الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خطوة نحو الانتخـابات

16 مايو 2009 03:32
دخل موضوع إجراء الانتخابات بمستوياتها المتعددة في السودان، مرحلة جديدة بعد أن أعلنت المفوضية القومية للانتخابات، في مطلع الأسبوع الحالي، عن شروعها في تحديد الدوائر الانتخابية على ضوء التعداد السكاني الذي أجازته رئاسة الجمهورية. ويتضح، حسبما تقول المفوضية، أنه ستكون هناك دائرة انتخابية جغرافية لكل 154 ألف نسمة، وسيكون حجم الدائرة في التمثيل النسبي هو 575 ألف نسمة. أما بالنسبة للكوتة النسائية، فإن الرقم سيكون 350 ألف نسمة. وقد أعلن متحدث باسم المفوضية أن ترسيم الدوائر سيستمر لمدة ثلاثة أشهر. وبقراءة أولية لخطوات الإعداد للانتخابات، فمن المتوقع أن يتم إجراؤها في شهر فبراير من العام القادم. حسناً، لكن الحكمة ليست في تكملة الإجراءات الشكلية للانتخابات، فتحقيق ذلك وحده لن يعني شيئاً ولن يغير الحال في السودان، ولن ينتقل بها من عهد شبه أحادي إلى عهد تعددي ديمقراطي يمكن فيه تداول السلطة من فريق إلى فريق آخر. ولكي تحقق تلك الانتخابات ذلك الهدف، فلا بد من إنجاز شروط لا غنى عنها البتة، وأول تلك الشروط أن تجرى الانتخابات في جو حر محايد لا يواصل فيه الحزب الحاكم استغلاله لما يتمتع به الآن من سلطات شبه مطلقة. ثم إن ذلك الجو الحر المحايد، لن يتحقق ما لم تُزل كل العقبات التي تقف حائلة دون ذلك؛ وأهمها ترسانة القوانين المطبقة حالياً والتي لا يتناقض وجودها مع تحقيق الجو الحر المحايد فحسب، بل هي كذلك مخالفة لأحكام الدستور المطبق حالياً، ولنصوص اتفاقية السلام التي يقوم على أعمدتها كل التحول المنشود في هيكل الحكم الحالي. ومن بين تلك القوانين، قانون الحريات العامة، وقانون الصحافة، وقانون الأمن الوطني الذي يعطي جهاز أمن الدولة سلطات تجعله قادراً على الحجر على حركة الأحزاب والأفراد وفرض قيود تنفي أي وجود للحياد. إن الأحزاب السياسية المعارضة لا تملك حق إقامة ندوة سياسية في ميدان عام إلا بإذن خاص من جهاز الأمن، وهو إذن يشبه الحصول عليه الحصول على «حليب العصافير» كما يقول المثل. إن التجربة الماثلة حتى الآن هي أن الحزب الذي يسيطر على الحكم، وهو حزب «المؤتمر الوطني»، ليس جاداً في إزالة هذه العقبات التي تحول دون إيجاد الجو الحر المحايد. إن قادة هذا الحزب يعلنون إعلامياً أنهم مع ضرورة الجو الحر المحايد لإجراء الانتخابات، لكنهم لا يلتزمون بما يقولون، وآخر دليل على ذلك النهج، أنهم لجأوا للأغلبية الميكانيكية التي يتمتعون بها في المجلس الوطني خلال الأسبوع الأول من هذا الشهر، فأجازوا قانوناً يحكم الإجراءات الجنائية في المحاكم، رغم معارضة أحزاب المعارضة، بل ورغم معارضة الشريك الأول في الحكم وهو «الحركة الشعبية لتحرير السودان». وبالإضافة لكل هذا، فإن على عاتق المفوضية القومية للانتخابات أن تبذل كل الجهد لضمان أن حزب الحكومة لن يواصل استغلاله الحالي لأجهزة الإعلام المملوكة للدولة، ومنها الإذاعة والتلفزيون، وكذلك مراقبة حكام الأقاليم في مستوياتهم المختلفة للحيلولة دون تدخلهم أو استخدام نفوذهم لصالح مرشحي حزب الحكومة. وبعد، فهذه هي الصورة العامة للوضع العام قبيل إجراء الانتخابات، وهي صورة لا تدعو للتفاؤل كثيراً، وقد تضطر بعض الأحزاب السياسية أو كلها لمقاطعة الانتخابات إذا ظل الحزب الحاكم متمسكاً بموقفه الرافض لإزالة العوائق دون إيجاد الجو الحر المحايد، وفي تلك الحالة نكون كما يقول المثل «لا غزينا ولا رأينا الغزو». وتظل الحال على ما هي عليه، دون تحول جاد نحو الديمقراطية. محجـوب عثـمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©