الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

شح الائتمان يقود الشركات الأوروبية نحو سوق السندات

شح الائتمان يقود الشركات الأوروبية نحو سوق السندات
19 فبراير 2012
أصبحت سوق سندات الشركات الأوروبية شبيهة بنظيرتها الأميركية، في وقت أجبر فيه شح القروض المقدمة من قبل البنوك الأوروبية، الشركات على البحث عن خيارات أخرى للتمويل. وعادة ما تعتمد الشركات في أوروبا بشدة على البنوك لتوفير احتياجاتها التمويلية، إلا أن ذلك يختلف كثيراً مقارنة بنظيراتها في أميركا حيث يتميز سوق سندات الشركات بالكثير من العمق والنشاط. وباعت الشركات في الولايات المتحدة الأميركية 524 مليار دولار من الديون خلال 2011، مقابل نحو 380 مليار دولار في أوروبا، وفقاً لمؤسسة “ديلوجيك” البحثية. لكن محللين قالوا إن الشركات الأوروبية تسعى باستمرار للحصول على تمويلات من سوق السندات، مدفوعة بأوامر تنظيمية تستوجب توفير زيادة في رؤوس الأموال في البنوك، ما زاد من صعوبة الحصول على القروض. شروط الإقراض ويقول ألبيرتو جالو، كبير استراتيجيي الائتمان في “رويال بنك أوف اسكتلندا” “بينما عمدت البنوك إلى تشديد شروط الإقراض، دفع شح القروض الشركات للبحث عن التمويل من خلال السندات”. وما يلقي الضوء على عملية التحول هذه، سندات الشركات غير الاستثمارية المقومة باليورو التي تم بيعها خلال العام الحالي بأكثر من 28 مليار يورو (35,58 مليار دولار)، مقارنة بنحو 18 مليار يورو في أول شهرين من 2011. وتعتبر هذه أكثر البدايات نشاطاً منذ 2009. وفي المقابل، تراجع حجم قروض الشركات في مختلف أرجاء العالم، لأدنى مستويات له منذ 2003. ورغم أن تراجع معدل الإقراض في البنوك الأوروبية كان من العوامل الرئيسية وراء التحول نحو سوق السندات، فإن بعض المحللين يرون أن طلب المستثمرين لعب دوراً مهماً في ذلك أيضاً. ومع ذلك، بينما من المرجح أن تساعد سندات الشركات على إنعاش الركود الذي لازم تمويل الاستثمارات الراسخة، لا يزال السؤال يدور حول إمكانية استفادة الشركات الصغيرة من مثل هذا النوع من الأسواق. وربما تتوقف بعض المؤسسات عند القيود القانونية التي ينبغي عليها تجاوزها لتكون قادرة على بيع السندات مقارنة مع الحصول على القروض البنكية. كما من الممكن أن لا يكون لدى بعضها الرسوم الكافية للدخول إلى أسواق السندات، أو ربما تخسر السوق تماماً نتيجة المخاوف المتعلقة بمخاطر الديون السيادية أو بحالة الاقتصاد. وربما يمثل ذلك أكبر الفروق بين سوق السندات الأميركية والأوروبية، حيث تظل السوق الأميركية مفتوحة على الدوام، بينما من الممكن أن تغلق الأوروبية أبوابها لأقل المخاطر في وجه الجميع عدا تلك الجهات التي تصدر سندات بأسعار مرتفعة. سوق صغيرة ويقول جوان فالينسيا استراتيجي الائتمان في “سوسيتيه جنرال” “ينبغي عدم نسيان أن السوق الأميركية ظلت نشطة لعدة عقود، بينما لم يتعد عمر السوق الأوروبية سوى عقدين من الزمان، ما يعني أنها لا تزال صغيرة وأمامها الكثير من العقبات لتخطيها. ومن الممكن أن تصبح سوق السندات بالنسبة للشركات التي تصدر سندات بقيم متدنية، أكثر أهمية خاصة عندما تقلص البنوك من ميزانياتها. لكن على هذه الشركات أن تتعلق بأمل عدم اختفاء شهية الدخول في المخاطر، حتى لا يتم عزلها من السوق في حالة حدوث ذلك”. ويبقى الانتظار لحين معرفة ما إذا كان برنامج البنك المركزي الأوروبي بتقديم قروض للبنوك مدتها 3 سنوات بأسعار فائدة منخفضة في ما يعرف بعملية إعادة التمويل طويلة الأجل، يشجع البنوك على زيادة معدل الإقراض للشركات الصغيرة أم لا. وتبلغ قيمة قروض السندات لتي قدمتها البنوك الأوروبية للشركات نحو 884 مليار دولار في العام الماضي. وبالوتيرة التي يسير عليها معدل الإقراض الحالي حتى الآن، من المتوقع أن يصل الإجمالي لأقل من نصف عام 2011. وضخ البنك المركزي الأوروبي ما يقارب نصف تريليون يورو في النظام المصرفي في عملية إعادة التمويل طويلة الأجل في ديسمبر الماضي، ومن المنتظر أن يقدم جولة أخرى من القروض نهاية الشهر الحالي. وذكر ماريو دراجي محافظ البنك المركزي الأوروبي، أن أثار العملية لم تظهر بعد ليظل المحللين منقسمين بين مدى الفائدة التي قدمتها هذه القروض للبنوك وللاقتصاد ككل. كما تبرز بعض الشكوك حول إمكانية استغلال البنوك لهذه الأموال لإقراض الشركات. أزمة ائتمان ويوضح تقرير البنوك التجارية الذي نشره البنك المركزي الأوروبي زيادة كبيرة في عدد المؤسسات المالية التي تضع قيوداً أمام المقترضين، نظراً إلى مواجهة البنوك أنفسها لصعوبات الحصول على الأموال ولضغوطات المنظمين بغرض تقليل المخاطر. وقدم التقرير الذي غطى آخر ثلاثة أشهر من 2011، المزيد من الأدلة التي توضح مدى التأثير الذي لحق بالنظام المصرفي جراء أزمة الديون السيادية. كما تحقق التقرير أيضاً من سياسة البنك المتعلقة بتوفير قروض طوارئ ضخمة لبنوك منطقة اليورو في محاولة لدرء جفاف كامل ربما يتعرض له قطاع الإقراض. ويقول ماري دايرون الاستشاري الاقتصادي في مؤسسة “إيرنست آند يونج” الاستشارية “ربما يعيد الانهيار الائتماني منطقة اليورو إلى دائرة الركود مرة أخرى”. وتدل المؤشرات على انتشار مشاكل غرب أوروبا في اقتصادات شرق أوروبا النامية. ومثلاً تراجعت القروض المقدمة لبولندا من الخارج بنحو 12 مليار دولار، وذلك وفقاً لـ “بنك التسويات الدولية” في سويسرا. شرق أوروبا ويبدو هذا التراجع مثيراً للاستغراب خاصة وأن اقتصاد بولندا استمر في تحقيق نمو سريع في الآونة الأخيرة. ويشير ذلك إلى بدء بنوك غرب أوروبا بما تواجه من ضغوطات، في حجب مواردها عن فروعها في شرق القارة. ويقول توماس مايرو مدير البنك الأوروبي للتعمير والتنمية “من الواضح أن هناك عملية إحجام في تقديم القروض. كما تؤكد الأرقام الواردة من “بنك التسويات الدولية” على أن هذا واقع وليس مجرد تصور”. ويقوم البنك الأوروبي بتقديم القروض لدعم تنمية الأسواق الحرة في الاتحاد السوفيتي سابقاً. ووسع البنك المركزي الأوروبي في ديسمبر الماضي من حجم القروض المقدمة لبنوك منطقة اليورو بنحو 489 مليار يورو (643 مليار دولار) بفائدة قدرها 1% فقط لمدة ثلاثة أعوام، بينما لم تتجاوز فتراته السابقة سنة واحدة. وكان الهدف من هذه القروض تخفيف الآثار الناجمة عن أزمة الديون السيادية في القارة. ومن المنتظر أن يقدم البنك جولة أخرى من القروض في نهاية الشهر الحالي، في بادرة يتوقع المحللون أن تحول دون وقوع أزمة الائتمان. الديون السيادية وتقول كارين وارد كبيرة الاقتصاديين في “أتش أس بي سي” “للحيلولة دون وقوع أزمة ديون سيادية، نتطلع لأن نرى أن الحكومات قادرة حقاً على تطبيق برامج التقشف، جنباً إلى جنب مع إمكانية تحقيق النمو الاقتصادي المطلوب. ومن الخطأ اعتقاد أن قروض البنك المركزي يمكن أن تعالج جميع مشاكل هذه الأزمة”. ووفقاً للبنك المركزي، قامت البنوك بتقليص القروض للأعمال التجارية وللأفراد على حد سواء. ومن بين البنوك التي شملها التقرير، ذكرت 35% منها أنها تضع قيوداً صارمة أمام قروض الأعمال التجارية، مقارنة مع 16% في الربع السابق. كما أصبحت البنوك أكثر إحجاماً في تقديم قروض الرهن العقاري، مع توقعاتها في أن يواجه الائتمان شحاً كبيراً في الشهور القليلة المقبلة. لكن تعتبر ألمانيا حالة استثنائية نظراً لاستقرار الإقراض فيها. وواحد من الأسباب التي دعت البنوك للإحجام عن تقديم القروض، ما تقابله من صعوبات في سبيل الحصول على الأموال اللازمة. وذكرت نصف البنوك التي شملها التقرير أنها تجد عقبات في طريق الوصول إلى أسواق المال. ولا تزال الصناديق في أميركا ودول أخرى والتي تقدم قروضاً كبيرة للبنوك، قلقة بمدى عافية العديد من المؤسسات المالية في منطقة اليورو، وذلك نتيجة لما تملكه من سندات لحكومات أوروبية. وربما تؤكد هذه البيانات جزئياً شكوى البنوك من أن ضغوطات المنظمين هي السبب وراء زيادة مخاطر وقوع أزمة ائتمانية. وتعتمد “الهيئة المصرفية الأوروبية” والمنظمون الوطنيون، على البنوك لتقوم بزيادة احتياطاتها النقدية ومن ثم تقليل المخاطر، الشيء الذي لا يمكن تحقيقه إلا من خلال خفض القروض. وذكرت 20% من البنوك التي شملها التقرير، أن حاجتها لزيادة احتياطي رأس المال هي التي أرغمتها على تقليص القروض. لكن ذكر ضعف هذا العدد، أن الضعف الذي يتعرض له اقتصاد منطقة اليورو، هو السبب الرئيسي في تقليص القروض. نقلاً عن: وول ستريت جورنال، أنترناشونال هيرالد تريبيون ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©