأخرى عن شطر مكرر في بيتين شعريين لأبي فراس الحمداني وردا في «ضادي»، وأنا مدين له بالفضل بأن سؤاليه قد دفعاني وأعاداني للبحث وبالتحديد للتحقيق، وكانت ملاحظته الدقيقة سبباً في التنبيه لخطأ موجود في مرجع يرجع إليه الكثيرون. وأشير هُنا أيضاً بالفضل للأخوة القراء المتابعين، ممن صحّح معلومة، أو سأل سؤالاً، أو أضاف وبيّن وناقش فكرة، وفي الحقيقة أنني استفدت جداً - وما زلت - من هذه الأسئلة التوليدية التحفيزية لأن أصحابها، كالسنابل المنحنية الملأى بالعطاء. نحتاج أن نسأل أنفسنا دائماً: لماذا نسأل؟ السؤال هو الاستفهام و يطلب به العلم عن شيء كان مجهولاً، ولكن، هل نسأل للاستفهام الحقيقي أي طلباً للفهم والمعرفة، أم نسأل لمجرد طرح الأسئلة والمشاركة، أم من أجل استعراض قدراتنا وثقافتنا والتباهي بما نملكه من رصيد ثقافي ومعرفي، أم نسأل لإحراج الآخرين وحشرهم واستفزازهم؟.. وإذا استفززنا فهل ذلك لنعرف، أم نستفز لنحرج؟ للسؤال مكانة معتبرة عند العرب ولغتهم، وله العديد من الصيغ اللغوية التي تفيد معناه، سواء كانت بألفاظ السؤال المباشرة، مثل: ماذا، وأين، وكيف، ومتى، وهل، وغيرها، أو بإدخال أحرف السؤال على بداية الكلمة مثل أحرف الهمزة، والمد.. يكون السؤال أحياناً استفهاماً (السؤال الاستفهامي)، وأحياناً موقفاً رافضاً مستنكراً (السؤال الاستنكاري)، وقد يكون استهجاناً (السؤال التعجبي). وجاء في معجم مقاييس اللغة «سأل»: السين والهمزة واللام كلمة واحدة، يُقال: سأل يسأل سؤالاً ومسألة، ورجل سؤالة: كثير السؤال. لابد لكل حديث أو حوار من أسئلة، فالسؤال وسيلة تخاطب وتفاهم وتبادل للأفكار والمصالح، وتوجد له مكانة عظيمة، في القرآن الكريم وفي السنة، وهو نوعان: أحدهما ما كان على وجه التبيين والتعلُّم مما تمس الحاجة إليه فهو مُباح أو مندوب أو مأمور به، والآخر ما كان على طريق التكلف والتعنّت فهو مكروه ومنْهيّ عنه. كما جعل القرآن الكريم السؤال منهجاً في الدعوة، وأسلوباً في امتحان غير المسلمين، بهدف إثبات صدق النبوة وصدق القرآن «واسْألْهُمْ عن القرية التِي كانت حاضرة البحر، إذ يعدون فِي السبتِ، إذْ تأتيهمْ حِيتانُهُمْ يوم سبْتِهِمْ شُرّعا ويوم لا يسْبِتُون لا تأْتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفْسُقُون (163 - الأعراف)، والسؤال في النهاية مسؤولية يوم القيامة «وإذا الْموْءُودةُ سُئِلتْ» (8 - التكوير)، «ثم لتُسْألُنّ يوْمئذ عن النّعيم»(8 - التكاثر).. بدر شاكر السياب: مطر.. تثاءب المساء، والغيومُ ما تزالْ/ تسحُّ ما تسحّ من دموعها الثقالْ كأنِّ طفلاً بات يهذي قبل أن ينام: بأنَّ أمّه - التي أفاق منذ عامْ فلم يجدها، ثم حين لجّ في السؤال قالوا له: «بعد غد تعودْ»../ لا بدَّ أن تعودْ وإنْ تهامس الرفاقُ أنها هناكْ في جانب التلّ تنامُ نومة اللّحودْ تسفّ من ترابها وتشربُ المطرْ؛ كأن صياداً حزيناً يجمع الشِّباك ويلعن المياه والقَدَرْ/ وينثر الغناء حيث يأفل القمرْ / مطر.. إسماعيل ديب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©