توصل فريق من الباحثين بجامعة الإمارات يعكف منذ سنوات على استحداث طريقة علاجية حديثة لعلاج الأورام السرطانية إلى نتائج جديدة مشجعة ستحدث نقلة نوعية كبيرة بمجال علاج الأورام بواسطة تقنية "النانو".
وأثبتت التجارب التي أجراها الفريق على الحيوانات نجاح فعالية الطريقة الجديدة في علاج السرطان خلال فترة زمنية وجيزة، بحسب الدكتور يوسف الحايك رئيس قسم الهندسة الميكانيكية بجامعة الإمارات ورئيس فريق البحث . وأكد الحايك في تصريحات لـ" الاتحاد " أن الباحثين يعكفون الآن على تطوير الجهاز المستخدم في العلاج والذي يعتمد على تقنية " النانو " تمهيداً لإدخاله مرحلة التشغيل الفعلي. ولفت إلى أن التكلفة المبدئية لعملية تصنيع الجهاز الطبي الجديد تقدر بمليون دولار وأن عملية التطوير والتشغيل تستغرق 12 شهراً تقريباً متى توافرت مصادر التمويل اللازم. وتقوم الطريقة الجديدة على تصنيع حبيبات مغناطيسية صغيرة الحجم توضع في كبسولة سطحها قابل للانصهار في درجة حرارة 42 مئوية تساعد على قتل الخلايا السرطانية في مساحة محدودة من دون انتشارها إلى الخلايا الحية كما هو متبع الآن في العلاج الإشعاعي والكيميائي للأورام. وأضاف رئيس فريق البحث أن المشروع يهدف إلى تطوير تقنيات لمعالجة الأورام الخبيثة حيث تم في هذا الإطار إنتاج مواد " نانو " ذات خاصية فيزيائية تؤهلها للإحماء إلى درجة حرارة مقدارها 42.5 درجة مئوية عند تعرضها لمجال مغناطيسي متذبذب وتوضع هذه المواد المغناطيسية بعد ذلك داخل إطار يذوب على درجة حرارة 42 درجة مئوية بعد إضافة مستحضر كيميائي ( مستحضر طبي جديد ) لعلاج الأورام الخبيثة . وأوضح الدكتور الحايك أن التقنية الجديدة تعتمد على توفير بكتريا غير ضارة لديها القدرة على حمل الكبسولة الجديدة (المستحضر) من المادة المغناطيسية إلى منطقة الورم الخبيث. وتحاول البكتيريا الوصول إلى منطقة الورم والبقاء فيه لأنه يمثل لها بيئة صالحة للتكاثر ومن هنا يمكن تلاشي الآثار الجانبية المترتبة على العلاج الكيميائي بشكله الحالي التقليدي حيث تصل المواد المعالجة إلى كافة أجزاء الجسم لأنها تسير مع الدم. وللتأكد من وصول الكبسولة إلى موقع الورم يتم استخدام أشعة الرنين المغناطيسي الموجودة داخل الكبسولة التي بدورها ترشد المعالج إلى مكان وجود الورم حيث تتم عملية العلاج من خلال تعريض الجسم إلى مجال مغناطيسي متذبذب يقوم بإحماء الكبسولة مما يؤدي إلى ذوبان الجدار العازل ووصول العلاج الكيميائي إلى الموضع المطلوب. ويواصل فريق الباحثين في هذا المشروع الذي يضم كلا من د باسل رمادي من كلية الطب ، د بشار عيسى من كلية العلوم ، د يوسف الحايك من كلية الهندسة، جهوده لتطوير التقنية وإخراجها إلى حيز التنفيذ وهو ما يحتاج إلى دعم مالي كبير، بحسب الدكتور الحايك رئيس فريق الباحثين. ويأتي هذا المشروع البحثي الحيوي الذي قطع شوطاً كبيراً على طريق الإنجاز ضمن مشاريع تقنية النانو التي يتبناها مركز البحوث المتميزة بكلية الهندسة بمشاركة فريق يتألف من 18 عضو هيئة تدريس موزعين على كليات الطب ، العلوم والهندسة ، تقنية المعلومات لديهم جميعهم نفس الاهتمامات البحثية التي تتعلق بتقنية النانو وهى بدورها تقنية بينية . وأوضح الحايك أن الخطوط العريضة للأبحاث التي يقوم بها الفريق تتركز على إنتاج مواد جديدة بتقنية النانو مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه المواد لها نفس الخواص الفيزيائية والكيميائية لمثيلاتها بالحجم العادي. ويمكن استخدام تقنيات النانو في علوم الأحياء والطب مثل تعقيم المياه لقتل البكتريا ، تصنيع مواد خليطة لاستخدامها في الملابس الواقية من الرصاص وحماية المنشآت والأشخاص ، إيجاد استخدامات أفضل لمصادر الطاقة الحالية وتطوير مصادر بديلة للطاقة ، تطوير مواد جديدة لها خاصية امتصاص الحرارة والاحتفاظ بها على درجات حرارة وفق البيئة الموجودة فيها مما يساهم في توفير استخدامات أجهزة التكييف . كما يمكن استخدام مواد النانو في التعقيم خاصة بالمجالات الطبية وفي المياه وبرك السباحة حيث يمكن إيجاد تقنيات جديدة للتعقيم طويلة المدى يصل مداها إلى 6 أشهر وهناك بالإضافة إلى ذلك الكثير من الاستخدامات الجديدة للنانو والتي يمكن الخروج بها إلى النطاق التجاري لتحقيق الأهداف المرجوة من خلال إبرام اتفاقيات مع جهات متخصصة تتولى تسويق المنتج العلمي أو التقني للمركز مع الاحتفاظ بحقوقه كاملة . وتجدر الإشارة إلى أن مستشفى توام في العين يستقبل حالياً 800 حالة إصابة جديدة مختلفة بالسرطان سنوياً يتم علاجها إشعاعياً وكيميائياً، أما العلاج الجديد فيتمتع بخاصية تحد من درجة الحرارة التي يمكن أن تصل إليها الخلايا السرطانية حيث تتم السيطرة تماماً.
عدد اليوم
