الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا وبوتين... بين أوكرانيا وسوريا!

أميركا وبوتين... بين أوكرانيا وسوريا!
25 فبراير 2014 00:34
ترودي روبن محللة سياسية أميركية لكي نفهم لماذا فشلت سياسة أوباما تجاه سوريا هذا الفشل الذريع، علينا أن ننظر إلى القمع الوحشي الذي مارسه نظام يانوكوفيتش على المحتجين السياسيين في أوكرانيا خلال الأسابيع الماضية. أما حلقة الوصل بين الحالتين، الروسية والأوكرانية، فهي بوتين. فقد راهن المسؤولون الأميركيون على الزعيم الروسي للضغط على الأسد لقبول توافق سياسي في محادثات جنيف. لكن بوتين يكره التوافق السياسي؛ فهو يفضل الرجال الأقوياء، سواء في سوريا أو أوكرانيا أو مكان آخر، وسيدعم الأسد، كيفما كانت جرائم الحرب التي يرتكبها. وبالمثل، شجع بوتين الرئيسَ الأوكراني المعزول يانوكوفيتش على ارتكاب مذبحة بحق المحتجين المدنيين هذا الأسبوع. ومن خلال قيامه بذلك، بعث برسالة لا يمكن لإدارة أوباما أن تتجاهلها بينما تحاول إيجاد استراتيجية جديدة لسوريا، رسالة مفادها أن بوتين يعتمد سياسة شرسة ومناوئة لمصالح الغرب؛ وهو لن يعدل عن دعمه لحلفائه المستبدين إلا إذا اقتنع بأن كلفة ذلك جد باهظة. والواقع أن أسلوب عمل بوتين واضح في أوكرانيا. فقد بدأت الأزمة الحالية عندما بدت الحكومة الأوكرانية مستعدة لتوقيع اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي في نوفمبر الماضي؛ اتفاقية كان يرغب فيها المواطنون الذين كانوا يأملون في أن يفضي تمتين العلاقات مع أوروبا إلى كبح الحكومة الفاسدة، والمفلسة تقريباً، التي كانت تسير على طريق الحكم الديكتاتوري. غير أن بوتين يحلم بإنشاء اتحاد في منطقة أوراسيا، كتكتل سياسي واقتصادي إقليمي واسع يعيد ربط الجمهوريات السوفييتية السابقة، ومنها أوكرانيا. لذلك، عرض على يانوكوفيتش حزمة إنقاذ مالي بقيمة 15 مليار دولار وغازاً رخيصاً مقابل رفض عرض الاتحاد الأوروبي. وهو أمر فجَّر احتجاجات سلمية في كييف تدعو إلى استقالة يانوكوفيتش وانتخابات مبكرة. الزعيم الأوكراني المخلوع كان قد وعد بعدم استعمال القوة ضد المتظاهرين، لكنه سرعان ما غيَّر موقفه بعد اجتماعه مع بوتين في سوتشي. ويوم الاثنين، منحت روسيا أوكرانيا دفعة أولى بقيمة ملياري دولار، وتحادث بوتين مع يانوكوفيتش عبر الهاتف. وفي اليوم التالي حدث القمع. وفي هذا السياق، تقول الباحثة بمؤسسة «بروكينجز إنستيتيوشن» فايونا هيل، التي شاركت في تأليف كتاب «بوتين: عميل في الكريملن»، إن يانوكوفيتش اختار على ما يبدو «أسلوب الأسد»، مضيفة: «إن الفكرة هي ألا يكون ثمة أي توافق، رغم أنه كان يمكن التوصل لتسوية ما مع المتظاهرين». كما يقال إن فريقاً من خبراء «السيطرة على الحشود» الروس كانوا يساعدون وزارة الداخلية الأوكرانية. واللافت أن المتحدثين باسم الحكومة الروسية يقومون بشيطنة المعارضة الأوكرانية باللغة نفسها التي استعملوها في الحديث عن المتظاهرين السوريين الذي كانوا سلميين في البداية، إذ يصفونهم بـ«المتطرفين» و«الإرهابيين». كما يشددون على أن المحتجين أدوات في يد الغرب. لكن أوكرانيا ليست هي سوريا. فرغم مباركة بوتين، إلا أن يانوكوفيتش لم يكن باستطاعته إلقاء براميل متفجرة على كييف. لقد كان الخوف من إهانة بوتين يقيِّد مسؤولي الاتحاد الأوروبي في السابق ويمنعهم من فرض العقوبات ضد مسؤولي حكومة يانوكوفيتش ورجال الأعمال المقربين منها، إذ كان يمكن أن تحول دون وقوع المأساة التي تابعها العالم في كييف. لكن ازدراء الزعيم الروسي الصريح بأوروبا يمكن أن يدفعهم أخيراً للقيام بشيء ما. وفي تلك الأثناء، أوضح كراتنيكي أن تكثيف القمع لن يؤدي إلا إلى تسريع الاحتجاجات عبر البلاد، مع ما قد ينطوي عليه ذلك من أخطار بالنسبة لسلامة خطوط الأنابيب التي تنقل الغاز الروسي إلى أوروبا. وبالتالي، فإن أوكرانيا قد تتحول بسرعة إلى عبء على الموارد الروسية، وحلم بوتين باندماج اقتصادي مع أوكرانيا يمكن أن «يحبَط إذا تحولت كييف إلى ما يشبه بيروت». وأمام ارتفاع تكاليف سياسته الجديدة، وبعد سقوط يانوكوفيتش، فإن بوتين سيجد نفسه مضطراً للتفكير في حليف بديل قد يصل إلى سدة القيادة في أوكرانيا. بيد أن إرغام بوتين على التفكير في إيجاد توافق في سوريا سيكون أصعب بكثير بعد تخبط سياسة إدارة أوباما خلال السنوات الثلاث الماضية. فعندما كان رئيساً للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، كان جون كيري يدرك المطلوب، حيث قال في مايو 2012 : «إن الأسد لن يتغير إلا إذا تغيرت الحسابات على الأرض». بعبارة أخرى، لا الأسد ولا داعموه الروس سيتحاورون على طاولة المفاوضات إلا إذا كانوا يخشون خسارته على ساحة المعركة. والحال أن البيت الأبيض يرفض منذ عامين تقديم أي مساعدات عسكرية للثوار المعتدلين، في وقت تقوَّت فيه مجموعات إسلامية بفضل المساعدات التي تتلقاها من مصادر عربية خاصة. وفي هذه الأثناء، يقوم بوتين (وإيران) بتوفير المال والسلاح والرجال للأسد الذي أخذ يتقدم على الميدان. وعليه، فبينما يعيد أوباما التفكير في ما إن كان ينبغي مساعدة الثوار السوريين الذين يتم التحقق من خليفتهم، عليه أن يستوعب الدرس الأوكراني: إن الطريقة الوحيدة لثني بوتين عن دعم الحكام المستبدين هي جعل كلفة ذلك أعلى مما هو مستعد لتحمله. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©