الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مشكلات الديون الأوروبية تثير المتاعب للاقتصاد المغربي

مشكلات الديون الأوروبية تثير المتاعب للاقتصاد المغربي
19 فبراير 2012
طنجة (رويترز) - يستقل يونس العدلي وزوجته عبارة من ميناء طنجة المغربي في طريق عودتهما إلى إسبانيا، لكن القلق يساورهما من أنهما قد لا يكون بمقدورهما بعد الآن كسب ما يكفي من المال في أوروبا لإعالة عائلتهما الممتدة. اضطر الزوجان العاطلان عن العمل في إسبانيا منذ العام الماضي إلى ترك ابنهما أمير ذي الثمانية عشر شهراً في رعاية جدته في المغرب. ويقول العدلي البالغ من العمر 32 عاماً: "كنت أنا وزوجتي نعول 26 من أقاربنا قبل الأزمة. الآن لا نستطيع إعالة أنفسنا وولدنا". وفي الوقت الذي تبذل فيه الدول الأوروبية جهوداً حثيثة لمعالجة كارثة الديون التي قد تتسبب بركود اقتصادي على مستوى المنطقة بأسرها، أصبح مستقبل العدلي على المحك شأنه شأن كثيرين من 2?5 مليون مهاجر مغربي يعيشون ويعملون في أوروبا. ميزان المدفوعات والمغرب من أكثر الدول العربية اعتماداً على تحويلات المغتربين؛ لذا فإن تفاقم محنة المغاربة المقيمين في أوروبا قد يتسبب في تدهور ميزان المدفوعات ويؤثر على مئات الآلاف في المغرب الذين يعتمدون على المبالغ التي يحولها لهم أقرباء في الخارج. ويتركز المهاجرون المغاربة في منطقة اليورو في فرنسا وإسبانيا وإيطاليا ومعظمهم من طبقة العمال مما يعرضهم لمخاطر إلغاء الوظائف عندما تتباطأ الاقتصادات. ويقر العدلي بأنه قد يستغرق بعض الوقت للعثور على عمل جديد في إسبانيا، لكنه مستعد للقيام بأي شيء للبقاء هناك. وقال "إذا مرضت في أسبانيا سأحصل على الرعاية الملائمة في المستشفى بالمجان. لكن هنا فإن المرض دون عمل قد يعني الموت". وأبلى اقتصاد المغرب بلاء حسناً حتى الآن في خضم أزمة الديون السيادية الأوروبية لأسباب منها زيادة كبيرة في الإنفاق الاجتماعي من جانب الحكومة في مسعى لحماية الاستقرار السياسي وسط الاضطرابات التي شهدها العالم العربي العام الماضي. وقال وزير الاقتصاد نزار بركة الأسبوع الماضي، إن الاقتصاد قد يكون نما خمسة بالمئة العام الماضي ارتفاعاً من أربعة بالمئة في 2010. لكن زيادة الإنفاق الحكومي لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية مما يعني أن تحويلات العمال المهاجرين ستظل حيوية للاقتصاد. والتحويلات التي بلغت سبعة مليارات دولار في 2011 تعد مصدراً أكبر للعملة الصعبة من مبيعات الفوسفات صناعة التصدير الرئيسية في البلاد وتقف على قدم المساواة تقريباً مع السياحة ثاني أكبر مشغل للأيدي العاملة في المغرب. وتساعد التحويلات في تخفيف حدة الفقر في البلد الذي يقطنه 32?5 مليون نسمة. وقال الحسن عاشي الباحث بمركز كارنيجي الشرق الأوسط "قلص المغرب الفقر بنسبة 40% بين 1991 و2008... وذلك أساساً بفضل جهود فردية مثل زيادة كبيرة في التحويلات". ويعمل العدلي في إسبانيا منذ 1999، وفقد وظيفته العام الماضي بعد أن سرح مصنع المطاط الصغير الذي كان يعمل به في أليكانتي ربع موظفيه بسبب انخفاض المبيعات. وفقدت زوجته عملها بعدها بأسابيع قليلة عندما أغلق المقهى الذي كانت تعمل به. وقال العدلي عن إعانة البطالة التي يحصل عليها منذ فقد وظيفته "حاول أن تعيش بخمسمئة يورو (650 دولاراً) شهرياً في إسبانيا .. وقريبا قد نخسر هذا الدخل أيضاً. هكذا تقول الصحف". مستقبل المهاجرين لكن الغيوم التي تلقي بظلالها على مستقبل المهاجرين ليست سوى جانب واحد من التهديد الذي يواجهه المغرب بسبب مشكلات أوروبا. وقالت سلوى قريقري الخبيرة الاقتصادية والنائبة بالبرلمان عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض "لم نر بعد المدى الكامل لتداعيات أزمة منطقة اليورو على اقتصادنا. "تحويلات المهاجرين وعائدات السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر ستتأثر بالأزمة. السياق السياسي في المنطقة العربية ككل يدفع المستثمرين الأجانب إلى الانتظار والترقب فيما يتعلق بالدول العربية عموماً". وتسهم التجارة مع الاتحاد الأوروبي بنحو 60% من إيرادات صادرات المغرب، كما أن 80% من السياح الأجانب الذي يزورون المغرب يأتون من بلدان الاتحاد وتعتمد عليهم 400 ألف وظيفة مباشرة وعشرة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. وتوقع وزير السياحة لحسن حداد أن 2012 لن يكون عاما سهلا للقطاع مع قيام الأوروبيين بإلغاء أو تأجيل عطلاتهم أو اختصارها. وبعد عدة سنوات من النمو المستمر في أعداد السياح أصبح المغرب يأمل ألا تنزل الزيارات على الأقل عن مستوى 2011. وتظهر أرقام التجارة بالفعل تأثير التباطؤ الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي. ونمت واردات الاتحاد من البضائع المغربية 7?8% في 2011 مقارنة مع نمو بلغ 19?8% في 2010. وقال الوزير بركة "ثمة علاقة طردية قوية بين النمو الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي وحجم الطلب على صادراتنا". والمنسوجات هي ثاني أكبر مصدر لإيرادات التصدير بعد الفوسفات، لكن سوقها الرئيسية هي منطقة اليورو. ويعمل بوظائف مباشرة في صناعة المنسوجات أكثر من 200 ألف شخص. الصادرات الصناعية وقال كريم تازي رئيس الجمعية المغربية للنسيج والألبسة "توقعات 2012 ليست شديدة التفاؤل... الظروف ستكون أكثر صعوبة في 2012.. مجال الرؤية الحالي للمصدرين لا يتجاوز المدى القصير. فرنسا وإسبانيا هما السوقان الرئيسيتان بالنسبة لنا". وساهمت تدفقات العملة الصعبة البالغة نحو 17 مليار دولار من السياحة وتحويلات المهاجرين والاستثمار الأجنبي المباشر في تخفيف أثر العجز التجاري المتفاقم على ميزان المدفوعات. وارتفع عجز ميزان المعاملات الجارية في 2011 إلى 6?5% من الناتج المحلي الإجمالي من 4?3% في 2010 مسجلا أعلى مستوياته منذ الثمانينيات. وقال عاشي الباحث في كارنيجي "يبدو ميزان المدفوعات المغربي بصدد وضع استثنائي في 2012. عجز ميزان المعاملات الجارية سيتفاقم على الأرجح بعد خفضه بدرجة كبيرة في الأعوام الأخيرة". ومن شأن أي تدهور في تدفقات العملة الصعبة أن يتسبب في تآكل قدرة المغرب على تمويل الواردات في وقت يواجه فيه الكثير من صادراته الرئيسية منافسة محتدمة من منتجين أقل تكلفة مثل الصين. ويعتمد المغرب بكثافة على استيراد الوقود والقمح اللذين ارتفعت أسعارهما في الأسواق العالمية. وبلغت احتياطيات النقد الأجنبي في نهاية 2011 نحو 20 مليار دولار أي ما يغطي واردات خمسة أشهر تقريباً وهو أقـل مستـوى منذ عام 2001. وقال وزراء بالحكومة الأسبوع الماضي، إن المغرب قد يطرق سوق السندات العالمية في 2012، وسيختبر أي إصدار تقييم المستثمرين الأجانب للضغوط التي يتعرض لها ميزان المدفوعات للمغرب في ظل مشاكل أوروبا. وقال عاشي "قدرة المغرب على توليد احتياطيات النقد الأجنبي محدودة جداً.. أسعار النفط الخام والحبوب ترتفع، في حين أن أداء الصادرات الأخرى باستثناء الفوسفات ليس جيدا جداً... من المرجح أن يزيد عجز ميزان المعاملات الجارية في 2012".
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©