الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عماد عكور: قيمة مقتنياتي في إعجاز صناعتها

عماد عكور: قيمة مقتنياتي في إعجاز صناعتها
17 مايو 2009 02:57
كاميرا الطفولة في أعوام الثمانينات؛ التي أوشك أهله على رميها واستبدالها بكاميرا أكثر تطورا، كانت الشرارة الأولى التي تعرف من خلالها عماد محمد عكور على موهبته. ففي ذلك اليوم، اعترض بشدة على تلف تلك الآلة التي تحمل في طياتها ذكريات سنوات طويلة. وما كان منه إلا أن احتفظ بها وهو ابن 15 عاما، بنيّة أن تكون باكورة ممتلكاته الثمينة. وبعد مرور نحو 20 عاما على هذه الحادثة، تحول المراهق الهاوي إلى جامع للكاميرات الأثرية النادرة. وأصبح في حوذته 400 كاميرا، أقدمها تعود للعام 1881، اختارها كلها واشتراها من معارض التحف حول العالم. وهو مهتم تحديدا بالكاميرات المصنوعة من الخشب، وكذلك التي كانت تستعمل لأغراض التجسس. حفظ الذاكرة يعمل عكور في مجال الوسائط المتعددة، يخصص الجزء الأكبر من وقت فراغه للبحث والتنقيب عن الكاميرات العتيقة وكل ما يرتبط بها من أدوات واكسسوارات. وكونه واحدا من بين قلائل في العالم العربي يهوون تجميع هذه القطع التاريخية، يسعى مع مجموعة من نظرائه إلى البحث عن جهة ترعى تأسيس رابطة عربية لهواة تجميع هذا النوع من الكاميرات. ويقول: "إن وجود جمعية أو ناد لدعم عملنا، كفيل بالحفاظ على هذه الهواية وتطويرها كنوع من حفظ الذاكرة على غرار الكثير من الدول الغربية التي خطت خطوات متقدمة في هذا المجال". تدخل إلى منزله فتجد الركن الأبرز منه في صالة الاستقبال، عامرا بالتحف على شكل كاميرات لطالما التقطت صورا ثمينة، إلى أن جاء من يلتقطها ويضعها في قفص التاريخ والمستقبل. هنا صندوق جلدي بداخله آلة دقيقة أفضل وصف لها أنها تصلح للعرض في أفخم الصالات، كقطعة فنية عنوانها الدقة في التفاصيل. وهناك تصطف تحف التصوير، الواحدة إلى جانب الأخرى في مباراة تنافسية يصعب فيها الحكم على أيها الأجمل والأفخم. فغالبية المعروضات يجمع بينها عامل القِدم المشترك، وكذلك جودة الصناعة اليدوية. وعند الزاوية المتاخمة ثمة خزانة زجاجية مخصصة لحفظ كاميرات التجسس الموزعة على الأرفف بحجم لا يتجاوز بضعة سنتيمترات للقطعة الواحدة. رائحة الماضي ينظر عكور إلى مقتنياته بفخر، ويقول: "إنها ثروتي التي لا تقدر بثمن، فقيمتها عندي تتجاوز الماديات لأنها تعني لي رائحة الماضي وعظمة الابتكارات التي كانت في ذلك الزمن". ثم يمسك بعض المعروضات مبديا إعجابه بطريقة صنعها، معتبرا أن القيمة الحقيقية لهذه الكاميرات تكمن في القدرة على تصميمها وتنفيذها في ظل الإمكانيات المتواضعة التي كانت متوفرة في حينه. يقول: "هذا الإعجاز هو الذي يدفعني تحديدا إلى التخصص في جمع كاميرات التجسس من القرن الماضي، والتي كان صناعها يتفننون في إنجازها إلى درجة أن أسلوبهم فائق الذكاء حير الأجيال اللاحقة ومازال". ثورة صناعية عبر ذاكرة نشطة تدل على عشقه الحقيقي لهواية اختارها بنفسه، يروي عكور قصة أبرز القطع التي يمتلكها. يبدأ بالكاميرا الأعز إلى قلبه وهي من نوع "ستاينك" مصممة على شكل ساعة، وكانت قد صنعت آنذاك بغرض التجسس. يقول: "تعتبر هذه الساعة من المجموعات المحدودة، ومن بين عدة ألوان كانت متوفرة من موديلها، اخترت اللون البني الذي يبرز أناقتها". ثم ينتقل الى الكاميرا الأقدم لديه وهي أميركية صنعت عام 1881 يحتفظ بكامل معداتها، ويصفها بقوله: "لقد شكلت ثورة في صناعة آلات التصوير، وهذا ما يزيد من أهميتها لدي". وبابتسامة يفصح بها عن أمر مميز، يكشف عن كاميرا أخرى ويقول عنها: "إنها من بين الأندر من نوعها، تعود صناعتها الى عام 1940، وهي يابانية الصنع ماركة "بيتال" لدي نسختان منها، واحدة مصنوعة قبل الاحتلال البريطاني والأخرى بعد الاحتلال. غير أن الأولى نوعيتها أفضل وشكلها أجمل، وهي خماسية الأضلاع، فيما الثانية مستديرة". ومن بين القطع الملفتة لديه، كاميرا للتجسس على شكل علبة مكياج بداخلها مرآة وأحمر شفاه، وأخرى على شكل ولاعة نسائية. وهو عند اقتناء أي كاميرا، يحرص على جمع كل اكسسواراتها، من البطارية إلى العلبة الخارجية، وكذلك "الكاتالوج" الخاص بها. تنشئة على الإخلاص بالتوازي مع هوايته، يهتم عكور كذلك بشراء أي تحفة قيمة مضى عليها الدهر. ومن بين معروضاته، جهاز "ترموسكوب" مصنوع في أميركا عام 1865، يسمح برؤية الصور ثلاثية الأبعاد. وآلتان من "البروجكتور" 8 ميليمترات و16 ميليمترا، تم ابتكارهما بداية القرن الماضي، تعرضان الأفلام البدائية على الجدار. ويبدو أن المراهق الذي كبر وبداخله إخلاص لكل ما هو نادر وقيم، يرغب في تنشئة ولديه على النهج نفسه. فابنته (5 سنوات)، وابنه (سنتان) لا يقربان أبدا من هذه المقتنيات إلا بالنظر اليها من بعد. وهو يدربهما منذ الآن، على أهمية الحفاظ عليها كتحف حقيقية تعلو قيمتها كلما مر الزمن عليها.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©