الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مهرة الظاهري: أتحسس الأشياء ببصيرتي وأتمنى أن أصبح مديرة

مهرة الظاهري: أتحسس الأشياء ببصيرتي وأتمنى أن أصبح مديرة
19 فبراير 2011 22:05
استطاعت مهرة الظاهري أن تلفت أنظار من حولها إلى مهاراتها في العمل والتواصل مع الآخرين، من خلال قيامها بعملها، كضابط علاقات عامة في جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية، على أكمل وجه، وذلك على الرغم من عدم تمكنها من الإبصار، لتثبت للجميع من حولها أن “الكفيف” يستطيع أن يرى ما لا يراه الآخرون إذا ما تسلّح بالعزيمة والإصرار. ببصيرتها ترى الطريق إلى مكتبها، وباستخدام نفس الحاسّة تتنقل بينه وبين المكاتب الأخرى وكذلك بين الممّرات في مقرّ عملها والتي حفظتها عن ظهر قلب خلال مدة خدمتها القصيرة فيه.. وبالاستعانة بأصابعها تتحسس مفاتيح جهاز الكمبيوتر لتطبع رسائل وكتب العمل ومشاريعه المستقبلية، قبل أن تقوم بتنسيقها وفق برنامج خاص تعلّمته جيدا. وتتعفف مهرة الظاهري عن طلب المساعدة من أحد خلال أدائها لوظيفتها كضابط علاقات عامة في جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية، حيث تعتمد على نفسها في القيام بكل مهامها الوظيفية وهو ليس بالأمر الجديد عليها، إذ تعلمت كيفية الاعتماد على نفسها منذ الصغر، ولا سيما بعد التحاقها في الجامعة، والتي اختبرت فيها قدراتها ومواهبها وكذلك ثقتها بنفسها من خلال دراسة العلاقات العامة. نور من حولي حول تجربتها في العمل وتحدّيها للإعاقة التي رافقتها منذ وقت مبكر من حياتها، تتحدث مهرة الظاهري وتقول: “التحقت بجامعة الإمارات لدراسة تخصص العلاقات العامة، وقد أوكل إليّ عمل مشروع للتخرج عن طريق التدريب في جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية، حظيت خلاله بدعم معنوي كبير من قبل القائمين على الجهاز، الذين عملوا على توظيفي بعد التخرج مباشرة في قسم العلاقات العامة”. وتضيف قائلة: “في عملي الحالي أقوم بعدة مهام من بينها تنسيق المعارض والمؤتمرات والإشراف على تنفيذ برنامج “عون” وهو برنامج خيري يدعم جميع فئات الإعاقة والأيتام وكبار السن وغيرها، كما يعرض منتجات المعاقين مثل منتجات منتسبي مركز زايد للرعاية الإنسانية تحت مظلة هذا البرنامج، ومن خلاله أيضا قمنا بزيارة مستشفى توام وشاهدنا أطفالا أصيبوا بمرض السرطان وقدمنا لهم الدعم المادي والمعنوي”. وتستطرد مهرة بالقول: “إن غالبية الناس يعتقدون بأن الكفيف لا يستطيع أن يقدم شيئا لمجتمعه، لكنني تحديت هذه المقولة وعملت بإصرار على نفيها، وأقنعت نفسي والآخرين بأنني أستطيع فعل كل ما أريد لوحدي، وحاليا أقوم بالسير بين الأقسام دون الاستعانة بأحد، وذلك بالاعتماد على بصيرتي التي تنير لي كل شيء من حولي”. انفصال في الشبكية فقدت مهرة البصر منذ كانت في الخامسة من عمرها، نتيجة إصابتها بالحمى التي أدت لحدوث انفصال في الشبكية، لكنها استطاعت أن تتأقلم مع هذا المصاب الجلل بالكثير من الإيمان والرضا بالقضاء والقدر وكذلك عن طريق العمل المتواصل والاعتماد على النفس، ساعدها في ذلك مساعدة عائلتها التي لم تبخل عليها يوما بالمساعدة المادية والمعنوية من أجل تخطي مصابها. تقول مهرة: “لا أنكر فضل أهلي العظيم عليّ ودورهم الكبير فيما وصلت إليه من نجاح واستقرار نفسي ومهني، فهم يعاملونني معاملة طيبة وطبيعية في نفس الوقت، ورغم أننا أسرة متحفظة إلا أن إخوتي الذكور لا يخجلون من الخروج معي إلى الأسواق والأماكن العامة، أما شقيقاتي فيقدمن لي المساعدة في ما أحتاجه من ملابس وفي كثير من الاحتياجات الخاصة”. أما بالنسبة للصعوبات التي تواجهها في الحياة، فتقول مهرة إنها تتمثل في عدم تفهم المجتمع لقدرة الكفيف على القيام بالأشياء وحده وتأدية المهام الموكلة إليه على أكمل وجه. مضيفة إن هذه التحديات جعلتها أكثر إصرارا وعزيمة على مواصلة الطريق الذي اختطه لنفسها، حيث انتسبت إلى الجامعة الأمريكية في دبي لمواصلة تعليمها الجامعي، وهي تحضر حاليا لنيل درجة الماجستير في إدارة الأعمال، تطمح من خلاله إلى الوصول لأعلى المستويات، وتحلم بأن تصبح مديرة، لكي تثبت لنفسها أولا وللآخرين بأن الكفيف يستطيع الوصول إلى أعلى المناصب، حاله في ذلك حال من يمتلكون نعمة البصر. تدريب طريقة «بريل» تجلس مهرة الظاهري أمام مكتبها، تمسك مفاتيح الكمبيوتر وتكتب عليه رسائل العمل إلى زملائها من الموظفين بكل ثقة وتمكن، أسألها بخجل، كيف تجيدين الكتابة على الكمبيوتر وكيف تعلمين أنك لم ترتكبي خطأ، تجيب مهرة بكل ثقة، مؤكدة أنها لا تخجل من طرح الأسئلة مهما كانت محرجة، بقولها: “أستطيع الكتابة على الكمبيوتر باستخدام طريقة “برايل” الشهيرة للمكفوفين ويمكنني ترتيب وتنسيق النصوص على الشاشة وتغيير “الفونت” حيث تلقيت دورة متخصصة في ذلك، كما يوجد لديّ برنامج ناطق يسمى “قارئ الشاشة”، سواء على الكمبيوتر أو حتى على الهاتف الخلوي، وهو يقوم بقراءة الرسائل الإلكترونية والنصيّة لي ما يمكنني من الردّ عليها، وبالمناسبة فإنني أجيد التعامل بطريقة “برايل” منذ 14 عاما، وقد حصلت على شهادات كثيرة في ذلك كما لديّ تصريح من هيئة الأمم المتحدة وكذلك من المكتب الألماني يمنحني حق تدريب طريقة “برايل” للمكفوفين”. إلى ذلك، تمنت مهرة على الدوائر الحكومية والمؤسسات بأن لا تصّعب الأمور ولا سيما في مجال التعيين، على الكفيف أو المعاق وأن توظفه ما أمكن، آملة أن ترى العديد من هذه الفئات كموظفين فاعلين في كافة دوائر ومؤسسات الدولة، ومن جهة أخرى نصحت المعاقين بالاعتماد على أنفسهم في القيام بأعمالهم، وفي البحث عن وظائف تحقق لهم ذاتهم وتثبت وجودهم في المجتمع. وبالرد على أمنيتي لها بالإبصار، أجابت مهرة: “أتمنى أن أبقى طوال حياتي كفيفة، لأنني مرتاحة بالحياة هكذا وقد تعودت على الاعتماد على نفسي وفعل كل شيء بنفسي، وأنا بالفعل لا أحتاج إلى أحد”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©