الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

شركات تكنولوجيا أميركية تواجه صعوبات في البقاء

شركات تكنولوجيا أميركية تواجه صعوبات في البقاء
19 فبراير 2012
تواجه ريسيرش إن موشن مشاكل عسيرة، وتتوارى شركة ياهو، وايستمان كوداك تشهر إفلاسها. هذه بعض أخبار كبريات شركات التكنولوجيا وهي جميعاً تشي بقصة مألوفة: وهي أنه من الممكن لشركات كانت تعد عملاقة ومهيمنة في الماضي أن تخفت خفوتاً شديداً. إنَّ التحولات الحادة في منصات التكنولوجيا وأنماط الأعمال أضحت حقيقة مرة لشركات التكنولوجيا ولمستثمريها على السواء. وفي الوقت الذي قدمت فيه فيسبوك طلب طرح اكتتاب عام أولي، هُناك أيضاً حزمة من المشاكل التي وقعت لكبريات الشركات مؤخراً تذكر الجميع بأن دوام الحال يبدو أنه من المحال أو على الأقل ليس مضموناً. غير أن قصر دورات حياة كبرى شركات التكنولوجيا ليس بالأمر المحتوم. إذ أثبتت شركات مختلفة مثل “أبل” و”آي بي إم” أنه من الممكن لشركة ما التعافي من جديد بعد كفاح مرير، فشركة مايكروسوفت مثلاً التي بدأ وزنها النسبي يتراجع كونها عاشت على ذكريات عصر الكمبيوتر الشخصي الآخذ في الخفوت، إلا أنها تعكف منذ فترة على تمهيد الطريق لإعادة تحديد أولويات أعمالها، رغم أن نجاحها مستقبلاً لا يزال غامضاً. التحولات السريعة وبالنظر إلى نوع التحولات السريعة التي قد تلحق بشركات التكنولوجيا فإن مجرد الانتباه إلى الخطر هو بمثابة أهم وأول صفة مطلوبة للنجاة، وهذا ما يجعل ريشيرش إن موشن التي اكتفت في وقت ما بدورها الرائد في بريد المحمول الإلكتروني مثالاً صارخاً على إنكار الشركات للمستجدات الواقعية. وتشير ريتا ماكجراث البروفيسير المساعد في كلية كولومبيا لإدارة الأعمال إلى أنه حين سئلت ريشيرش إن موشن عن التهديد الذي يواجهه بلاك بيري من إطلاق آي فون استبعد مسؤولو الشركة الكندية أي خطر من ذلك. وبمرور الوقت أدركوا ضرورة إجراء تعديلات شاملة على خط إنتاجهم - في خطوة أجبرتهم بعد ذلك على إجراء استحواذ لشراء منصة برمجيات محمول جديدة ملائمة - غير أن الأوان آنذاك قد فات. اصطدمت ريشيرش إن موشن ببعض أعتى القوى التي تشكل أسواق التكنولوجيا المتمثلة في خلط الاستخدام الشخصي والمؤسساتي لأجهزة التكنولوجيا وتطبيقاتها وهو ما حول أجزاء مما كان نشاطاً بطيء الحركة لتكنولوجيا الشركات إلى أسواق مدفوعة بصرعات حديثة تتطلب مهارات جديدة. ولم تكن ريشيرش إن موشن تتصور أن مستخدمي بلاك بيري، المرتبطين بنظم بريد شركاتهم الإلكتروني، سيقطعون هذا الارتباط بهذه السرعة. وهُناك قوة أخرى تتحكم في أسواق التكنولوجيا تتمثل في حقيقة أن الفائز يأخذ كل شيء في ظل تحول منصات تكنولوجية في مقدورها أن تلفظ ما كانوا يعتبرون رواد الصناعة الكبار إلى خارج المشهد تماماً، فمع تحويل مطوري البرمجيات اهتمامهم إلى الجديد من منصات برمجيات أبل وجوجل المحمولة، تواجه ريشيرش إن موشن الآن معركة صعبة لتستعيد مجدها في صناعة تكنولوجيا المحمول. وحتى بعد إدراك التهديد الخطير الذي تشكله طفرة تكنولوجية، ثبت أنه من الصعب على كثير من شركات التكنولوجيا التأقلم مع الأوضاع الجديدة. التقنيات الرقمية قال لاري ماتيسون التنفيذي السابق في كوداك الذي كان في يوم ما مسؤولاً عن 23000 شخص في قطاع التصنيع بالشركة: “كانت التقنيات الرقمية الآخذة في النشوء والتطور أمراً واضحاً وجلياً بالنسبة لنا منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي”. غير أن تلك الرؤية لم تحل دون حدوث تراجع طويل انتهى بإشهار الشركة إفلاسها مؤخراً. اتبعت كوداك ما تنص عليه أعراف إدارة الشركات، حيث حددت مزاياها التنافسية المستدامة وسعت إلى تسخيرها كقاعدة للتنويع في أسواق جديدة يمكن أن تعوضها عن الانحسار المتوقع لنشاطها في مجال الأفلام. شملت نقاط القوة تلك، حسب ماتيسون البروفيسير حالياً في كلية سايمون لإدارة الأعمال بجامعة روتشستر، قاعدة بحث وتطوير راسخة، وخصوصاً مكانة رائدة عالمياً في الكيمياء الحيوية، ومهارة تصنيع متخصصة في نشاط الأفلام وأحد أهم الأسماء التجارية العالمية في مجال الأجهزة الاستهلاكية. واتبعت كوداك ذلك النهج في أسواق مختلفة كفحوص الدم والنسخ والأدوية مع استحواذها على شركة سترلينج للأدوية. غير أن كل هذه المجالات لم تنجح في تشكيل قاعدة نشاط تجاري كبير جديد وتم فيما بعد التخلص منها الواحد تلو الآخر. هذا المسلسل من الاخفاقات إنما يشير إلى اثنين من الدروس المستفادة من المحاولات الفاشلة من شركات التكنولوجيا للتأقلم. الدرس الأول هو أن التشعب في تقنيات جديدة ليس كافياً. إلى ذلك، قال ماكجراث البروفسير في كلية كولومبيا لإدارة الأعمال: “يجب التعامل مع الابتكار على أنه شيء مادي ملموس ومنهجي وليس كعملية تجارب عشوائية أو تقليد الصرعات السائدة”. إذ أن الخبرات المتراكمة في شركة ما يمكن أن تكون أفيد من عملية تغيير فجائية. واجهت سوني، على سبيل المثال، صعوبة في التغلب على تضاؤل الاهتمام بأقسام منتجاتها القوية، ما جعلها ضعيفة بالنسبة لشركات أخرى تنتج أجهزة مبتكرة مثل آي بود وآي تيونز من أبل. وأضاف ماجراث أنه رغم أن شركات التكنولوجيا هي في العادة نتاج فكر ابداعي عصري، فإنها ربما يكون استعدادها لمواجهة التحديات أقل من أنواع أخرى من الشركات. إذ أن اعتزازها بالنجاح الذي حققته يظل قوياً وكثيراً ما تفتقر إلى مهارات الإدارة اللازمة. وأضاف : “حين يكون المهندسون مسيطرين، من السهل أن تجد أن المشاكل غير الهندسية لا تعالج”. الخيارات الاستراتيجية والدرس الآخر يتمثل في أن الخيارات الاستراتيجية لا تزال ذات أهمية كبرى. فمجرد محاولة تغيير المسار وتقليد تكنولوجيا جديدة يكون عادة هو الطريق غير الصائب. فحين أدركت “آي بي إم” التهديد الذي يواجه نشاط حوسبة أجهزتها الكبرى القادم من ظهور عصر “الخادم - العميل”، القت بكل ثقل الشركة وراء نشاط أجهزة الكمبيوتر الشخصية في أوائل ثمانينيات القرن الماضي. غير أن “آي بي إم” لم تثبت أنها تعلمت الدرس الاستراتيجي إلا حين قررت الانسحاب من أجهزة الكمبيوتر الشخصية: للتمسك بنشاطها عالي الربحية في مجال المعلوماتية من خلال إضافة برمجيات وخدمات. ارتكبت شركة كوداك خطأ استراتيجياً مشابهاً، فمنذ عقدين مضيا، وسعياً منها إلى اتجاه جديد، جلبت نجماً ساطعاً من موتورولا هو جورج فيشر لإعانتها على التحول إلى آلات التصوير الرقمية. وقال ماتيسون من جامعة روتشتستر: “كانت كوداك تفكر في مزاولة نشاط تتراوح هوامش أرباحه بين 60 و80% ولكنها خاضت في الإلكترونيات الاستهلاكية التي إذا حققت هامش ربح 5% فإنه يكون جيداً”. وحين أخفقت في الاستفادة من التصوير الرقمي، ارتكبت كوداك خطأ آخر حين غيرت مسارها إلى سوق أخرى منطوية على تحديات وهو مجال الطابعات المزودة بأنبوب حبر نافوري ما جعلها تواجه صعوبات أمام فطاحل هذا المجال من أمثال هيوليت باكارد وليكسمارك وكانون المهيمنة على سوق المستهلك، وعلى العكس، عادت كل من “آي بي إم” وزيروكس في لحظات أزمتهما لنشاطهما الرئيسي بحثاً عن طرق لتعزيز قيمة منتجاتهما لعملائهما من خلال تحسين ما كانتا دائماً بارعتين ومتميزتين فيه عن الآخرين. وقال ماكجراث: “تكثف شركات كثيرة جداً جهدها على منتجاتها وليس على ما تقدمه المنتجات من حلول للعميل”. وأخيراً أدركت زيروكس أن العملاء لا يريدون مجرد ماكينات ناسخة بقدر ما يريدون من منظومات عمل تتيح لهم الحصول على المعلومات الصحيحة في المكان الصحيح للأسباب الصحيحة بتكلفة ذات كفاءة اقتصادية”. وكان ستيف جوبز قد أثبت بعد أن كادت أبل تشهر إفلاسها عام 1997، أن التخلي عن استراتيجيات المنتجات الفاشلة والبحث عن طرق إبهار العملاء هي الطريقة الأكيدة للنجاة. عن - فاينانشيال تايمز ترجمة - عماد الدين زكي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©