الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صور?ة

صور?ة
17 مايو 2009 02:59
الزملاء، معظمهم على سبيل الدقة، نزعوا صورهم عن أعمدتهم، وما زالت طلتي البهية صامدة تأبى انزياحاً أو فكاكاً. مع كل عمود إضافي، يبصر النور دون صورة لصاحبه، يتفاقم إحساسي بالوحدة وبالوحشة أيضاً، وأرى نفسي مطوقاً بسيل من الأسئلة وفق صيغة: "وأنت.. ماذا تنتظر"؟! للحقيقة ما زلت مترددا بشأن تقديم مقالي إلى القراء مجرداً من قسماتي المشرقة، الأمر يكافئ، تبعاً لتقديري، نوعاً من الانتحار، وأنا لا أملك الجرأة على أن أنتحر، ولو صورياً. أتمنى أحياناً لو أنَّ قرار إزالة الصور يأتي من الجهات العليا، إجراء كهذا بوسعه أن يعفيني من احتمالات الندم الناجمة عن أخذ خيار مماثل على عاتقي الشخصي، كما سيمنحني متكأ ينهض بمبررات الانخفاض المتوقع في منسوب نجوميتي المرتجاة، باختصار سيكون الحال مشابهاً لما كان عليه دوماً: لا ضير من الفشل طالما كان بوسعنا ردُّه إلى أسباب قاهرة، تنبع من حيث لا قدرة لنا على التحكم بمسارها. حصل ما يشبه هذا في السابق مع البريد الإلكتروني الذي كنَّا نذِّيل به أعمدتنا، بغتة جاء الأمر بإبادة جميع العناوين التي لا تنتمي إلى المؤسسة، أبديت حينها بعض التذمر الشكلي، لكنني شعرت ضمنا بالارتياح العميق، ذلك أن مسح العنوان البريدي سيريحني من الانتظار المضني لرسائل قراء معجبين مزعومين، رسائل لم تصل، وأغلب الظن أنَّها لن تصل يوما، أمَّا الآن وقد أزالوا العنوان فكيف سيراسلني المعجبووووون؟!! صار بوسعي طرح السؤال، وبالفم الملآن، وهذا يكفي. أن تبادر الجهات المعنية في المؤسسة إلى إتخاذ قرار مماثل، يشمل الصور، فذلك يعني أن ترفع عن كاهلي مترتبات تنافسية شتى تستدرجها صورتي المرفرفة في مهب الشهرة المنتظرة، سأكون حينها متسامحاً مع كل الذين يعبرون بي في الأماكن العامة دون أن يهرعوا إلى مصافحتي وإبداء إعجابهم بفذاذة مواهبي، غامزين ببعض الخجل، من قناة ما أتمتع به من وسامة مفترضة، وسأغفر لديانا كرزون أنَّها لجأت إلى التركي الأسمر من أجل تصوير الفيديو كليب خاصتها، دون أن تتنبه لوجودي، وسأبدي تفهماً مشوباً بالرأفة حيال نساء العام العربي اللاتي دفعنَّ رجالهنَّ للغيرة من مهند (التركي هو أيضاً)، متجاهلات كون ملامحي الاستثنائية في متناول أبصارهنَّ التعبة، سوف أصرخ حينها بخيبة مدروسة، وبثقة يصعب تبيان زيفها: كان لا بدَّ لذلك كله أن يحصل بعد أن نُزعت صورتي بقرار فوقي!! وللحكاية بعد آخر يستدعي بعض التكتم، لذلك أطلب منكم الاقتراب لأهمس بقيتها في آذانكم، ولا تنسوا ضرورة عدم إخبار أحد: في بلدي لبنان ثمة انتخابات نيابية، والمرشحون هناك يعانون هوساً مرضياً في لصق صورهم حيث تصل أيديهم، المشكلة أنَّ كبار الخاسرين في اللعبة الانتخابية هم الذين يحرصون على إبقاء صورهم معلقة في الشوارع لأطول فترة ممكنة، كما لو أنَّهم يعوضون خسارتهم بما تتيحه الجدران من شهرة قسرية. بعد كل ذلك ألا ترون معي أنَّ خطورة الأمر تستدعي إزالة الصورة؟!! علي العزير
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©