مكتبة دبي العامة.. نزهة تعليمية تواكب العصر

دبي (الاتحاد) - يقف “أيهم” مشدوهاً لرؤيته أسد الغابة يسابق نفسه والريح في فضاء الغابة المفتوح. يتأمل حركة قوائمه المتسارعة بتناغم فائق، يتفحّص انحناءات أضلاعه التي تمنحه شكلاً يذكّره بإحدى أسرع السيارات في العالم والتي يملك نموذجاً مصغراً عنها، آملاً أن تكبر معه يوماً ما كما أخبره والده. ينتظر أيهم مترقباً اللحظة الحاسمة، ظهر الغزال، تضاعف جموح الأسد وتحول إلى “صاروخ” ينقضّ على فريسته ليشبع بها خواء معدته. لا تشبه تلك المشاهد التعليمية الوثائقية من أفلام قناة “كوكب الحيوان” ما اختزنه أيهم في ذاكرته عن الأسد “سيمبا” اللطيف في فيلم “الأسد الملك”، إذ إن الواقع - كما أخبرته معلمة العلوم وإن كان مختلفاً عن ألوان “عالم ديزني” الساحرة - إلا أنه أكثر متعة. لذلك، دعت المعلمة الطلبة التوجّه إلى إحدى مكتبات دبي العامة للتعرّف من خلال إلى الكتب المصورة والمواد السمعية البصرية المتوافرة إلى عالم الأسد في أرضه، وليس من خلال حركات السيرك الترويضية أو أفلام الكرتون. فقد تمكنت فروع مكتبة دبي العامة السبعة من التحول إلى مرجع تعليمي للأطفال، إضافة إلى الطلبة والعائلات والأفراد يضم مختلف أدوات العصر التي تضمن التشويق، والتحفيز، والمادة التثقيفية. وتشرف هيئة دبي للثقافة والتراث، منذ أواخر عام 2008 على مكتبات دبي العامة، بعد أن تسلمتها بلدية دبي طوال السنوات الماضية منذ تأسيس أول مكتبة عام 1963 في منطقة الرأس المطلة على خور دبي في عهد المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم طيب الله ثراه. وإضافة إلى مكتبة الرأس المركزية، تم تشييد خمس مكتبات فرعية في الأحياء السكنية لمدينة دبي افتتح أربع منها عام 1989، وهي مكتبات هور العنز، والراشدية، والصفا، وأم سقيم. تلى ذلك مكتبة حتا في عام 1998. كما تم افتتاح مكتبة الطوار العامة في صيف عام 2007. كما سيتم خلال الفترة المقبلة افتتاح فرع ثامن لمكتبة دبي العامة في شارع المنخول. “ربع” ثقافي أما الميزة الأهم للمكتبات العامة، فيعبر عنها المواطن عبدالله الذي اعتاد والده منذ أن كان صغيراً على اصطحابه إلى المكتبة للاطلاع على مواد تعليمية تختلف عما تقدمه المدرسة من دون الحاجة إلى دفع ثمنها. وأصبح عبدالله منذ أن تزوج ورزق ثلاثة أولاد، يصطحب أطفاله كل أسبوع لتعويدهم على اكتشاف أنماط جديدة من اللعب التعليمي. أما الأهم من ذلك، فيرى عبدالله أنه يحمل “شعلة الثقافة” بين عائلته و”الفريج”، إذ يقف محاولاً تذكر وتعداد من تمكّن من نقل “عدوى” زيارة المكتبة العامة في منطقة الراشدية إليهم: اثنان من إخوته، وثلاثة من أبناء عمومته، وواحد من أقارب والدته، وأربعة من أقارب زوجته. ويشرح عبدالله عن المتعة التي يعيشها الأولاد حين يذهبون جماعة إلى زيارة المكتبة والاستفادة من أحدث الألعاب الإلكترونية التعليمية الجماعية التي توفرها، بالإضافة إلى قراءة القصص المصورة، ومشاهدة أفلام الرسوم المتحركة مع أقاربهم. خطط تطويرية وتقوم “هيئة الثقافة” منذ تسلمها مكتبة دبي العامة بوضع خطط تطويرية وإيجاد هوية جديدة للمكتبات الثماني من خلال خطة استراتيجية تهدف إلى تعزيز الدور الذي تلعبه المكتبات العامة بدبي، وتأكيد أهميتها باعتبارها مراكز اجتماعية تسهم في نشر التعليم والثقافة بين مختلف شرائح المجتمع. وأشارت “الهيئة” على الموقع الإلكتروني الخاص بالمكتبات إلى أنه من المتوقع أن تسهم المكتبات من الناحية الاجتماعية في رفع مستوى الثقافة في المجتمع ومنح روادها فرصاً مهمة لتطوير إمكاناتهم ومعارفهم. كما ستشكل المكتبات على الصعيد الثقافي منطلقاً لحفز الروح الإبداعية والحوار بين الثقافات وتقوية النسيج التعليمي في دبي. وتقدم المكتبات العامة بدبي لأعضائها العديد من الخدمات التعليمية، بما في ذلك الاطلاع على مجموعة واسعة من الكتب بلغات متعددة من مختلف أنحاء العالم، إضافة إلى المراجع ومحتويات الصوت والصورة التي تشمل الأفلام والأقراص المضغوطة وقاعدة بيانات غنية للمساعدة في الأبحاث والدراسات. وإلى جانب إمكانية الاطلاع على فهرس غني بالمحتويات الإلكترونية، يمكن للأعضاء الاستفادة من خدمة المكتبة الإلكترونية Ebrary، البرنامج الإلكتروني المتطور الذي يتيح لمستخدميه إمكانية الوصول إلى أكثر من 52 ألف كتاب بما في ذلك المراجع الحديثة، مما سيمنح رواد المكتبات فرصة التعرف إلى أحدث المواد التعليمية والكتب من مختلف أنحاء العالم. ومن المزايا المهمة بالنسبة للطلاب والقراء، يمكن لرواد المكتبات الاستفادة من موارد “مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية عبر الإنترنت” الذي يشكل جهة رسمية توفر أحدث الدراسات للطلاب والمجموعات والباحثين والقيمين على المكتبات، للتعرف بصورة أفضل وأعمق إلى العالم الإسلامي. وإضافة إلى مجموعة غنية من المصادر الأدبية والإلكترونية التي تناسب الصغار والطلاب، تستضيف المكتبات الثماني المخصصة للأطفال سلسلة من الأنشطة المتميزة ومنها جلسات قراءة القصص وعروض الأفلام الثقافية والتعليمية ومسابقات الرسم والمعارض والدورات التدريبية.