13 صحيفة صينية تصدر بافتتاحية موحدة

في مبادرة تاريخية وصفت بالجريئة والفريدة صدرت 13 صحيفة صينية في الأول من مارس الماضي بافتتاحية موحدة تطلب من الحكومة إلغاء نظام التسجيل الداخلي المعروف بـ”الهوكو” (h ko ) الذي كان قد وضع في نهاية خمسينات القرن الماضي خلال حكم ماو تسي تونج للبلاد. وما زال نظام تسجيل (وترخيص) نقل الإقامة الداخلية هذا يؤثر في حياة مئات ملايين الصينيين الذين يحرمون من التقديمات الاجتماعية في حال عدم التزامهم به حيث أن هذا النظام يفرض قيوداً على السفر والانتقال ويهدف إلى التحكم في تدفق الناس بين المدينة والريف.. وحسب جريدة “اللوموند” الفرنسية فإن هذه المبادرة الجماعية جاءت قبل عدة أيام من افتتاح دورة الربيع الحالية للجمعية الوطنية الشعبية، وهي الهيئة الوحيدة للمشاركة السياسية في البلاد، وقد اكتسبت في توقيتها أهمية استثنائية خاصة وأنها حدث نادر إعلامياً شاركت فيه بشكل عام صحف المقاطعات التي يعاني سكانها كما يبدو أكثر من غيرهم من هذا النظام وهي مقاطعات كنتون ومنغوليا الداخلية وهينان وفوجيان وشنغينغ الخ.. وجاء في الافتتاحية الموحدة: “نحن نعتقد أن المواطنين ولدوا أحرارا وأن الناس يجب أن ينالوا حق التنقل بحرية تامة. ونطلب من المندوبين (النواب) بأن يفعلوا كل ما بوسعهم للإعلان عن رزنامة لإصلاح الهوكو”. ولم يمض أسبوع واحد على نشر الافتتاحية تلك إلا وبدأت ترد تقارير أخرى عن تعرض المشاركين فيها لمضايقات، منهم زانج هونج أحد المشاركين في كتابة الافتتاحية والذي كان يعمل نائب رئيس تحرير في صحيفة “المراقب الاقتصادي” الصادرة في العاصمة بكين، والذي كتب في رسالة نشرت على موقع “وول ستريت جورنال” بأنه عوقب جراء تلك المشاركة وبأن زملاء آخرين ووسائل إعلام مشاركة معه شعروا أيضا بالمضايقات. وأشار زانج إلى أنه أصبح الآن يعمل “كمعلق مستقل” لكنه لم يقل بأنه استقال من عمله. وإذا كانت السلطة موافقة على تطوير نظام التسجيل هذا إلا أن إصلاحه بشكل سريع سيكون صعبا كما يرى الخبراء فجواز الهوكو هو مؤسسة مغلقة لتاريخ حزب قلق دائم تجاه أي اقتراح بالإصلاح يمكن أن يشكك في شرعيته، ويقلل هذا النظام الذي يظن أنه قد تجاوزه الزمن في إطار المعجزة الصينية الاقتصادية من فرص المساواة بين الصينيين كما ذكرت يومية “ساوث شاينا مورنيغ بوست” التي تصدر في هونغ كونغ والتي قالت إن “الهوكو يسبب اليوم الألم أكثر من الأمل ويزيد من الهوة بين سكان الريف وسكان المدن”. وعلى الرغم من ترويض هذا النظام عبر الزمن والإصلاحات الاقتصادية التي بدأت في العام 1980 فإن مئات ملايين العمال الذين يهاجرون داخل الصين ويستفاد منهم لبناء المدن لا يملكون الهوكو وليس لهم حق الحصول على التقديمات التي يستفيد منها سكان المدن مثل تعليم الأطفال والاستفادة من الخدمات الصحية، وتقدر بعض المصادر أن هناك نحو ربع مليون طفل في العاصمة بكين وحدها محرومين من حق التعليم للأسباب ذاتها..