الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تحديات أمن الطاقة والمياه

تحديات أمن الطاقة والمياه
6 يناير 2014 21:33
ميشيل جارو بناء مستقبل مستدام، يعتمد على قدرة العالم على التصدي لتحديات الترابط بين أمن الطاقة والمياه والاستفادة من الفرص ذات الصلة. في معظم الأحيان، يستهلك العالم الموارد الطبيعية المتاحة بوتيرة غير مستدامة، وذلك سعياً لتلبية احتياجات مياه الشرب والغذاء والمأوى والطاقة والمواد الأولية اللازمة للتصنيع. وفي ضوء النمو السكاني المتوقع من 7 إلى 9 مليارات نسمة بحلول عام 2050، لا شك أننا سنستهلك هذه الموارد أكثر من أي وقت مضى، ما سيؤدي إلى تناقصها بشكل متزايد. وسيؤدي النمو الاقتصادي وزيادة مستويات المعيشة في الدول النامية والناشئة والضغوط المرتبطة بآثار تغير المناخ، إلى تأزم الوضع بشكل يدعو للقلق. لقد حظيت مواضيع أمن الطاقة والمياه باهتمام بالغ خلال العقد الماضي، إذ يشكل كل منهما محركاً ومثبطاً في الوقت نفسه، للنمو الاقتصادي والارتقاء بمستوى الحياة وتعزيز مستوى الرفاهية في العالم. ورغم ذلك، قد تغيب عن أذهان صناع القرار أهمية الترابط بين الاثنين، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى مواقف يصبح فيها تحقيق أمن أحدهما خطراً على الآخر. هناك العديد من التشعبات المرتبطة بتحدي أمن الطاقة والمياه، فمن جهة، يواجه العالم اليوم تحدياً كبيراً يتمثل في تمكين أكثر من 1,3 مليار شخص من الوصول إلى الكهرباء، وتوفير مصدرٍ موثوق للمياه لأكثر من 700 مليون إنسان، ما يعني انتشال ملياري إنسان من مستنقع الفقر. ومن جهة أخرى، لا بد من مواكبة الطلب المتزايد على المياه والطاقة والمرتبط بالنمو السكاني والتمدين السريع والتنمية الاقتصادية، وذلك في ظل تزايد ندرة الموارد الطبيعية والتلوث وتدهور النظم البيئية، وتغير المناخ وزيادة انبعاثات غازات الدفيئة. في عام 2010، استهلكت عمليات إنتاج الطاقة 15% من إجمالي المياه العذبة المستخرجة في العالم. ومع النمو المتوقع للطلب على الطاقة بأكثر من الثلث بحلول عام 2035، من المؤكد أن طلب قطاع الطاقة على المياه سيزداد. وعلى سبيل المثال، تهدف الصين إلى إنتاج 12 مليون طن متري من وقود الديزل الحيوي بحلول عام 2020، ما سيتطلب كمية كبيرة من المياه تعادل التصريف السنوي للنهر الأصفر في الصين. ويؤدي الطلب المتنامي على الموارد المحدودة للمياه إلى زيادة المنافسة بين قطاع الطاقة والقطاعات الأخرى المستهلكة للمياه، لا سيما الزراعة والصناعة. وخلال العقد الماضي، أدت كوارث الجفاف وموجات الحرارة الشديدة ونقص المياه المحلية إلى انقطاع الإمدادات الكهربائية في الكثير من أنحاء العالم، ما نتجت عنه عواقب اقتصادية وخيمة. وفي الوقت نفسه، أعاقت نقص إمدادات الطاقة عملية توفير خدمات المياه. وتعد دول مجلس التعاون الخليجي من بين أكثر البلدان فقراً بمصادر المياه الجوفية، ولكنها تستهلك المياه بمعدلات أعلى من متوسط الاستهلاك العالمي وذلك بفضل محطات تحلية المياه. ويوجد في العالم حالياً أكثر من 16 ألف محطة، لتحلية المياه المالحة تبلغ طاقتها الإنتاجية نحو 70 مليون متر مكعب. تعد تحلية المياه من أكثر تقنيات معالجة المياه استهلاكاً للطاقة، إذ تتجاوز تكلفة معالجة مياه البحر منخفضة الملوحة بعشر مرات تكلفة معالجة مصادر المياه العذبة التقليدية، وحوالي ضعف تكلفة الطاقة اللازمة لمعالجة مياه الصرف الصحي من أجل إعادة استخدامها. وفي هذا الصدد، تسعى «الجمعية الدولية لتحلية المياه»، إلى الحد من استهلاك الطاقة بنسبة 20% بحلول عام 2015، وقد بدأت بعض الشركات تجربة استخدام الطاقة المتجددة في عمليات التحلية. وتشهد المنطقة العربية تزايداً في حجم استثمارات الطاقة الشمسية الخاصة بتحلية المياه وإنشاء قطاعات صديقة للبيئة، إذ تتمتع بوفرة أشعة الشمس على مدى نحو 300 يوم في السنة. وعلى سبيل المثال، تبلغ الطاقة الإنتاجية لمحطة الخفجي لتحلية المياه والتي تعمل بالطاقة الشمسية في المملكة العربية السعودية، 30 ألف متر مكعب يومياً. وهناك محطات أخرى لتحلية المياه تعمل بالطاقة الشمسية في كل من مصر والإمارات العربية المتحدة وأماكن أخرى في منطقة الخليج. وتسعى قطر لتأمين 80% من احتياجاتها من المياه العذبة من خلال محطة تحلية تعمل بالطاقة الشمسية. ويمكن أيضاً إنتاج المياه وتوليد الطاقة بشكل مشترك، وبالتالي تحقيق فائدتين في آن واحد، مثل إنشاء محطات لتحلية المياه وتوليد الطاقة، ومحطات للتوليد المشترك للحرارة والكهرباء، واستخدام مصادر المياه البديلة لتبريد محطات الطاقة الحرارية، وحتى استخلاص الطاقة من مياه الصرف الصحي. وتعتمد محطة السمرا لمعالجة مياه الصرف الصحي في العاصمة الأردنية عمان، تقريباً، على مصادر ذاتية لتوليد 95% من احتياجاتها من الكهرباء، وذلك من خلال مصادر متجددة يتم إنتاجها في موقع المحطة من خلال نظام توربينات يعمل بقوة تدفق مياه الصرف الصحي لتوليد الطاقة الهيدروليكية، وكذلك باستخدام الغاز الحيوي الذي يتم التقاطه من هاضمات الحمأة واسترداده على شكل طاقة كهربائية وحرارية. وفي السياق ذاته، تبذل منظمة الأمم المتحدة ما بوسعها للتصدي لتحديات الطاقة والمياه. وفي هذا الإطار، سيسلط اليوم العالمي للمياه 2014 الضوء على موضوع «المياه والطاقة»، كما يتناول تقرير تنمية الموارد المائية في العالم الذي سيتم إطلاقه خلال اليوم العالمي للمياه في مارس 2014، موضوع «المياه والطاقة»، ويهدف إلى تعزيز وعي أصحاب القرار والأطراف المعنية والمشاركين حول الروابط بين المياه والطاقة، وأوجه التوافق المحتملة والمفاضلات فيما بينهما. ويسلط التقرير الضوء على الحاجة إلى إعداد سياسات وطنية متسقة ومتوافقة في مجال الطاقة والمياه. وتعد سياسات التخفيف من حدة ظاهرة تغير المناخ مثالاً رمزياً على ذلك، فالجهود الرامية إلى الحد من انبعاثات غازات الدفيئة من خلال الاعتماد على الطاقة الكهرمائية أو الوقود الحيوي، قد تضع المزيد من الضغوط على الموارد المائية، وقد يؤدي تطوير مصادر جديدة للمياه عن طريق تحلية مياه البحر إلى عرقلة الأهداف الوطنية للحد من الانبعاثات الكربونية. ومن الواضح أن العلاقة المترابطة بين تحقيق أمن الطاقة وأمن المياه توفر فرصاً هامة جداً لقطاعي المياه والطاقة. ولا يمكن الاستفادة من هذه الفرص إلا إذا قام واضعو السياسات والمخططون والممارسون في كلا القطاعين، باتخاذ التدابير والخطوات اللازمة لتعزيز التعاون والتنسيق المشترك. ويمثل كل من اليوم العالمي للمياه وتقرير تنمية الموارد المائية في عالم 2014 خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح. رئيس لجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©