أوبرا «شمشون ودليلة» تعرض برؤية جديدة في كولونيا الألمانية

أثار الإخراج الجديد لأوبرا شمشون ودليلة زوبعة من النقد والنقاش واسع النطاق، فالمخرج الألماني تيلمان كرابر قدم رؤية جديدة لهذه القصة مستوحاة من الواقع الراهن للمنطقة التاريخية التي شهدت أحداث شمشون ودليلة ، وبعد تأجيل تقديم العرض الأول تم أخيراً تقديم الأوبرا في كولونيا. وعادة تحكي الأوبرا قصصاً لعشاق تفصل بينهم الأقدار مثل روميو وجوليت وغيرها من قصص الحب التاريخية، ولكن الأمر يختلف بالنسبة لشمشون ودليلة، فهو يحبها حباً صادقاً ، لكنها تريد أن تسيطر على مشاعره وأن تسحره كي تكتشف سر قوته الخارقة وتشله بعد ذلك، وأشهر تلحين لشمشون ودليلة قام به الموسيقار كيمل ساسون في الأوبرا التي عرضت للمرة الأولى عام 1877م في مدينة فايمار الألمانية، أما اليوم فإنها تعرض في مدينة كولونيا، وبرؤية جديدة. هذا المساء الأوبرالي لم يكن مريحاً على الإطلاق، حيث نسمع فجأة صوت انفجار قنبلة، ثم ينقطع التيار الكهربائي ويسود الظلام، بعد ذلك يزاح الستار، فيرى الحاضرون مشهداً ينذر بالخطر تنتصب فيه حواجز خشبية كبيرة الحجم وكاشفات ضوئية وأشخاص يتحركون تائهين يحاولون ما تمكنوا من إنقاذه من متاع الدنيا ولا يتعدى بعض أكوام القمامة والحطام. في هذه الحبكة المسرحية التي تتناول لمدة ساعتين أحداثاً درامية مشحونة باليأس والعنف والكراهية والموت، وكميل ساسون قد اختار النص التوراتي لقصة شمشون ودليلة والحرب بين اليهود والفلسطينيين، لكن المخرج الألماني تيلمار كنابي فقد نقل أحداث شمشون ودليلة إلى الواقع الحاضر في غزة بما فيه من صور بؤس اللاجئين والتعصب الديني والعنف من قبل الجانبين. والمشاهد التي يقدمها المخرج تعبر عن ذلك بالقوة نفسها، ففي الفصل الأول يعامل العبرانيون بقيادة زعيمهم شمشون السجناء بقسوة، وفي المشهد الثالث يتصرف الفلسطينيون مع الإسرائيليين بالطريقة نفسها، وقد أثار هذا الأسلوب في الإخراج مناقشة حادة في كولونيا، وتساءل البعض عن مدى العنف الذي يجوز إظهاره فوق خشبة المسرح. والمنطلق الذي استند إليه المخرج تليمار كنابي هو أن مادة الأوبرا المشحونة بالصراعات تحتاج إلى طريقة عرض مناسبة ، لكن بعض المغنيين والمغنيات كانوا على رأي مخالف، فاعتذر البعض عن أداء أدوارهم، بينما احتج البعض الآخر على طريقة الإخراج من خلال إعلان مرضهم، وقد أدى مرض المغنية التي تؤدي دور دليلة إلى تأجيل موعد تقديم العرض، وفي ظل هذا السجال توترت الأعصاب وساد الترقب على ما إذا كان الخلاف القائم حول ذلك سيؤخر عرض الأوبرا مرة ثانية أم لا ؟ لكن المخرج نجح أخيراً في تقديم أوبرا شمشون ودليلة وتقبل بعض الجمهور رؤيته الحديثة لهذه القصة.