الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«وادي سوات»... ومحنة اللاجئين

«وادي سوات»... ومحنة اللاجئين
16 مايو 2009 03:31
في مدخل مخيم «حضرة عثمان»، الواقع إلى الجنوب من «وادي سوات»، تقوم لجنةُ ترحيب باستقبال الفارين من المعارك الدائرة بين الحكومة والمقاتلين بكأس ماء بارد ووجبة ومكان للنوم مزود بالمراوح وصيدلية. ورغم أن القائمين على المخيم لا يُعبرون عن أي تعاطف مع «طالبان»، فإن رأيهم واضح لا لبس فيه: الأزمة كلها من صنع الحكومة والجيش. وعلى بعد ميلين على الطريق، يقع مخيم «جلالا» الحكومي الأكبر مساحة، إنه مخيم حار ينتشر فيه البعوض، والعاملون فيه منهمكون في صرف القادمين الجدد عنه. الماء والطعام والدواء قليلة هناك، والكثير من الناس يضطرون للنوم في العراء – وهو أمر في منتهى الصعوبة، خاصة بالنسبة للنساء في هذا المجتمع الإسلامي. وإذا كانت محاربة التمرد تتعلق أولاً بكسب القلوب والعقول، فإن الطريقة السريعة والفعالة التي هبت بها الجماعات الإسلامية لمساعدة المحتاجين بعد الهجوم الذي شنه الجيش على «طالبان» مؤخراً – ورد الدولة البطيء - تشير إلى أن المتشددين قد يكسبون المعركة. الجهود الخاصة مثل مخيم «حضرة عثمان» عادة ما تستفيد من السمعة الحسنة بعد مساعدة بضعة آلاف من الناس. وبالمقابل، فإن الحكومة، التي يرتاب فيها الناس أصلاً لأنها أطلقت قوتها في المنطقة، تواجه بالانتقادات إن هي قصَّرت في أي جانب من الجوانب بخصوص التعاطي مع احتياجات الناس. ويقدم المخيمان المأوى لـ1.3 مليون شخص تقريباً الذين تقدر الأمم المتحدة أنهم فروا من المعارك الدائرة رحاها بين الجيش الباكستاني و«طالبان» منذ الخريف. ورغم أن الكثيرين ممن اضطروا إلى النزوح بسبب الحرب الأخيرة رفضوا اللجوء لهذه المخيمات، مؤثرين الاكتظاظ والازدحام مع الأقارب حيثما أمكن، فإن المخيمين يظلان مهمين وأساسيين بالنسبة لعدد كبير من العائلات التي لا أقارب لديها. سيد جمال الدين، مندوب الحكومة الإقليمية المكلف بالنازحين، يقول إن أي شخص نازح عن منطقته يصطدم بصعوبات وإحباطات شتى، غير أن المخيمات الحكومية تقدم الخدمات الأساسية. ورغم أن تسجيل الناس الذي يعد شرطاً لتلقيهم المساعدات يستغرق بعض الوقت، فإنه يساعد على تلافي مشاكل مثل الاختلاس. كما يقول. ويضيف جمال الدين قائلاً: «حين يغادر الناس منازلهم، يكونون غاضبين بالطبع... ولكن الأمور تتحسن والحكومة تتولى تدريجياً تلبية كل متطلباتهم». والواقع أنه حتى الآن، ما زال الدعم العام قوياً وصلباً للحرب التي تخوضها الحكومة ضد المقاتلين. ووسط القلق العام المتزايد بشأن تعاطي الحكومة الباكستانية مع الأزمة الإنسانية، أمر قائد الجيش الجنرال أشفق كياني الجنود يوم الأربعاء بالعمل على تقليل الإصابات في صفوف المدنيين قدر الإمكان في «سوات» والمناطق المجاورة حتى إذا كان ذلــك يعني تعريض حياتهـــم للخطر، وذلــك على اعتبار أن النازحين مهمون أهمية العمليــــة العسكريـــة نفسهـــا، كمــا قـــــال فـــــي رسالــة إلــــى الجنـــــود. حاجي جل وإسماعيل شموزاي، وهما المسؤولان الرئيسيان عن مخيم «حضرة عثمان»، يقولان إنهما أطلقا جهود الإغاثة بعيد شروع المدنيين في الفرار؛ لأن الحكومة لم تستجب، وقد اتصلا بأحد المتعاقدين من أجل الموافقة على استعمال مستشفى لم يكتمل بناؤه بعد، كما استعملا مدرسة ابتدائية تقع وراء مَعلم من معالم المنطقة هو «شركة كلاشنيكوف للمطهرات»، التي تديرها العائلة، والتي تبيع الصابون فقط رغم اسم البندقية المشهورة. وبعد سبعة أيام، كان مخيم «حضرة عثمان» يُطعم ويأوي 700 شخص، ويقدم الوجبات لنحو 300 مدني آخر من عابري السبيل، ويمنح مقابل تذاكر السفر للفقراء من المسافرين الذين يحاولون الاتصال بأقارب أو أصدقاء. مثل هذه الجهود المحلية تتوقف في أحيان كثيرة على المنظمات الخيرية وتجار المنطقة والمتبرعين من الأفراد. ويقول جل: «الجميع هنا غاضبون من الحكومة؛ لأن التمويل يأتينا من المتبرعين المحليين ومن الله سبحانه الذي يمنحنا ما نحتاجه». ويقول شاموزاي إنهما تلقيا ما يعادل عشرات الآلاف من الدولارات من العصير والأرز والأدوية وغيرها من الإمدادات من متبرعين ومحسنين في وقت بلغت فيه كلفة الإدارة والتسيير 5000 دولار يومياً. في أحد الأقسام الدراسية عالية السقف بمخيم «حضرة عثمان» – نسبة إلى عثمان بن عفان، ثالث الخلفاء الراشدين - تبادر النساء إلى تغطية وجوههن بمجرد دخول أحد الغرباء. وعلى أرضية هذه الحجرة الدراسية، ينام 24 شخصاً من عائلتين، يلتحفون أغطية رقيقة. ويقول ساردار رحيم، وهو خياط من «سوات» في العشرين من عمره، فر من أعمال العنف مع سبعة من أفراد عائلته: «لقد رأيتُ المخيم الحكومي ولم يعجبني»، مضيفاً: «لقد فررنا لأن الجيش كان يلقي القنابل علينا. أما في مخيم (حضرة عثمان)، فليس لدي ما أشتكي منه لأنهم يقدمون لنا ما نحتاجه بدون ثمن». وفي الطريق من مخيم «حضرة عثمان» إلى «سوات»، ومروراً بشاحنات محملة بإمدادات الإغاثة من الأمم المتحدة، يصطف القادمون الجدد للدخول إلى مخيم جلالا مترامي الأطراف الذي يأوي 8000 شخص. صفوف الخيام تمتد على مد البصر. وقيظ الظهيرة التي وصل 35 درجة مئوية يجعل الخيام تبدو وكأنها تتماوج في الأفق. في نهاية الممر الذي يخترق وسط المخيم، يقوم عمال بصب الأرز المطهي في قدر ضخم باستعمال الرفش. وبالجوار يوجد صهريج ماء فارغ مكتوب عليه «يونيسيف»، بينما تحلق سحابة من الذباب فوق صف من المراحيض التي بنيت مؤخراً. ويقول معلم في الثلاثين من عمره وصل إلى مخيم «جلالا» منذ ثلاثة أيام، «إن زوجتي حامل، ومن المتوقع أن تلد في غضون يومين.. إنها في حاجة إلى البروتين، ولكن الحكومة لا تعطينا أي شي»، مضيفاً: «إننا نطلب الدواء – ولكن الأطباء يقولون إنهم لا يتوافر لديهم. الأغنياء يقيمون في الفنادق، أما نحن فمضطرون للبقاء هنا. إنني أشعر بالغضب واليأس!». مارك ماجنير - باكستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©