الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«مسرح الشارع» يقدم التراث والقضية الفلسطينية والسيرة الذاتية

«مسرح الشارع» يقدم التراث والقضية الفلسطينية والسيرة الذاتية
19 فبراير 2011 23:44
نظمت إدارة المسرح بدائرة الثقافة والإعلام في الشارقة مساء أمس الأول بمتنزه الجزيرة في الشارقة عرضا في الهواء الطلق لفرقة مسرح الشارع التي انبثقت من الدورة التدريبية التي أقيمت خلال يناير الماضي تحت عنوان «التوليف والارتجال في المسرح» وأشرف عليها المسرحي السوداني الرشيد أحمد عيسى، حيث شارك في الدورة عدد كبير من الممثلين الشبان الشغوفين والمتحمسين للأداء المسرحي. ويأتي اهتمام ثقافية الشارقة بهذا المسرح المنفتح على البحث والتجريب، بناء على توجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة بأهمية انتقال المسرح من حدود وأطر الخشبة والكواليس والستائر إلى مساحات وفضاءات الشارع الذي يترجم التواصل الحي والملموس مع الجمهور، والذي يتناغم أيضا مع روح وجوهر الرسائل التي يحملها المسرح. واحتوى العرض الذي شاهده وتفاعل معه عدد كبير من رواد منتزه الجزيرة على ثلاث لوحات أو تنويعات مشهدية، حيث تناولت اللوحة الأولى لعبة من التراث الشعبي، وتطرقت اللوحة الثانية لجملة من التفاسير الفردية حول القضية الفلسطينية، أما اللوحة الثالثة التي حملت عنوان «السيرة الذاتية» فركزت على الأمراض والسلبيات الإدارية في الهيئات والمؤسسات والشركات المتواجدة في المكان. حضرت في اللوحة الأولى الحكاية الشعبية المتداولة حول الذئب الذي يحاصر قطيعا من الخرفان الصغيرة والمتفرقة ولكنه يجابه بمقاومة شرسة من الأم التي تدعو صغارها إلى التكاتف والتعاون من أجل التغلب على الذئب الشرس والقوي، الذي لا يمكن التغلب عليه إلا من خلال كسر حاجز الخوف وتحفيز المقاومة الداخلية، وهذا ما يتحقق فعلا عندما يتحول القطيع المتفرق إلى جسد واحد وكبير ومحتشد استطاع أن يقهر هذا الذئب العنيد والمتجبّر، وأن يسحقه تحت ضغط القوة الهائلة للجماعة. وتم في اللوحة الثانية التطرق لمدى تفاعل الأجيال الجديدة مع القضية الفلسطينية، وكان الجانب النقدي لما وصل إليه الحال حاضرا بقوة من خلال مقولة العرض التي حملت عنوان «كل يغني على ليلاه» حيث كشفت أنماط وطبقات متعددة من المجتمع العربي عن سلبيتها وانشغالها عن القضية، والتي باتت في النهاية مركونة في ذاكرة الأجيال السابقة مثل وهم محنط، ومثل وعد منسي في دهاليز ومتاهات التاريخ والجغرافيا. في اللوحة الثالثة تشكلت وتناثرت لوحات أخرى صغيرة تحدثت عن غلبة المزاج الشخصي للمدير عند تعامله مع طلبات التوظيف التي ترد إليه، فهو يفضل الإملاءات القادمة من غرائزه الذاتية ومنفعته الشخصية، فيعين المرأة الجميلة التي تفتقر للمهارات والخبرة الوظيفية، ويهمل في المقابل الشخص المثقف والأكاديمي لمجرد أن مظهره لم يعجب المدير، أو لأنه ببساطة لا يملك الواسطة أو ورقة المرور الاجتماعية التي تكفل لكل من يملكها حق الحصول على الوظيفة بغض النظر عن كفاءته وإبداعه. وكان واضحا في اللوحات التي قدمها عرض الشارع، أن المخرج «الرشيد عيسى» ترك لممثليه هوامش من حرية الأداء، وهي حرية ضاعفت ثقتهم في أنفسهم وفي قدراتهم التمثيلية، واعتمد العرض أيضا على الارتجال وتوليف حالة أدائية طازجة تعتمد على قدرات كل ممثل وعلى سرعة بديهته وتفاعله الداخلي مع دلالات وحمولات المشهد، وكان لغياب الحاجز السميك لمسرح العلبة دور في إذابة الطابع الرسمي والرصين في العلاقة بين الممثل وبين الجمهور، ما جعل فضاء البعد الرابع حاضرا ومتداخلا بين المؤدي والمتلقي، وهي حالة تفاعلية ذات خصوصية مهمة تمثل ركيزة ومطلب مسرح الشارع على العموم. وترجمة هذا المطلب توضح تماما أثناء مشاركة الأطفال في اللوحة التراثية الأولي، حيث كان حضورهم وتفاعلهم مع العرض حضورا ذهنيا وتفاعلا فيزيائيا وجسديا في ذات الوقت، حيث رأينا الأطفال يشتركون داخل الحلبة الافتراضية للممثلين الأصليين، متحولين بذلك إلى جزء أساسي من مكونات العرض، وفي هذا الاندماج والانصهار ما يمكن أن يخلق حساسيات إبداعية وانتباهات فنية لدى الأطفال، وفيه أيضا ما يمكن أن يحقق هدف وقوام وطموح مسرح الشارع، الذي يتشكل من عفوية اللحظة المعاشة ومن وتيرة الإيقاع اليومي للحياة كي ينبع منها ويخاطبها ويتجه إلى صناع هذه الحياة والضالعين في حراكها، ونقصد بهم هنا الجمهور بكل أطيافه وتوجهاته.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©