الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إسبانيا... تداعيات التقشف تؤجج البطالة

19 فبراير 2012
بينما تجادل اليونان مؤسسات الاتحاد الأوروبي وتساومها على كل تفاصيل المخطط التقشفي الذي فرضه عليها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، أثبتت إسبانيا أنها تلميذ أوروبا المطيع. ذلك أنه حتى عندما كان الاشتراكيون في سدة الحكم، اتخذت إسبانيا مبادرة تقليص ميزانيات برامج الرفاه الاجتماعي وخفض الرواتب على نحو عديم الرحمة، متعهدةً بإيجاد طريقة للسيطرة على أزمة العجز والديون. وقد واصل رئيس الوزراء المحافظ الذي انتُخب قبل ثلاثة أشهر، "ماريانو راخوي"، هذه التدابير التقشفية بشكل أكثر قوة ربما، حيث زاد الضرائب وألغى قوانين العمل. هذه الإجراءات التقشفية الصارمة التي اتخذتها إسبانيا نقلت الحسابات الحكومية في الاتجاه الصحيح لأول مرة منذ ظهور الأزمة المالية الأوروبية العام الماضي. ولكن بقيامها بذلك، تسببت أيضاً في كبح الاقتصاد وإصابته بالركود، مما سرع موجة تسريح العمال وتسويد الآفاق بالنسبة لملايين العمال. والواقع أنه في معظم البلدان السبعة عشر التي تستعمل العملة الأوروبية الموحدة "اليورو"، أصبح هذا هو الاختيار الصعب الذي يتعين على الزعماء القيام به: تحقيق توازن الميزانية، ولكن في الوقت نفسه التخلي عن النمو والوظائف. وعلى الرغم من أنهم يَعدون بتنشيط وتحفيز اقتصاداتهم- وبخاصة الرئيس الفرنسي الذي يواجه انتخابات الربيع المقبل- إلا أن الاقتطاعات الكبيرة في الإنفاق من أجل تقليص العجز والدين العام تؤدي في الواقع إلى خنق النشاط الاقتصادي. وباستثناء ألمانيـا، يتوقـع ألا يحدث نمـو عبر معظم القارة العجوز خلال بقية العام، وربما ما بعده. ونتيجة لذلك، فإن المداخيل الضريبية اللازمة لتمويل عمل الحكومة أخذت تتراجع، وارتفعت البطالة إلى مستويات جديدة. وكان "راخوي" قد حذر الأسبوع الماضي من أن معدل البطالة في إسبانيا -الذي يعد أصلاً الأعلى في أوروبا بقرابة 23 في المئة- من المحتمل أن يزداد ارتفاعاً قبل نهاية العام، علماً بأن الآفاق بالنسبة للشباب، أولئك الذي تبلغ أعمارهم 24 سنة أو أقل، والذين بلغت البطالة في صفوفهم 46 في المئة، تعد قاتمة بشكل خاص. وفي هذا الإطار، قال "راخوي" للبرلمان الإسباني: "إن هذه السنة ستكون سيئة... وعلينا أن نقول هذا للشعب". كان ذلك خبراً غير مرحب به، ولكن متوقعاً بالنسبة لـ"كارلوس بوريلو" أثناء مشاركته في مظاهرة نقابية صغيرة عبر ساحة الحرية بمدريد في مساء شتوي بارد. فمعلم التربية البدنية هذا البالغ 33 عاماً وجد وظيفة مؤقتة في مدرسة ثانوية هذا الفصل، ولكن سيواجه اعتباراً من سبتمبر المقبل جولة جديدة من البطالة في حال لم يجد مكانا يقوم بالتوظيف. ويقول "بوريلو”: "إن هذه الأزمة تعم أوروبا كلها"، مضيفاً "ونأمل ألا تتجاوز ثلاث سنوات أو نحو ذلك". أحد العاطلين عن العمل، يدعى "مارتن"، يمضي جزءاً كبيراً من وقته في المشي، حيث يقول إنه يمشي في حي "فاليكاس" في مدريد لا يلوي على شيء، حيث يمشي لمجرد تزجية الوقت. ويقول إن هناك درساً مدته ساعة لتعليم مهارات استعمال الكمبيوتر ينظمه مكتب البطالة في مدريد، طالباً عدم الكشف عن اسمه العائلي. ولكن في ما عدا ذلك، فإن المشي هو كل ما لديه ليقوم به. "مارتن"، 59 عاماً، لم يكن حاله هكذا دائماً. فخلال سنوات الطفرة التي عرفتها إسبانيا، كان يعمل بناء متخصصاً في أخذ القراءات الطوبوغرافية للطرق والشوارع الجديدة التي كانت تبنى في كل مكان في ذلك الوقت. ثم بعد عامين، وقع الانهيار الاقتصادي، فأفلست مشاريع التطوير العقاري في الضواحي، ولم يعد لدى الشركة التي كان يعمل لديها مشاريع إضافية. وهكذا، وجد "مارتن" نفسه فجأة عاطلاً عن العمل لأول مرة في حياته. ويقول إن الكثير من أصدقائه وزملائه واجهوا المشكلة نفسها، والعديد منهم غادر إسبانيا بحثاً عن وظائف جديدة، حيث يقول إن بعضهم ذهب إلى أميركا الجنوبية في حين قصد آخرون أوروبا الشرقية. وبعد فترة طويلة وصعبة من دون عمل، تمكن "مارتن" أخيراً من إيجاد وظيفة أخرى: نفق تقوم بإنشائه بلدية مدريد وشركة صغيرة كانت قد فازت بالصفقة. لقد كان عملاً بدوام جزئي فقط، ولكنه أفضل من لا شيء. غير أنه بعد نحو العام، توقف ذلك أيضاً؛ وقبل شهرين، انضم "مارتن" من جديد إلى قوائم العاطلين عن العمل. ويقول "مارتن”: "لقد حدث ذلك قبل أعياد الميلاد بفترة قصيرة... لم يقل لنا أحد شكراً، أو آسفين، أو لا شيء. كانت تلك هي هدية عيد الميلاد!". ويقول "مارتن" إنه يحصل على تعويض كامل عن البطالة يناهز 1300 دولار في الشهر بفضل سنواته عمله الطويلة. غير أن ذلك ينفد بعد مرور سنتين على التسجيل في قوائم العاطلين عن العمل، ما يعني أنه يواجه إمكانية تقليص تعويضه إلى 545 دولاراً إن هو لم يتمكن من إيجاد وظيفة جديدة. ويقول مبتسماً: "آمل ألا أصل إلى تلك المرحلة"، مضيفاً "ولكن إذا كان حتى الأشخاص الذين يبلغون 40 عاماً فقط لا يستطيعون إيجاد وظائف، فكيف تتوقع مني أن أجد وظيفة في سني؟". إدوارد كودي - مدريد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©