الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هوجة.. وموجة!

هوجة.. وموجة!
18 مايو 2009 01:00
من حق جميع أصناف و»عترات» وأنواع عائلة فيروس الانفلوانزا، الموقرة جداً عالمياً، غير المقدرة أو المحترمة عربياً، أن تشعر بالفخر، ولا مانع من ممارسة بعض التعالي على البشر، فقد نجحت على مر التاريخ المنظور في ترويع العالم، بل وأعادت، في الكثير من المراحل، صياغة شكل الحياة على الأرض، بشكل مؤقت ولكن مؤثرا جدا. «هوجة» انفلوانزا الخنازير، التى أعقبت «موجة» انفلوانزا الطيور، أوقفت رحلات جوية، وأغلقت مناطق سياحية، وعطلت مدارس ومعامل، ودمرت اقتصادات وأفقرت مدنا، لتؤكد مجدداً أن الإنسان أضعف مما يتصور، وأن سيادته على الأرض ليست سوى وهم وشعور زائف، وأن خروجه إلى الفضاء ليس سوى هروب من الأرض أو محاولة للهروب بعد أن أصبح مهدداً من أقل الكائنات حجماً وأضعفها على الإطلاق. الحديث عن الانفلوانزا بكل أنواعها وأشكالها يقودنا إلى عالم غريب عجيب تقترب بعض تفاصيله من الخيال، فالفيروس خارج الخلية «العائل»، سواء بشرية أو حيوانية أو نباتية أو أي نوع آخر، مجرد «شيء» لا يمت إلى الحياة بصلة، فهو لا يتغذى ولا ينمو ولا يتكاثر ولا يتنفس ولا يمارس أي مظهر من مظاهر الحياة، ومع ذلك فهو يستحق عن جدارة وصف «العاشق» مقروناً بـ»القاتل»، لأن لكل فيروس خلية يعشقها ولا يشعر بدفء الحياة إلا داخل نواتها أو مركز التحكم والسيطرة الخاص بها، فيروس الإيدز لا يصيب سوى خلية واحدة، دون غيرها، من خلايا الجهاز المناعي تعرف باسم الخلية «تي»، وفيروسات الانفلوانزا لا تقبل بغير معشوقة من خلايا الأغشية المخاطية المبطنة للجهاز التنفسي، وفيروسات الكبد لا ترضى بخلايا قلبية أو كلوية أو معدية. والفيروس أناني في عشقه، لا يقبل بغير السيطرة الكاملة على المعشوقة، سيطرة تفقدها هويتها وتحولها إلى معمل فيروسات أو خلايا خاضعة لسطوة الفيروسات، تأتمر بأمرها وتنقسم بطريقتها وتتصرف «على هواها». انفلوانزا الخنازير.. هل تعيد الإنسان «الطاووس» إلى رشده، ليصبح أكثر حكمة ورحمة وعدلا وإنسانية؟.. نتمنى ذلك. صلاح الحفناوي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©