الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المعنّفات الأفغانيات: من المجتمع إلى الملجأ!

المعنّفات الأفغانيات: من المجتمع إلى الملجأ!
19 فبراير 2011 23:42
فتاة بالكاد بلغت مبلغ النساء ترغَم على الزواج من رجل في عمر والدها من أجل تسديد دين العائلة. وأخرى أم لأربعة أطفال خائفة ومذعورة تعرضت للضرب والتنكيل، وتأثرت نفسيا بضرب زوجها لها لدرجة أنها باتت ترتعد متى تحدث إليها أحد، وثالثة شابة مفعمة بالحيوية والنشاط أهدر دمَها أشقاؤها ووالدها عندما حاولت الهرب مع الرجل الذي أرادت أن تتزوج به. كل هؤلاء النسوة وجدن ملاذا في ملجأ في العاصمة الأفغانية تديره منظمة نسوية تحصل على التمويل من جهات خاصة؛ غير أن هذا الملاذ الهش وغيره بات اليوم يواجه تهديدا من قبل مخطط، أعلنت عن خطوطه العريضة إدارةُ الرئيس كرزاي لأول مرة يوم الثلاثاء، يروم وضع كل هذه الملاجئ تحت سيطرة الحكومة. بيد أن المنظمات النسائية وأنصارها يقولون إن جعل ملاجئ النساء المعنفات تحت إشراف الدولة في كل جانب من عملياتها وأنشطتها اليومية سيكون له تأثير كارثي على قدرتها على حماية النساء والفتيات اللاتي يهربن من الزواج القسري أو سوء المعاملة، وسيعرِّض ضحايا جرائم الاغتصاب لخطر القتل من قبل أقاربهن صوناً لـ"شرف" العائلة. كما يخشى النشطاء أن يكون المخطط جزءاً من محاولة أكبر من قبل حكومة كرزاي تروم تعزيز وضعها السياسي الهش عبر استمالة الشخصيات القبلية والدينية المحافظة والمناوئة لحقوق النساء. وتحاول الحكومة أيضا استمالة "طالبان" إلى طاولة المفاوضات، الأمر الذي يجعل العديد من النساء يخشين أن تكون الحريات المحدودة التي حصلن عليها منذ الإطاحة بالحركة قبل نحو عقد من الزمن قد باتت في طريقها إلى الزوال. وفي هذا الإطار، تقول مانيزا ناديري من منظمة "نساء من أجل النساء الأفغانيات"، التي تعد رائدة حركة ملاجئ النساء وتدير ملاجئ تابعة للمنظمة في أربع مدن أفغانية من بينها كابول: "إن الهدف من هذه الحملة هو محاولة إرضاء طالبان وخطب ودهم؛ إنه عربون حسن نية تجاههم"، مضيفة: "ولهذا السبب، هي خطيرة للغاية". واللافت أن بعض مقتضيات المخطط الجديد تضمن تقريبا عدم سعي النساء لطلب المساعدة، ومن ذلك تنصيص على أن يخضعن لفحوص طبية تنتهك الخصوصية قصد معرفة ما إن كن عذارى. كما يعتقد النشطاء أيضا أن من شأن سيطرة الحكومة على ملاجئ النساء أن يسهِّل على العائلات أكثر استعمال التأثير السياسي أو الرشوة لاستعادة النساء والفتيات الفارات، وهو ما يعرِّضهن لانتقام أسوأ ربما مما هربن منه أصلاً. والواقع أن جزءاً يسيرا فقط من النساء اللاتي يوجدن في حاجة ماسة إلى ملجأ لديهن الحظ والإرادة والإمكانيات للوصول إلى واحد من أصل قرابة اثني عشر ملجأ على صعيد البلاد، يتركز معظمها في المناطق الحضرية، يقول القائمون على الملاجئ، وذلك لأن الخوف يثني معظمهن عن الفرار ويجعلهن سجينات بيوتهن. وفي هذا السياق، تقول فوزية، وهي امرأة نحيفة ومهمومة من إحدى قرى شرق أفغانستان: "ما كنتُ لأمتلك الشجاعة على الهرب لو لم يكن ثمة مكان أستطيع أن ألجأ إليه". وكان زوج فوزية وأقاربه قد حولوها إلى ما يشبه الجارية التي تخدمهم وتسهر على راحتهم، وقد بدؤوا يضربونها ويجوِّعونها بعد أن فشلت في إنجاب أطفال، فاتخذ له زوجة ثانية أصغر سنا. وقد ساعدتها معلمة تضامنت مع قصتها على الوصول إلى العاصمة. ويأتي الخلاف حول الملاجئ في وقت تسعى فيه حكومة كرزاي إلى صرف أموال المساعدات الخارجية عن المنظمات الخاصة وتحويلها إلى أيادي الحكومة. وقد اعترفت بعض الحكومات الغربية فعلا بالحاجة إلى قدر أكبر من المحاسبة بخصوص إنفاق مثل هذه الأموال، إلا أنه لا يوجد ميل دولي للتخلي عن السيطرة المالية الكاملة لصالح الوزارات التي ينخرها الفساد. ويبدو المال بالفعل عاملا حاسما. ففي مؤتمر صحفي عقدته مؤخراً، اتهمت حُسن بنو غضنفر، وزيرة الشؤون النسائية بالوكالة، الملاجئ بهدر الأموال وسوء الإدارة، واصفةً حملة الحكومة باعتبارها جهدا يروم ضمان إنفاق عادل وفعال للأموال التي تخصص لمساعدة النساء المعنفات، ومعظمها يأتي من مانحين خارجيين وحكومات أجنبية. وقالت: "أعتقد أن تلك الملاجئ تهتم بالمال أكثر من اهتمامها بالنساء"، مشيرة إلى ما قالت إنه إنفاق لمئات الآلاف من الدولارات من قبل بعض الملاجئ من أجل العناية فقط ببعض النساء. وأوضحت غضنفر أن المخطط سيبدأ قريبا، ولكنها لم تقدم جدولا زمنيا. وخلال السنوات الخمس الماضية، وفي وقت امتدت فيه إلى مزيد من المناطق عبر أفغانستان، أضحت الملاجئ محل شكوك في مجتمع تقليدي ومحافظ لأقصى الحدود، حيث انتشرت شائعات، ولاسيما في مناطق البشتون الريفية، تفيد بأن ملاجئ المنظمات النسوية -التي تقدم للنساء تدريبا حرفيا ودروسا لمحاربة الأمية، إلى جانب الرعاية الصحية والمشورة القانونية- أشبه بدور للدعارة. غير أن القائمين على الملاجئ النسوية يحاولون تبديد هذه الاتهامات عبر نسج علاقات مع الشرطة، والقيام بجهود وساطة في حال كانت النساء المعنَّفات ترغبن في العودة إلى منازلهن. والواقع أن العديد من النساء يعدن بالفعل ويعشن مع أطفالهن، لكنهن يردن ضمانات من الزعماء القبليين على أنهن لن يتعرضن للضرب أو القتل. لورا كينج كابول ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©